اخبار فلسطين
موقع كل يوم -وكالة شهاب للأنباء
نشر بتاريخ: ٢٤ تموز ٢٠٢٥
لم يكن محمد فرج الغول مجرّد اسم على لائحة نواب المجلس التشريعي الفلسطيني، ولا مجرّد وزير سابق، بل كان رجل قانون شجاعًا، حمل فلسطين في قلبه، وأدار قلمه كأنّه سيفٌ في وجه الظلم، وارتدى عباءة العدالة في زمن عزّ فيه العدل.
فجر اليوم الثلاثاء، ارتقى الغول شهيدًا، بعدما استهدفته غارة صهيونية غادرة، طوت فصلًا جديدًا من فصول اغتيال العقول الوطنية، في عدوان لا يميز بين مقاتل وطبيب، ولا بين طفل وقاضٍ.
المولد والدراسة
وُلد محمد فرج الغول عام 1957 في مدينة رفح، أقصى جنوب قطاع غزة، وتلقّى تعليمه الجامعي في كلية الحقوق بجامعة القاهرة.
وحصل على درجة الماجستير في القانون الدولي وحقوق الإنسان من جامعة العالم الأميركية، كما درس في معهد الدراسات الإسلامية 'الباقوري' في العاصمة المصرية القاهرة.
فارس الدعوة والقانون
الغول، البالغ من العمر 67 عامًا، كان من أبرز الوجوه القانونية والحقوقية في فلسطين، وصوتًا بارزًا في مواجهة انتهاكات الاحتلال الصهيوني.
بدأ حياته في ميادين الدعوة والعمل المجتمعي، ثم أصبح أحد مؤسسي العمل الإسلامي في قطاع غزة، ورفيقًا لمؤسس حركة 'حماس' الشهيد الشيخ أحمد ياسين.
وفي مشواره المهني، أسّس الغول مؤسسة 'دار الحق والقانون لحقوق الإنسان'، وأدار مكتبًا للمحاماة، مدافعًا عن الأسرى، وملاحقًا جرائم الاحتلال في المحافل القانونية والدولية.
وفي عام 2007، انتُخب الغول عضوًا في المجلس التشريعي الفلسطيني عن كتلة التغيير والإصلاح، ممثلًا لمحافظة غزة، وحقّق أكثر من 71 ألف صوت. كما شغل رئاسة اللجنة القانونية في المجلس ذاته.
كما ترأّس الشهيد الغول اللجنة الحكومية المكلّفة بمتابعة توصيات تقرير 'غولدستون' الأممي حول العدوان على غزة عام 2009.
وشغل منصب وزير شؤون الأسرى والمحرّرين، ثم وزير العدل في الحكومة الفلسطينية التي شكّلتها حركة 'حماس' برئاسة الشهيد إسماعيل هنية عام 2006.
وشارك الغول في صياغة عدد من التشريعات، إلى جانب مشاركته في مؤتمرات وفعاليات قانونية وبرلمانية على المستويين المحلي والدولي.
حماس تنعى
وفي بيان رسمي، نعت حركة المقاومة الإسلامية 'حماس' الشهيد الغول، قائلة: 'نحتسب عند الله الشهيد القائد والنائب والمجاهد الصابر محمد فرج الغول، الذي ارتقى صباح اليوم في جريمة اغتيال صهيونية جبانة، وهو على طريق الدعوة وخدمة شعبه وقضيته'.
وأضافت أن 'الشهيد الغول كان صوتًا للحق، ولسانًا للمظلوم، ومدافعًا جسورًا عن الثوابت، لا تلين له قناة، ولا تنكسر له عزيمة'.
وأشارت 'حماس' إلى أن الغول اعتُقل مرارًا على يد قوات الاحتلال، لكنه بقي ثابتًا، لا يساوم على حقوق شعبه، ولا يتراجع عن مواقفه الوطنية.
وأكّدت الحركة أن استشهاد الغول يُعد 'خسارة جسيمة لفلسطين، ولحركة المقاومة التي ودّعت اليوم قامة قانونية ووطنية لا تتكرر'، مشدّدة على أن دماء الشهداء 'لن تذهب هدرًا'، وأن الاغتيالات 'لن تزيد الحركة إلا تمسكًا بخيار المقاومة'.
رحيل بحجم الوطن
ويأتي اغتيال الغول في ظل عدوان صهيوني متصاعد، خلّف منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أكثر من 197 ألف شهيد وجريح، بينهم آلاف الأطفال والنساء، إضافةً إلى ما يزيد على 10 آلاف مفقود، في ظل حصار خانق ودمار واسع في القطاع، وصفته منظمات حقوقية دولية بأنه جريمة إبادة جماعية، وانتهاك صارخ للقانون الدولي.
وبرحيل محمد فرج الغول، تفقد فلسطين أحد رموزها القانونية، وقامة برلمانية عرفتها المنابر الحقوقية والمحاكم الدولية، وتفقد غزة رجلًا نذر عمره للدفاع عن قضاياها، حتى ارتقى شهيدًا على ترابها.