اخبار فلسطين
موقع كل يوم -ار تي عربي
نشر بتاريخ: ٤ تشرين الأول ٢٠٢٥
وعود ترامب بالعودة للوضع الطبيعي عرض مغر للإسرائييليين الذين لا يهتمون بمستقبل غزة، لكن إهمال التفاصيل في الخطة يعيق الحلم. روي شفارتز – The Guardian
لم يمضِ وقت طويل حتى أصبح إنجيل دونالد رسالة يمكن للجميع في إسرائيل قبولها. وخطة العشرين نقطة لإنهاء الحرب الدائرة في غزة، التي قدمها الرئيس الأمريكي يوم الاثنين، هي كل ما حلم به الإسرائيليون؛ فأخيراً سيعود الرهائن، بعضهم إلى عائلاتهم، وبعضهم الآخر إلى قبورهم. وستزول حماس، على الأقل كمنظمة حاكمة، وسيعود الجنود إلى ديارهم. ومن المفترض أن 'خطة السلام' تعني العودة إلى الحياة الطبيعية.
قد توحي قراءة سريعة للخطة المكونة من صفحة واحدة بأن نتنياهو، وجماعته شاركوا في صياغتها. وفي بعض الأحيان، تبدو أقرب إلى قائمة مطالب إسرائيلية منها إلى تنازلات دبلوماسية. ولعل هذا هو سبب موافقة نتنياهو السريعة عليها. وحتى في ذلك الوقت، تجدر الإشارة إلى أن خطابه قدّم نسخة مختلفة قليلاً عن الخطة الواردة في الوثيقة المكتوبة، حيث ذكر أنه لا يوافق على دولة فلسطينية أو انسحاب عسكري كامل.
لكن الخطة، التي وصفها ترامب بأعظم إنجاز حضاري، تكشف بعض الثغرات التي تشكّل عقبة بالنسبة لحماس. وقد يسعد رفض حماس للخطة نتنياهو لأن ذلك سيتيح له الظهور كشخص يحاول بصدق إنهاء الحرب، والذي سيحظى بمباركة أمريكية كاملة في حال قرر استئنافها. وقد يكون هناك بعداّ أعمق للعبة باعتبار أن وقف إراقة الدماء قد يعني انهيار ائتلافه.
وفي حال وافقت حماس على الخطة من حيث المبدأ مع المطالبة بمزيد من التفاوض، يظهر سؤال آخر حول مدى مرونة إسرائيل في ظل الحكومة اليمينية المتشددة التي ترى في أي تنازل مبرراً لحلّ الائتلاف. وفي هذه الحالة سيتم اختبار مدى قدرة الولايات المتحدة على ممارسة الضغط على نتنياهو فعلياً، وفي حال فشل هذا الأمر فماذا بعد؟
لنأخذ البند 17 من الخطة الذي ينص على أنه حتى لو رفضت حماس الاتفاق أو أجّلته، فإن إسرائيل ستسلم مناطق 'خالية من الإرهاب' إلى قوة دولية. فكيف يُفترض أن يحدث ذلك بالضبط؟ كيف ستعمل هذه القوة فعلياً في منطقة حرب؟ في الواقع لا توجد إجابات على هذه الأسئلة.
وحتى لو افترضنا أن الاقتراح الأصلي سيُنفذ بمساعدة من الدول العربية والإسلامية، فلن تكون هذه نهاية الشكوك، بل البداية فقط. وكثير من الشكوك تتعلق بما يسمى باليوم التالي. حيث تعد الخطة بتقديم مساعدات إنسانية كاملة لغزة، بما في ذلك إعادة تأهيل البنية التحتية (الماء والكهرباء والصرف الصحي) والمستشفيات والمخابز، ودخول المعدات اللازمة لإزالة الأنقاض وإعادة فتح الطرق. إلا أن تخصيص الأموال غائب. ولا تقدم الوثيقة أي تفاصيل عن تكلفة ذلك أو عن الجهة التي ستقدم هذا التمويل.
وينطبق الأمر نفسه على قوة الاستقرار الدولية المقترحة؛ فأي الدول سترسل قوات؟ وكم عددها؟ ومن ستكون له السلطة الشاملة على هذه القوات؟ وكيف سيُنسقون مع جيش الدفاع الإسرائيلي؟ ومن سيتولى مسؤولية ضمان ألا تصبح غزة ساحة لصراع دول مختلفة، لكل منها مصالحها وأجنداتها الخاصة؟ وأخيرًا من سيقدم الضمانات لشعب غزة بأن كل هذا ليس مجرد شكل جديد من أشكال الاحتلال الأجنبي؟ قد تبدو هذه تفاصيل بسيطة، ولكنها ضرورية - إن لم تكن حاسمة - لجعل الخطة أكثر من مجرد نظرية.
ومع ذلك، يبدو أن النقاش العام في إسرائيل لا يكترث إلى حد كبير بمثل هذه الأسئلة. وهذا ليس مفاجئًا. فقد تجاهل عديد من الإسرائيليين كارثة غزة منذ بدء الحرب، بما في ذلك الموت الجماعي والتجويع الذي لحق بالفلسطينيين العُزّل. ومن المنطقي ألا يهتموا بكيفية تقدم غزة. ففي أغلب الأحيان، يبدو للإسرائيليين أن ما يحدث في غزة يبقى في غزة، دون أي عواقب على الطرف الآخر.
وبطريقة ما، تتوافق النهاية المقترحة للحرب مع هذه العقلية. فهناك شعور سائد بأنه إذا مضت الخطة قدماً، فستعود إسرائيل ببساطة إلى أيام ما قبل وقوعها. وسيتم نسيان كل ما حدث في غزة، باستثناء هجوم 7 أكتوبر 2023 بالطبع. ولن يكون هناك سبب للاحتجاج ضد إسرائيل عالمياً، وبالتأكيد ليس لفرض عقوبات على المسؤولين الإسرائيليين، أو الدعوة إلى استبعادهم من الأحداث الرياضية الدولية أو مسابقة الأغنية الأوروبية.
قد يبدو بقاء قطاع غزة، في المستقبل المنظور، منطقة مدمرة بلا بنية تحتية تُذكر بالنسبة لإسرائيل. كما لا يبدو أن الأمر يهمّ، إذ سيستغرق سكان غزة وقتاً طويلاً لإعادة بناء منازلهم والعودة إلى أعمالهم - أو لدفن أحبائهم والحزن عليهم. ناهيك عن احتمالية كشف المزيد من الأهوال إذا أصبحت غزة أكثر أماناً وانفتحت على الصحافة الأجنبية.
في النهاية نادراً ما تُناقش هذه القضايا، وتصبح ككتاب تاريخ تمت إعادته إلى المكتبة وإغلاقه ببساطة.
المصدر: The Guardian
المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب