اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ٩ تشرين الثاني ٢٠٢٥
منذ أن شهدت غزة و السودان فجر الاستقلال، كانت رحلة النضال والتحديات المشتركة في هذين المكانين تشبه مسيرة طويله من الأمل، الصمود، والتضحية، على الرغم من التفاوت الجغرافي والثقافي بين غزة في الشرق الفلسطيني و السودان في قلب أفريقيا، إلا أن التاريخ كان شاهدًا على تجارب متشابكة في المقاومة والتحدي ضد الاستعمار والظلم. غزت الحروب والتقلبات السياسية كلاً من غزة والسودان، لكنهما ظلا رمزين من رموز النضال الوطني والإقليمي، تعد غزة واحدة من أقدم مدن العالم، وتتمتع بتاريخ طويل من المقاومة ضد مختلف القوى الاستعمارية. منذ العهد العثماني وحتى الاحتلال البريطاني لفلسطين في بداية القرن العشرين، كانت غزة تمثل خط المواجهة الأول ضد محاولات الاستعمار. ومع إعلان دولة إسرائيل عام 1948، تحولت غزة إلى رمز من رموز النضال الفلسطيني ضد الاحتلال.
ومع مرور الزمن، أصبحت غزة مركزًا للعديد من الثورات الفلسطينية التي قامت لمجابهة الاحتلال الإسرائيلي. في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، ظهرت الانتفاضات الفلسطينية كمرحلة جديدة من المقاومة الشعبية التي قادها المواطنون الفلسطينيون في المدن والقرى، وكان لغزة دورٌ محوري في إلهام هذه الحركات الثورية. وما زالت غزة تمثل رمزًا للصمود، إذ رغم الحصار المستمر والمواجهات العسكرية، يظل أهلها ثابتين في قناعاتهم بحقهم في الحياة الحرة والكريمة.
اليوم، غزة تمثل شاهدًا حيًا على الصمود في مواجهة كل أشكال العدوان، ويبقى أمل تحرير فلسطين حيًا في قلوب الفلسطينيين، على الرغم من التحديات العديدة.
بعيدًا عن السواحل الفلسطينية، في قلب القارة الأفريقية، كان السودان يشهد رحلة من التضحيات والنضال، لم تختلف كثيرًا عن رحلة غزة. تاريخ السودان مليء بالحروب والصراعات الداخلية، لكن أيضًا بثوراتٍ وانتصارات كانت تفضي دائمًا إلى الأمل في بناء دولةٍ حرة ومستقلة.
ومنذ فترة الحكم العثماني ثم البريطاني، ظل الشعب السوداني يناضل من أجل الاستقلال. وبعد تحرره في عام 1956، بدأ السودان في مواجهة تحديات هائلة؛ بدءًا من الحروب الأهلية التي عانى منها شمال السودان وجنوبه، وصولاً إلى الانقسام الذي نتج عنه استقلال جمهورية جنوب السودان عام 2011.
لكن السودان لم يتوقف أبدًا عن السعي نحو الوحدة والحرية، حيث شهدت البلاد ثورات عديدة، أبرزها ثورة 2019 التي أطاحت بنظام الرئيس عمر البشير، محدثة تغييرًا كبيرًا في المشهد السياسي السوداني، على الرغم من التحديات، لا يزال السودان يعد مثالًا على الإرادة الوطنية التي لا تقهر.
ما يربط غزة و السودان ليس فقط التاريخ المشترك في النضال ضد الاستعمار، بل أيضًا التضامن المستمر بين الشعبين في مواجهة التحديات المختلفة، فمنذ بداية الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، كان السودان واحدًا من الدول العربية التي دأبت على دعم القضية الفلسطينية بكل الوسائل الممكنة، سياسيًا وإنسانيًا، كما أن حركة التضامن العربية والإفريقية التي تجسدت في العديد من المواقف كان لها أثر واضح في دعم النضال الفلسطيني.
في الوقت نفسه، لم يقتصر تضامن الشعب الفلسطيني على الجانب السياسي فقط، بل امتد أيضًا إلى دعم الشعب السوداني في محنته، فغزة، التي عاشت معاناة الحروب والاحتلال، كانت على دراية بكل معاناة الشعب السوداني، وكانت دائمًا تواكب القضايا السودانية بحس إنساني عميق.
اليوم، يواجه كل من غزة و السودان تحديات جديدة لا تقل صعوبة عن التحديات التي خاضوها في الماضي. في غزة، الحصار المستمر والعدوان الإسرائيلي الدائم شكلوا بيئة معقدة، لكن المقاومة لا تزال حية في قلوب أبناء الشعب الفلسطيني الذين يستمرون في النضال من أجل العودة والحرية.
أما في السودان، فبعد ثورة 2019، لا يزال الشعب السوداني يواجه صعوبات في بناء دولة ديمقراطية ومزدهرة. التحديات السياسية والاقتصادية، بالإضافة إلى الفوضى التي خلفتها الحروب الأهلية في العديد من مناطق السودان، تجعل من التحدي المزدوج في إعادة بناء الدولة السودانية أمرًا معقدًا.
ومع ذلك، فإن إرادة الشعبين لا تزال صلبة، غزة والسودان يشتركان في مسيرة من الصمود والتحدي المستمر، وهو ما يمنحهما القدرة على مواجهة أي عقبة قد تعترض طريقهما.
إن غزة و السودان، على الرغم من تباين الظروف الجغرافية والسياسية، يجمعهما تاريخ طويل من النضال المستمر ضد الاحتلال والظلم. إن الشعبين، بغض النظر عن التحديات التي مروا بها، أظهروا قدرة هائلة على مقاومة قوى الظلم، سواء كانت استعمارية أو داخلية، واستطاعوا الحفاظ على هويتهم الوطنية.
هذه القصة المشتركة بين غزة والسودان، ليست فقط عن النضال من أجل الاستقلال، بل هي أيضًا عن الفخر والعزيمة في مواجهة الصعاب. اليوم، يعكف كل منهما على بناء مستقبله، رغم الرياح العاتية التي تهب في وجهه، لكن، كما أظهرت تاريخ هذه الشعوب، فإن الأمل لا يموت في قلوبهم أبدًا.

























































