اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ١٦ تموز ٢٠٢٥
مع كل جولة جديدة من مفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة، تعود إسرائيل لترويج تسريبات إعلامية تتحدث عن 'مرونة كبيرة' و'تعديلات جوهرية' في خرائط الانسحاب، ما يخلق انطباعًا بحدوث تقدم فعلي في المفاوضات. إلا أن محللين سياسيين يرون أن هذه التسريبات لا تعكس نوايا سياسية حقيقية بقدر ما تمثل جزءًا من استراتيجية دعائية تستخدمها حكومة بنيامين نتنياهو للضغط والتشويش.
الكاتب والمحلل السياسي الدكتور إياد القرا يرى أن إسرائيل لا تفاوض على إنهاء احتلالها، بل تسعى لتكريسه من خلال أدوات ناعمة ومسميات تبدو إنسانية، لكنها تُخفي أهدافًا أمنية واستراتيجية.
يؤكد القرا أن ما يتم تسريبه من خرائط 'معدّلة' يتضمن احتفاظ إسرائيل بمساحات واسعة من قطاع غزة تحت عناوين مثل 'مناطق آمنة' أو 'مربعات إنسانية'، تفصل الفلسطينيين عن بيوتهم وتُبقي الاحتلال عمليًا، حتى وإن انسحب شكليًا من بعض المناطق.
'إسرائيل تقدم خرائط تبتلع 40% من القطاع، ثم تعود وتتراجع عنها بشكل جزئي، لتبدو مرنة أمام الوسطاء'، يقول القرا، مضيفًا: 'لكن جوهر الخطة يبقى كما هو: إعادة إنتاج السيطرة الإسرائيلية وليس تفكيكها'.
وأشار القرا إلى أن المساعدات الإنسانية تُستخدم كغطاء للهيمنة الأمنية، حيث تصر إسرائيل على التحكم في إدخالها وتوزيعها، ما يحوّل العمل الإغاثي من استجابة إنسانية إلى أداة ضغط سياسي.
'حين ترفض المقاومة الشروط الإسرائيلية، تُتّهم بعرقلة المساعدات، بينما الحقيقة أن الاحتلال يربط المساعدات بالخرائط لا بالاحتياج الإنساني'، يقول القرا.
يرى القرا أن 'إسرائيل تسعى إلى سحب النقاش من الملفات الجوهرية مثل وقف الحرب والانسحاب الكامل والإعمار، إلى ملفات فنية تتعلق بالممرات، وخطوط الإمداد، والنقاط اللوجستية'.
ويضيف أن هذا الأسلوب يهدف إلى 'تمييع جوهر الصراع وتحويل الاحتلال إلى مسألة إدارية، لا قضية سياسية وحقوقية ترتبط بالتحرر الوطني'.
يلفت القرا إلى أن الإعلام الإسرائيلي، لا سيما خلال مراحل التفاوض، يتحول إلى أداة ناعمة لإدارة الصراع. 'هذه التسريبات ليست أخبارًا صحفية، بل جزء من استراتيجية تفاوضية تهدف إلى تهدئة الداخل الإسرائيلي، وإرباك الجبهة الفلسطينية، وإقناع المجتمع الدولي بأن الاحتلال يتقدم نحو اتفاق'، بحسب القرا.
في ظل هذه المعطيات، يخلص الدكتور القرا إلى أن 'إسرائيل لا تفاوض بجدية، بل تراوغ لتثبيت احتلالها وإعادة إنتاج أدوات السيطرة عبر غطاء تفاوضي'.
ويختم القرا تحليله بالتساؤل: 'هل الساعات المقبلة ستكشف عن اتفاق حقيقي، أم أننا أمام جولة جديدة من الخداع السياسي والمجازر المكثفة لفرض الشروط بالقوة؟'.