اخبار فلسطين
موقع كل يوم -سما الإخبارية
نشر بتاريخ: ١٣ تموز ٢٠٢٥
يرى جنرال إسرائيلي في الاحتياط أن خطة إقامة حكم عسكري مباشر في غزة وهمٌ سيتبدد، لافتًا إلى أن ذلك يُذكّر بالأوهام التي أحاطت بإقامة واقع جديد ونظام مناسب لإسرائيل في لبنان عام 1982.
في مقال تنشره صحيفة “يديعوت أحرونوت”، اليوم الأحد، يمضي الجنرال عاموس غلعاد، القائد الأسبق لغرفة العمليات في جيش الاحتلال، في المقارنة: “آنذاك، تبدّدت هذه الأوهام على مدى 18 عامًا دموية، وانتهت بانسحاب أحادي الجانب.
قد يبدو الحكم العسكري المباشر سحريًا، إذ يُفترض أنه سيسمح بهزيمة “حماس”. لكنه في الواقع قد يُضعف إسرائيل، إذ إن الحفاظ على الحكم المباشر يكلف مليارات الدولارات، وستلزم عشرات المليارات لإعادة إعمار غزة المُدمرة. علاوة على ذلك، إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق فوري لإنهاء الوجود الإسرائيلي في غزة، فقد يُحسم مصير الرهائن، الأحياء منهم والأموات”.
7 أكتوبر جديد
ويقول، ضمن رؤيته النقدية، إن الادعاء بأنه إذا لم نهزم “حماس” حتى آخر رمق من إرهابييها، فسنحصل على 7 أكتوبر آخر، هو ادعاءٌ لا أساس له من الصحة. ويعلل ذلك بالقول: “لأن جيش الدفاع الإسرائيلي فكّكَ الهياكل العسكرية، وألحق أضرارًا بالغة بالقيادات العسكرية العليا والدنيا، على جميع مستويات المنظمة. لم يبقَ أحدٌ يُنفى من هناك تقريبًا. يجب الآن تحقيق هذه الإنجازات العسكرية من خلال تسوية سياسية، برعاية الولايات المتحدة، تبدأ بالأمر الأهم على الإطلاق: إطلاق سراح الرهائن، ونأمل أن يتم ذلك فورًا. بعد ذلك، سيكون من الممكن توسيع التحالفات الإقليمية لتشمل الدول العربية، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية، وكذلك الدول الإسلامية غير العربية مثل إندونيسيا”.
“مدينة إنسانية”
ويقول إن تطبيق خطة تجميع الفلسطينيين في “مدينة إنسانية” سيجلب لإسرائيل كارثة سياسية كبرى.
عن نتيجة هذه الخطة الإسرائيلية، التي دعت صحيفة “هآرتس” العبرية لتسميتها باسمها الحقيقي الذي يبعث على تداعيات نازية (معسكر تركيز)، يضيف غلعاد: “ستبتعد الدول العربية عن إسرائيل، وستستمر مكانتنا الدولية في التآكل، وفي النهاية، سيُدير ترامب ظهره لنا”.
من ناحية أخرى، فإن تطبيق خطة تجميع الفلسطينيين في “مدينة إنسانية” جنوب قطاع غزة سيجلب لنا كارثة سياسية كبرى. ستبتعد الدول العربية عن إسرائيل، وستستمر مكانتنا الدولية في التآكل، بل ويمكن حتى تقدير أن الرئيس الأمريكي ترامب سيتخلى عنها في نهاية المطاف، بعد أن يتعذر التوصل إلى اتفاقات مع دول المنطقة، وبالتالي سيتم إلغاء خطته للفوز بجائزة نوبل للسلام”.
وطبقًا لغلعاد، فقد أثبتت قيمة التحالف الإستراتيجي تحت راية الولايات المتحدة، المتمثل في القيادة المركزية الأمريكية، بما لا يدع مجالًا للشك، في الصراعات مع إيران، والتي تُوّجت بنجاح عملياتي نادر واستثنائي للجيش الإسرائيلي، والقوات الجوية، وجهاز المخابرات، والموساد. وفي المقابل، يقول غلعاد: “لكن ما دام النظام الإيراني القاتل قائمًا، فسيواصل سعيه لتدمير إسرائيل، بصفته قيادة دينية عليا، ولذلك يجب عزل إيران وإضعافها ومنعها من امتلاك أسلحة نووية. وسيساعد التحالف الإقليمي في هذا بشكل كبير”.
وهم خطير
علاوة على ذلك، يرى غلعاد أن افتراض إمكانية تحقيق خطة المدينة الإنسانية في رفح على أساس النفي الطوعي للفلسطينيين هو وهم خطير. وعن تبعات محتملة للفكرة الإجرامية، يقول غلعاد إن دولًا عربية رائدة، وعلى رأسها مصر والسعودية والأردن، لن تقبل بالتهجير القسري للفلسطينيين، لأن ذلك يُعد خيانةً في رأيها العام. ويضيف: “قد يجد مؤيدو الفكرة منطقًا فنيًا في ذلك، لكن هذا لا يعني أنها قابلة للتنفيذ. يستمع العالم العربي – بل العالم أجمع – إلى شخصيات مثل سموتريتش وبن غفير تهدد بطرد الفلسطينيين من غزة والضفة، أو الاستيلاء على الحرم القدسي الشريف، ويرى في ذلك تهديدًا حقيقيًا لاستقرار المنطقة”.
ويقول إنه من المهم التذكير بأن منع إقامة تحالفات إقليمية مع دول عربية معتدلة كان أحد دوافع يحيى السنوار لتنفيذ 7 أكتوبر، وهذا من أقوى الأدلة على ضرورتها.
ويزعم غلعاد أن الإنجازات العسكرية تحديدًا هي ما يكتسب أهمية، ومن المهم، برأيه، خلق واقع جديد في المنطقة، ويجب ألا تطغى الاعتبارات السياسية الداخلية على المصالح السياسية والعسكرية لإسرائيل.
الساحة الداخلية
يُضاف إلى ذلك ما يحدث على الساحة الداخلية، وعنها يقول غلعاد إنه يجب عدم قبول قانون التهرب من الخدمة العسكرية (الحريديم)، الذي يُسمى بسخرية “قانون التجنيد”، وفقًا للمخطط الذي عُرض في وسائل الإعلام. ويحذر بالقول إن هذا الطموح إلى إعفاء اليهود المتشددين جماعيًا من الخدمة العسكرية، إلى جانب العبء الواقع على الجنود النظاميين والاحتياط، وتقويض أسس الديمقراطية الليبرالية التي تقوم عليها الرؤية الصهيونية، يُشكّل تهديدًا حقيقيًا لمستقبل الدولة، مثل مبادرات الحكم العسكري في غزة والحكم العسكري في الضفة.
مفترق طرق
ويعتبر غلعاد أن إسرائيل على مفترق طرق تاريخي، وأن هذا التعبير لم يكن يومًا أصدق من الآن. ويمضي في هذا الاتجاه: “نحن بحاجة إلى قرار شجاع. إن وهم وقوف الولايات المتحدة إلى جانبنا دائمًا قد يُورّطنا ويثبت زيفه. لقد حان وقت اتخاذ قرار: عمل دبلوماسي بدلًا من الغرق في وحل غزة، كما غرقنا في وحل لبنان”.