اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ٣١ أيار ٢٠٢٥
بعد أكثر من 130 يومًا على بدء الحملة العدوانية التي يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد مخيمات شمال الضفة الغربية المحتلة، وتحديدًا مخيمات جنين وطولكرم ونور شمس، التي أدت إلى دمار واسع طال معظم المنازل والبنى التحتية ومقرات المؤسسات، وتشريد عشرات الآلاف من سكانها، لا يزال العدوان متواصلًا دون أن يكون له سقف زمني محدد.
فما الذي ينتظر مخيمات محافظتي طولكرم وجنين بعد أكثر من أربعة أشهر من العدوان؟
يؤكد اللواء محمد الصباغ، رئيس اللجنة الشعبية لخدمات مخيم جنين، أن العملية العسكرية في المخيم قد انتهت، لكن بقاء قوات الاحتلال حتى اليوم يحمل أهدافًا سياسية تتعلق بمحو المخيمات من الوجود وإزالتها من الخارطة.
مشروع احتلالي
يتابع الصباغ: هناك مشروع إسرائيلي واضح في مخيم جنين، يقوم على سياسة معلنة بعدم الانسحاب إلا بعد تفكيك المخيم، وتحويله إلى أحياء ضمن مدينة جنين تحت إدارة البلدية، وقطع علاقة وكالة الغوث به وباللاجئين، تمهيدًا لمخطط استعماري يسعى لتصفية المخيمات والوكالة الأممية المسؤولة عن رعاية اللاجئين الفلسطينيين حتى عودتهم وتعويضهم.
وقال الصباغ لـ 'فلسطين أون لاين' إن الاحتلال يحاول حسم الوضع في الضفة الغربية عبر فرض وقائع جديدة على الأرض، وطمس المخيمات باعتبارها رمزًا لقضية اللاجئين، في محاولة لطمسها وتذويبها وإنهاء أحد أبرز الشواهد الحية على نكبة عام 1948 وما ارتكبته 'إسرائيل' بحق الشعب الفلسطيني وأرضه.
ويشدد على أن مخيم جنين وسائر مخيمات الضفة الغربية تمثل عنوانًا لشعب وهوية لقضية لجوء لا يمكن التخلي عنها، مهما كانت سياسات الاحتلال في محاولته إجبار الفلسطينيين على التنازل عنها عبر بطشه وقمعه وآلته التدميرية الهائلة. مؤكدًا أن إرادة الشعب الفلسطيني أقوى من عنف الاحتلال ومساعيه لفرض سياساته الاستعمارية في الضفة.
مواقع عسكرية وبوابات حديدية
وفيما يتعلق بإجراءات الاحتلال لإحكام السيطرة على مخيم جنين، أشار الصباغ إلى أن قوات الاحتلال تسيطر على مداخل المخيم ومحيطه، وتمنع الأهالي من الاقتراب منه، بينما تواصل تحريك آلياتها ومعداتها داخل المخيم، ما يؤدي إلى مزيد من التدمير للممتلكات.
وبيّن أن قوات الاحتلال شرعت في إنشاء موقعين عسكريين ثابتين يطوقان المخيم من جهتيه الجنوبية والغربية، كما نصبت تسع بوابات حديدية في محيط المخيم، بهدف إحكام القبضة عليه ومنع عودة النازحين إلى منازلهم.
وكان وزير جيش الاحتلال، يوآف غالانت، قد صرّح خلال زيارته للمخيم بأن العملية العسكرية ستستمر حتى بداية العام المقبل.
ويعقّب الصباغ على هذا التصريح بالقول إن الاحتلال يهدف من خلال إطالة أمد العدوان إلى دفع النازحين إلى فقدان الأمل في العودة بعد مرور عام كامل، ودفعهم نحو الاندماج في مناطق أخرى خارج المخيم.
وقد دمرت قوات الاحتلال قرابة 700 منزل، وألحقت أضرارًا بالغة بما تبقى من منازل المخيم، علاوة على تدمير مقرات مؤسسات خدمية وصحية وتعليمية، والبنية التحتية، إلى جانب تهجير قسري لنحو 20 ألف فلسطيني من المخيم ومحيطه.
تخبط وغياب رؤية
ولفت الصباغ إلى أن مخيم جنين كان قبل العدوان من أكثر المناطق فقرًا في الضفة الغربية، والأقل دخلًا للفرد، وجاء النزوح ليزيد من تردي الأوضاع المالية والاقتصادية لسكانه، ويجردهم من ممتلكاتهم، ويُفقدهم مصدر رزقهم، ويتركهم في مواجهة وضع مأساوي دون دعم أو إسناد فعلي يخفف من الديون التي تراكمت عليهم بسبب العدوان.
ووصف دور وكالة الغوث والحكومة في رام الله بـ'الضعيف' في دعم النازحين وإغاثتهم، مرجعًا ذلك إلى حالة التخبط من جميع الجهات، وغياب الرؤية منذ البداية، إضافة إلى شح الإمكانات التي كان يفترض تخصيصها لتعزيز صمود المواطنين. ومع ذلك، أشار إلى وجود تحركات حالية من الحكومة والأونروا لتنفيذ برامج إغاثية للنازحين.
وأكد الصباغ أن المطلوب اليوم هو تنفيذ خطة عاجلة لتعزيز صمود المواطنين على الأرض وحمايتها من الضياع، مشيرًا إلى غياب مقومات حقيقية في الضفة الغربية لمواجهة بطش ترسانة الاحتلال التي تدمر كل ما يعترض طريقها، ليس في جنين فقط، بل في سائر أنحاء الضفة.
وأشار إلى ضعف التدخل الدولي لكبح جماح الاحتلال، لافتًا إلى أن الدور الدبلوماسي الدولي لا يزال محدودًا ولا يرقى إلى مستوى الكارثة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني.
ويشدد على أن التحركات الدولية، وخاصة الغربية، لا تأتي استجابة للقيم الإنسانية أو مبادئ العدالة، بل نتيجة ضغوط شعبية داخلية في الدول الغربية، اتهمت حكوماتها بالتواطؤ أو الصمت تجاه جرائم الاحتلال.
وفي تحدٍ لهذه التحركات، أطلقت قوات الاحتلال قبل أكثر من أسبوع الرصاص مباشرة على وفد دبلوماسي غربي وعربي كان يزور محيط مخيم جنين.
واختتم الصباغ حديثه محذرًا من أن سقوط مخيم جنين سيؤدي إلى إسقاط كل مخيمات الضفة الغربية، وسنكون أمام فصل أكثر مأساوية في تاريخ قضيتنا، مؤكدًا أن بطش الاحتلال لن ينجح في كسر إرادة الشعب الفلسطيني الذي أسقط على مدار العقود مشاريع استعمارية عدة حاول الاحتلال فرضها بالقوة.