اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ٨ شباط ٢٠٢٥
تتجاهل سلطات الاحتلال 'الإسرائيلي' تنفيذ بنود 'البروتوكول الإنساني' لاتفاق وقف إطلاق النار، الذي بدأ سريانه في 19 يناير/ كانون الثاني الماضي، مما فاقم الحالة الإنسانية والمعيشية للناجين من حرب الإبادة الإسرائيلية التي استمرت لمدة 471 يومًا على قطاع غزة.
وأمام الكارثة الإنسانية والمأساوية في غزة، وتجاهل الاحتلال لبنود الاتفاق الذي أُبرم برعاية مصرية وقطرية ودعم أمريكي، تجد المقاومة الفلسطينية نفسها أمام 'خيارات صعبة' وأخرى 'اضطرارية' قد تلجأ إليها في الأيام القادمة، وفقًا لمراقبين فلسطينيين.
وتوقع مراقب ثالث أن يكون الضغط على الاحتلال للالتزام باتفاق وقف إطلاق النار، وإغاثة السكان، وإعادة الإعمار، دورًا عربيًا ملحًا خلال الأيام المقبلة، لمواجهة خطة الرئيس الأمريكي الرامية إلى تهجير سكان غزة.
ويجمع هؤلاء، في أحاديثهم لـ 'فلسطين أون لاين'، على وجود عدة خيارات أمام المقاومة، منها: الضغط على الوسطاء، التفاوض بشأن الأسرى الإسرائيليين، عودة المقاومة إلى القتال والمواجهة، والتدخل المصري والأردني لدعم صمود الغزيين ومواجهة خطة التهجير الجديدة.
بنود الاتفاق
وبحسب 'البروتوكول الإنساني' للاتفاق، يُسمح بدخول كميات مكثفة ومناسبة من المساعدات الإنسانية ومواد الإغاثة والوقود، بما يشمل 600 شاحنة يوميًا، منها 300 لشمال قطاع غزة، و50 شاحنة وقود يوميًا، بما في ذلك الوقود اللازم لتشغيل محطة الكهرباء والتجارة، إضافةً إلى المعدات اللازمة لإزالة الركام.
وينص الاتفاق أيضًا على إعادة تأهيل وتشغيل المستشفيات والمراكز الصحية والمخابز في جميع مناطق القطاع، والبدء في إعادة تأهيل البنية التحتية، بما يشمل الكهرباء والمياه والصرف الصحي والاتصالات والطرق، فضلًا عن إدخال كميات متفق عليها من المعدات اللازمة للدفاع المدني لإزالة الركام والأنقاض.
إلى جانب ذلك، ينص أحد البنود على تسهيل إدخال المستلزمات والمتطلبات اللازمة لإيواء النازحين داخليًا، ممن فقدوا بيوتهم خلال الحرب، وذلك من خلال إدخال ما لا يقل عن 60 ألف بيت مؤقت (كرفان) و200 ألف خيمة.
وذكرت مصادر حكومية لـ 'فلسطين أون لاين' أن سلطات الاحتلال تعمدت خلال الأيام الماضية إغراق أسواق غزة بمنتجات غذائية تجارية فقط، في محاولة لتضليل الرأي العام بشأن عدد الشاحنات وأنواعها، مقارنةً بما تم الاتفاق عليه يوميًا.
وبحسب تقديرات المكتب الإعلامي الحكومي، فإن الاحتلال لم يسمح بإدخال أكثر من 10% من الاحتياجات الإنسانية التي نص عليها الاتفاق.
التنصل من الاتفاق
وأمام هذه المعطيات، لم يُبدِ المحلل السياسي د. سامر عنبتاوي استغرابه أو صدمته من تهرب الاحتلال من تنفيذ 'البروتوكول الإنساني'، رغم الوساطة الأمريكية والقطرية والمصرية.
وأوضح عنبتاوي، لـ'فلسطين أون لاين'، أن الاحتلال حوّل غزة إلى منطقة غير صالحة للعيش، عبر تدمير المستشفيات والمدارس والمنازل والبنية التحتية وجميع مناحي الحياة، مشيرًا إلى أن هذا التنصل هو أسلوب إسرائيلي قديم جديد، يهدف إلى الضغط على الشعب الفلسطيني ومقاومته لانتزاع تنازلات سياسية.
