اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ٣٠ حزيران ٢٠٢٥
بعد عام ونصف من الانتظار الثقيل، والبحث المضني بين المستشفيات والمقابر وقوائم المفقودين، أسدلت غزة الستار عن واحدة من قصص الفقد التي تتكرر في صمت. في منطقة البيدر غرب وادي غزة، عُثر على رفات الشاب حسام البردويل، الذي فُقد في ظروف غامضة منذ أكثر من 18 شهراً، بعد أن تعرفت عليه والدته من بقايا ملابسه المهترئة.
لم تكن نهاية الغياب المفجع سوى بداية لوجعٍ جديد يثقل قلوب آلاف العائلات الفلسطينية، التي تتحول أحلامها بلقاء الغائبين إلى يقين موجع محفوف بالألم واللوعة.
قصة حسام أثارت تفاعلاً واسعاً على منصات التواصل الاجتماعي، حيث تداول ناشطون صورًا ومعلومات عن جثمان مجهول عُثر عليه تحت شجرة تين في منطقة البيدر، قبل أن تتمكن العائلة من الوصول إلى المكان، وتتعرّف والدته عليه من قميصه الممزق وقطعة قماش كانت شاهدة على رحلته الأخيرة خارج المنزل.
بحسب روايات متداولة، أظهرت بقايا الجثمان المتحلل أن حسام كان قد حاول إسعاف نفسه بربط جرح في فخذه الأيسر، على أمل وقف النزيف، إلا أن محاولته لم تنجح، وبقي وحيداً حتى لفظ أنفاسه الأخيرة في المكان ذاته.
'قلتُ لها مبروك'، كتب أحد المغردين تعليقاً على لحظة التعرف على الجثمان. وأضاف: 'نعم، مبروك، لأنني مجرّب هذه الفرحة الممزوجة بالحزن، تلك اللحظة التي تتمنى فيها من الناس أن يهنّئوك لا أن يعزّوك، لأنك أخيرًا وجدت فقيدك بعد طول الانتظار'.
ورأى ناشطون أن ما جرى مع حسام ليس استثناءً، بل جزء من مأساة متواصلة، يعيشها سكان غزة تحت الحصار والقصف المتواصل. 'هذه ليست مجرد جثة، بل وثيقة على وحشية العالم'، كتب أحدهم. 'شاب حاول أن يعيش، أن يسعف نفسه، لكن لا أحد وصل إليه'.
وأشارت تعليقات كثيرة إلى أن هناك مئات القصص المشابهة لعائلة حسام، إذ لا تزال عائلات فلسطينية عديدة تنتظر خبراً عن أبنائها المفقودين، بعضهم يُعثَر عليهم تحت الأنقاض، وبعضهم يظل مفقوداً إلى أن تُرشدهم قطعة قماش، أو صورة ممزقة، إلى الختام المؤلم.
في غزة، حيث الموت حاضرٌ في كل شارع وزاوية، يصبح العثور على الجثمان بعد غياب طويل 'فرحة باهظة الثمن'، كما وصفها أحد المغردين: 'هنا، تُقاس النهايات بالدمع والأنفاس المكتومة.. لا وداع، فقط يقين أخير أن من رحل لن يعود'.
وترتكب 'إسرائيل' منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 وبدعم أميركي، إبادة جماعية في قطاع غزة، تشمل قتلا وتجويعا وتدميرا وتهجيرا، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلفت الإبادة نحو 190 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم أطفال، فضلا عن دمار واسع.