اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ٢٢ تموز ٢٠٢٥
قدّم رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي، الجنرال إيال زامير تقييماً استراتيجياً صريحاً وصف فيه القتال في قطاع غزة بأنه من أعقد المعارك التي خاضها الجيش، معرباً عن حجم التحديات والتعقيدات التي تواجه القوات الإسرائيلية في مواجهة المقاومة الفلسطينية.
جاء هذا التقييم جاء خلال اجتماع مع كبار القادة العسكريين، حيث تم استعراض تقديرات استخباراتية واستراتيجية تشمل جميع الجبهات، مع التركيز على صعوبة الحملة المستمرة في غزة والتي امتدت لأكثر من عامين دون تحقيق نتائج حاسمة.
وأشار رئيس الأركان إلى أن طبيعة المعركة في غزة تتطلب تغييراً في مفهوم الأمن لدى الجيش، مشدداً على أن القتال لا يقتصر على المواجهة التقليدية بل يشمل الدفاع من خلال الهجوم، والحفاظ على مناطق أمنية قريبة من التجمعات السكانية، بالإضافة إلى ضرورة التعامل مع نوايا وقدرات العدو بواقعية.
وأكد أن الجبهات المختلفة لا تشبه بعضها في الأهداف أو الأساليب، خاصة في قطاع غزة الذي شهد تكتيكات معقدة ومقاومة غير تقليدية أثرت على مسار العمليات بشكل كبير.
وأكد رئيس الأركان أن استمرار القتال في غزة أرهق الجيش الإسرائيلي على المستويات القتالية والمعنوية، مشيراً إلى أن التحديات تتطلب صبراً استراتيجياً وقيماً راسخة وتماسكاً داخلياً في المؤسسة العسكرية.
واعتبر أن عام 2026 سيكون عاماً محورياً للجيش، يسعى فيه لاستعادة الجهوزية والكفاءة وتحقيق الإنجازات عبر استغلال الفرص العملياتية، لكنه في الوقت ذاته لم يخفِ حجم المأزق والضغط الكبير الذي تفرضه المعركة المستمرة في قطاع غزة.
تشير تصريحات رئيس أركان جيش الاحتلال إلى عمق المأزق العسكري والاستراتيجي الذي تعيشه إسرائيل بعد مرور قرابة عامين على عدوانها المتواصل على قطاع غزة.
من جهتها، نقلت إذاعة جيش الاحتلال سلسلة من الشهادات الداخلية لجنود وضباط، كشفت عن تآكل الروح المعنوية داخل صفوف القوات النظامية والاحتياط، حيث أبلغ قادة كتائب أنهم غير قادرين على تجميع جنودهم لجولات جديدة من القتال.
ويؤكد العقيد الركن المتقاعد نضال أبو زيد، الخبير العسكري والإستراتيجي، أن تصريحات زامير الأخيرة تعكس تشاؤمًا استراتيجيًا متزايدًا، وترسخ حالة من التخبط في القرار العسكري، بعد فشل كل الخطط الميدانية المتعاقبة بدءًا من 'السيوف الحديدية'، مرورًا بـ'خطة الجنرالات'، ووصولًا إلى 'عربات جدعون'، التي وصفها أبو زيد بـ'السيئة الصيت' بعد أن أخفقت في تحقيق أي تقدم يُذكر رغم زجّ خمس فرق قتالية بدعم ناري مكثف.
ويضيف أبو زيد أن الجيش الإسرائيلي ما زال يعتمد تكتيكات تقليدية في مواجهة مقاومة ذات بنية غير تقليدية عالية التنظيم والفعالية، وهو ما أدى إلى فشل متكرر على الأرض رغم الادعاء السياسي بمواصلة السعي لتحقيق أهداف مثل تدمير حماس أو إعادة الأسرى.
وتابع أبو زيد أن زامير تبنى في بداية العملية مفهوم 'صفر خسائر'، معتقدا أن القوة النارية المركزية قد تضمن تفوقا ميدانيا سريعا، لكنه اصطدم بتعقيدات الواقع الميداني ومتانة البنية العسكرية للمقاومة، وهو ما أعاد الخطاب العسكري الإسرائيلي إلى المربع ذاته الذي انتهى إليه سلفه هرتسي هليفي قبل استقالته.
وفي ظل تصاعد الخسائر الميدانية، التي بلغت رسميًا 893 قتيلًا و6108 جريحًا في صفوف جيش الاحتلال، يرى أبو زيد أن كبار الضباط يدركون عمق المأزق، ويبدأ بعضهم بالتلميح إلى ضرورة الخروج الدبلوماسي من 'مستنقع غزة'، رغم إصرار الحكومة الإسرائيلية على إنكار الواقع ومواصلة التصعيد.
وفي الإطار، كشفت إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي عن تصاعد الأزمات النفسية والاجتماعية في صفوف الجنود والضباط على خلفية الحرب المستمرة، حيث تحدّث جنود احتياط عن ارتفاع حالات الطلاق والاكتئاب، وانسحاب العديد من الأطفال من الأطر التعليمية بسبب صدمات نفسية.
وأشار قادة ميدانيون إلى صعوبة حتى تجميع كتيبة كاملة في حال تم استدعاؤها مجددًا، في ظل تآكل الثقة وتفشي الإرهاق في كل المستويات.
وبحسب الإذاعة، فإن الإرهاق لم يقتصر على الجنود بل طال حتى الضباط وقادة الكتائب، حيث تقدم أحدهم مؤخرًا بطلب إعفاء بعد تهديد زوجته بالطلاق، ما أدى إلى تفريغ كتيبته بالكامل.
في السياق ذاته، يعاني سلاح المدرعات من تدهور حاد في جاهزية المعدات، حيث أفاد جنود بأنهم يُدفعون إلى المعركة بآليات معطلة، في ظل عجز وحدات الصيانة عن تلبية الاحتياجات، ونقص الدبابات والمركبات على الجبهة الشمالية.
ورغم المحاولات لفرض 'نظام المناوبة أسبوع-أسبوع' في جبهات مثل لبنان وسوريا، إلا أن الضغط على الجنود بلغ مستويات خطيرة، حيث ينتشر عدد أقل من الجنود على مساحات أوسع، ما يقلّص العمليات الهجومية ويرفع الضغط على من يبقى في الخدمة.
وأمام هذا التدهور، أقرّ رئيس الأركان الإسرائيلي بتقليص حجم القوات مضطرًا، في ظل رفض الحكومة توسيع دائرة التجنيد. وأكدت الإذاعة أن ما يعيشه جنود الاحتياط 'ليس استثناءً فرديًا بل حالة منتشرة'، بينما تُصرّ الحكومة على تجاهل الواقع، في وقتٍ يهدد فيه الإنهاك المستمر بانهيار الجبهات.