اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ٢١ أب ٢٠٢٥
بعد إعلان حركة المقاومة الإسلامية حماس موافقتها على المقترح الجديد الذي قدمه الوسطاء المصريون والقطريون لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، تبدو الكرة الآن في ملعب رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، لكن التساؤل المطروح هو: هل يلتقط هذه الفرصة لإنهاء الحرب، أم أن الجهود ستصطدم بمراوغاته وألاعيبه كما حدث في المرات السابقة؟
ووفق ما أوضح المتحدث باسم الخارجية القطرية ماجد الأنصاري في مؤتمر صحفي، أول من أمس، فإن المقترح الذي وافقت عليه حماس يتضمن مسارا لوقف دائم لإطلاق النار، وهو 'أفضل ما يمكن تقديمه حاليا' للحفاظ على أرواح المدنيين في غزة.
ولم تحدد (إسرائيل) التي يقول وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، إن الكرة في ملعبها، حتى الآن موقفها، لكنها سربت تصريحا لمسؤول سياسي رفيع في مكتب رئيس الوزراء، قال فيه إن (إسرائيل) تطالب بالإفراج عن جميع الأسرى الـ50 من قطاع غزة، وذلك كما نقلت هيئة البث الإسرائيلية.
سياسة المناورة
ويرى النائب العربي السابق في الكنيست سامي أبو شحادة أن نتنياهو يواصل سياسة المناورة منذ أشهر، رغم أنه كان قادرًا على توقيع صفقة لوقف إطلاق النار، لكنه يستفيد من غياب أي معارضة إسرائيلية جدية تحمل مشروعًا سياسيًا مغايرًا.
وقال أبو شحادة لصحيفة 'فلسطين': 'كل الخلافات داخل الخارطة الحزبية الإسرائيلية لا تتجاوز حدود الأسلوب والتكتيك، بينما يغيب الخطاب الإنساني العادل القائم على رفض حرب الإبادة واحترام القوانين الدولية، ولا يوجد من يعارض المس بالأبرياء أو يرفض الحرب من دوافع أخلاقية حقيقية'.
وأوضح أن النقاش الدائر في الساحة السياسية الإسرائيلية ينحصر في زاوية المعاناة الإسرائيلية وحدها، ويتجاهل الضحية الفلسطينية، وهو ما يعكس 'حالة العمى والعنصرية المتجذرة في المجتمع الإسرائيلي وأحزابه تجاه كل ما هو عربي'.
وأشار إلى أن وزراء اليمين المتطرف بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير يصرّون منذ بداية الحرب على المضي في 'الخطة الحقيقية' التي تم تسريبها ثم نفتها حكومة الاحتلال، وهي تهجير سكان غزة بشكل كامل وتنفيذ تطهير عرقي تمهيدًا لإعادة الاستيطان في القطاع. وأضاف: 'هذا ليس تحليلًا سياسيًا بل تصريحات موثقة ومعلنة منذ اليوم الأول للحرب، إذ تتحدث (إسرائيل) بوضوح عن الإبادة والتهجير، ويكرر ذلك رئيس الحكومة ووزراؤه والجيش بشكل سافر'.
مأزق نتنياهو
من جهته، يرى الكاتب والمحلل السياسي يسري عبيد أن نتنياهو يعيش مأزقًا معقدًا بين ضغوط عائلات الأسرى والوسطاء من جهة، وبين الجناح اليميني المتطرف في حكومته من جهة أخرى، والذي يهدد بالانسحاب وإسقاط الحكومة إذا أبرم صفقة مع حركة حماس.
وأوضح عبيد لـ'فلسطين'، أن حماس قدمت مرونة كبيرة وتنازلات متدرجة خلال جولات التفاوض السابقة، لكن نتنياهو كان يرفض التوقيع على أي اتفاق 'خوفًا من انهيار حكومته، وحفاظًا على مستقبله السياسي'، إذ يدرك أن وقف الحرب سيقود إلى تشكيل لجان تحقيق قد تُنهي مسيرته السياسية.
وأضاف: 'اليوم نتنياهو بين ضغوط أهالي الأسرى الذين يتظاهرون بعشرات الآلاف في الشوارع، وبين تهديدات المتطرفين داخل حكومته، وهو يحاول التريث وكسب الوقت عبر استمرار العمليات العسكرية على أمل انتزاع تنازلات أكبر من حماس، أو حتى الوصول إلى ما يسميه حالة استسلام يروجها داخليًا على أنها إنجاز'.
وأشار إلى أن الخلافات داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية حول عملية اجتياح غزة كانت حادة، حيث هدد رئيس الأركان إيال زمير بالاستقالة إذا أصرت الحكومة على احتلال القطاع بالكامل، لافتًا إلى أن بعض المسؤولين الإسرائيليين يقرون بأن الإعلان عن العملية العسكرية هدفه الضغط على حماس للحصول على أكبر قدر من التنازلات.
وبحسب عبيد، فإن (إسرائيل) لم تعر اهتمامًا حقيقيًا للمقترحات المصرية والقطرية السابقة، بل ضربتها عرض الحائط رغم الضغوط التي مورست على حماس للقبول بها. وتابع: 'الداخل الإسرائيلي يحمل نتنياهو مسؤولية إفشال الصفقة، خصوصًا أهالي الأسرى الذين يرفضون السماح له بإضاعتها، لكنه يواصل المراوغة، محاولًا كسب الوقت وممارسة ضغوط إضافية على حماس، بدعم أميركي كامل'.
وخلص عبيد إلى أن نتنياهو يسعى إلى 'المفاوضة تحت النار'، حيث يستخدم التهديد باحتلال غزة واستدعاء قوات الاحتياط كورقة ضغط للحصول على تنازلات أكبر، في إطار استراتيجية تقوم على الجمع بين مواصلة العدوان على غزة والسعي إلى فرض استسلام كامل على حماس، وفق قوله.
وينص المقترح الجديد -وفق التسريبات- على تبادل 10 أسرى إسرائيليين أحياء و18 جثة مقابل 1700 أسير فلسطيني منهم 45 من ذوي المؤبدات و15 من ذوي الأحكام العالية، على أن تستمر الهدنة 60 يوما يجري فيها التفاوض على وقف شامل للحرب.
وخلّفت الإبادة الإسرائيلية أكثر من 62 ألف شهيد، و156 ألف مصاب من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، ومئات آلاف النازحين، ومجاعة أزهقت أرواح 266 شخصا، منهم 112 طفلا.