وقال: 'لا يزال الاحتلال يتنصل من التزاماته، ويحاول ابتزاز شعبنا والنيل من مقاومته العسكرية – رغم الاتفاق – عبر الضغط على المدنيين في المجالات الإنسانية والصحية والمعيشية، وحرمانهم من أساسيات الحياة'.
ورأى عنبتاوي أن هذا التنصل الإسرائيلي من 'البروتوكول الإنساني' سيضع المقاومة أمام عدة خيارات، منها الضغط على الوسطاء الدوليين لتنفيذ الاتفاق، أو الضغط عبر ملف الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة.
وأضاف أن هناك خيارًا ثالثًا، وهو التكاتف الشعبي والتلاحم بين أبناء الشعب الفلسطيني، ومدّ غزة بجميع احتياجاتها الإنسانية والإغاثية، رغم الدمار الهائل في القطاع.
'تهديد للصفقة'
واتفق المحلل السياسي إبراهيم المدهون مع سابقه في أن الاحتلال يتعمد التنصل من 'البروتوكول الإنساني'، في محاولة لفرض وقائع ميدانية جديدة، واستنزاف 'صبر المقاومة'.
وأشار المدهون إلى أن الاحتلال يتعمد التسويف والمماطلة لتمرير أجندته أو إضعاف المقاومة، التي أظهرت قوتها خلال مراسم تسليم الأسرى الإسرائيليين في الأسابيع الماضية.
وقال إنه من غير المستبعد أن تجد المقاومة نفسها مضطرة إلى اتخاذ خطوات عملية وميدانية، خاصة إذا استمر الاحتلال في رفضه الالتزام ببنود الاتفاق.
وأضاف: 'الخيارات أمام المقاومة متعددة، لكن المؤكد أن هذا السلوك الإسرائيلي سيُقابل بردٍّ يتناسب مع حجم الانتهاكات، وقد يكون أقرب مما يتوقعه الاحتلال'.
ورجّح المدهون أن تكون 'الأيام القادمة حاسمة في تحديد اتجاهات الأمور'.
'مصلحة عربية'
وفي سياق متصل، يرى الباحث السياسي أحمد الحيلة أن المخططات الإسرائيلية والأمريكية الرامية إلى تهجير سكان قطاع غزة ستدفع الدول العربية المحيطة إلى الضغط نحو إتمام اتفاق وقف إطلاق النار وإعادة إعمار القطاع.
وأكد الحيلة لـ'فلسطين أون لاين' أن رفض مقترح الرئيس الأمريكي الجديد، دونالد ترامب، الرامي إلى تهجير سكان غزة، يُعدّ مصلحة فلسطينية وعربية مشتركة، حيث يحمي القضية الفلسطينية وحق الفلسطينيين في دولة مستقلة، كما يشكّل حماية للأمن القومي المصري والأردني والعربي.
وأشار إلى أن الدور العربي، وخاصة المصري والأردني، سيصبح ضروريًا وملحًا لإنفاذ اتفاق وقف إطلاق النار، ومن ثمّ إدخال المساعدات الإغاثية، والمبادرة بشكل عاجل لعقد قمة عربية وإسلامية لمناقشة ملف إعمار غزة، لضمان استقرار الوجود الفلسطيني.
وعدا عن ذلك، فإن الخطوات العربية القادمة ستسحب الذريعة من أمام رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، واليمين المتطرف، وكذلك الرئيس ترامب، الذين يبررون فكرة التهجير بذرائع 'إنسانية' زائفة، في حين أن الهدف الحقيقي هو تمكين (إسرائيل) من ضم الضفة الغربية، واحتلال غزة، وتهويد القدس والمسجد الأقصى المبارك.
وفي خطوة مثيرة للجدل، طرح الرئيس ترامب فكرة تحويل غزة إلى 'ريفييرا الشرق الأوسط'، بعد تهجير سكانها الفلسطينيين إلى دول أخرى، وهو الأمر الذي لا يزال يلقى ردود فعل عربية وإسلامية وأوروبية غاضبة.