اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ١٦ تموز ٢٠٢٥
كشفت مسؤولة التغذية في مستشفى العودة بقطاع غزة، د. رنا زعيتر، عن حقائق صادمة تتعلق بتداعيات سوء التغذية الحاد الذي يعصف بالأطفال والنساء منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على القطاع في السابع من أكتوبر 2023.
وقالت زعيتر لـ 'فلسطين أون لاين': 'إن ما يحدث في غزة اليوم ليس مجرد جوع، بل إبادة صامتة تهدد جيلاً كاملاً بالموت أو الإعاقة مدى الحياة'.
وأكدت زعيتر أن أكثر من 71 ألف طفل دون سن الخامسة باتوا بحاجة إلى تدخل علاجي عاجل لسوء التغذية، بينما تواجه 470 ألف أسرة خطر المجاعة الكارثية – المستوى الخامس حسب التصنيفات الدولية.
وأضافت: 'الاحتلال دمّر 75% من الحقول الزراعية، وقطع الإمدادات الغذائية والدوائية، وحوّل غزة إلى أرض جوع وخوف'.
وبينت أن نسبة كبيرة من الأطفال بدأت تظهر عليهم أعراض التقزم الحاد، مشيرة إلى أن التقزم لا يعني فقط قصر القامة، بل يؤثر أيضًا على نمو الأعضاء الداخلية كالكبد والكلى، ويزيد من فرص الإصابة بأمراض مزمنة مستقبلية كأمراض القلب والسكري.
وأوضحت زعيتر أن سوء التغذية لا يقتصر على الجسد فقط، بل يضرب القدرات العقلية والمعرفية للأطفال في مهدها، لافتة إلى أن 'نقص اليود والحديد وفيتامين A خلال السنوات الأولى من عمر الطفل يؤدي إلى تلف دائم في الدماغ، وانخفاض في معدل الذكاء، وصعوبات تعلم، وحتى إعاقات ذهنية دائمة'.
كما حذرت من أن 10% من الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد الوخيم معرضون لخطر الموت المفاجئ، بينما ينجو بعضهم بجراح وإعاقات لن تندمل.
نساء مهددات
وفيما يتعلق بالنساء، أكدت د. زعيتر أن هناك ما لا يقل عن 17 ألف امرأة حامل ومرضعة يعانين من سوء تغذية حاد، الأمر الذي يزيد من احتمالات وفاة الأمهات، وحدوث ولادات مبكرة، وإنجاب أطفال بوزن منخفض جدًا يعانون من ضعف المناعة وسوء الصحة منذ اللحظة الأولى للحياة.
وأضافت: 'إن سوء التغذية لدى النساء لا يهدد فقط الجنين، بل يعمّق مأساة المرأة نفسها نفسيًا وجسديًا، ويجعلها أكثر عرضة للأمراض المزمنة ونقص المعادن الحيوية مثل الكالسيوم والحديد'.
وكشفت زعيتر أن النقص الحاد في البروتينات والفيتامينات يسبب ظهور أمراض مزمنة مبكرًا، مثل فقر الدم الحاد، هشاشة العظام، ومشاكل في القلب والأوعية الدموية، وهي أمراض بدأت بالفعل بالظهور بين أطفال ومراهقي القطاع.
كما سلطت الضوء على البعد النفسي للأزمة، مؤكدة أن 'الطفل الذي ينشأ على الجوع يصبح مشروعًا لمستقبل مظلم مليء بالقلق والاكتئاب والعزلة الاجتماعية، وقد يلجأ لاحقًا إلى سلوكيات عنيفة نتيجة الإحباط والحرمان'.
وفي تطور لافت، حذرت منظمات أممية ودولية من الانهيار الوشيك للوضع الغذائي في غزة، فقد قالت منظمة اليونيسف في بيان لها: 'أطفال غزة يتضورون جوعًا، وسوء التغذية بلغ مستويات حرجة تهدد أرواح آلاف الأطفال في ظل نقص الأغذية الأساسية والرعاية الصحية'.
من جانبها، صرحت منظمة الصحة العالمية أن 'الوضع في غزة يُعد من بين أسوأ الكوارث الغذائية والإنسانية في العالم حاليًا'، مشيرة إلى أن الحرمان المتعمد من الغذاء والماء والرعاية الصحية يرقى إلى مستوى جريمة حرب.
وفي وقت سابق، وصفت مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بالحق في الغذاء ما يجري في غزة بأنه 'تجويع منهجي للسكان المدنيين'، مؤكدة أن الاحتلال 'يستخدم الجوع كسلاح في حربه المستمرة'.
كما أكدت أوكسفام أن كمية الغذاء التي سُمح بدخولها إلى غزة منذ أكتوبر الماضي لا تتجاوز 2% من الحد الأدنى المطلوب، محذرة من أن 'كل يوم تأخير في إدخال الغذاء هو يوم يُحكم فيه على طفل بالموت أو الإعاقة'.
وختمت د. زعيتر حديثها بتحذير صادم: 'إذا استمرت هذه الإبادة الجماعية بنظام التجويع، فإن غزة لن تخسر فقط أجسادًا صغيرة، بل ستخسر عقولًا، وأحلامًا، وطاقات بشرية كانت قادرة على النهوض من تحت الركام. الاحتلال لا يقتل بالرصاص فقط، بل يقتل ببطء عبر الجوع والتجفيف والإهمال المتعمّد'.