اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ٢٢ تشرين الأول ٢٠٢٥
من المحطات المهمة والفاصلة في حياة الانسان في المحطة الجامعية، حيث يدخل الجامعة شخصاً، ويخرج شخصاً يختلف اختلافاً إيجابياً واسع الأفق والمعرفة.
ومن أجمل محطات الحياة الجامعية هي مناقشة بحث التخرج الذي يتم اختبار الطالب فيه، فيجلس بين يدي مجموعة من الأساتذة المناقشين ليناقشوه فيما كتبت يداه، ويقولوا له' أقرأ كتابك كفي بنفسك اليوم عليك حسيباً'.
ومما يزيد هذه المحطة جمالاً، وجود الأهل والأصدقاء حيث يحرص كل طالب على دعوتهم لحضور مناقشته والتباهي أمامهم، ومما يحرص الطالب على احضاره يوم المناقشة، الحلويات والمشروبات وتوزيعها على الحضور، مع احضار فريق تصوير تلك المناقشة لتبقى شاهدة معه كلما كبر مع الأيام يتذكرها ويخبر أولاده بتفاصيل الحكاية، وبدورهم يحضر الأهل والأصدقاء الدروع والهدايا لتقديمها له بعد المناقشة، ثم ينشر الخريج صور التخرج على حساباته الاجتماعية ويفرح له الناس، وكذا يفعل الأصدقاء.
هذا الطقس الجميل كان ساري المفعول قبل العدوان الإسرائيلي على غزة اكتوبر2023، لكن أثناءه، اختلف الأمر، فقد حُرم الطلبة منه، فلا حفلات تخرج جماعية نُظمت، ولا أبحاث تخرج فردية نُوقشت، ولا مدارس ولا جامعات سلمت من القصف، وكثيرٌ من الطواقم التعليمية وأساتذة الجامعات والطلبة لم يسلموا من الاغتيال.
في ظل الحياة الجديدة المليئة برائحة الموت، ماذا يفعل الطلبة، هل يستسلمون للواقع المر والمُعرقل لطموحاتهم بالحصول على فرحة من وسط ركام الموت؟ كلا، فقد لجأ الكثير من الطلبة لمناقشة أبحاثهم في الخيمة، قد تستغرب ذلك؟
حيث تحضر لجنة المناقشة، إن كانت الظروف الأمنية وقرب الجغرافية تسمحان بذلك، وإن تعذر ذلك فتكون المناقشة عبر الانترنت.
في الخيمة، لا ضيافة، لا برستيج لا مكيفات هوائية، لا أجهزة صوت، لا شاشة عرض، لا مدرجات، لا حضور، لا راحة نفسية واطمئنان، ولا وعود بأن يرى الجميع نتائج المناقشة بسبب القصف، لا ضمانة لأحد من صاروخ إسرائيلي يحول أجساد الحضور الى أشلاء، فتتحول حفلة التخرج من الجامعة إلى حفلة تخرج من الحياة.
لم تكن الخيمة هي المكان الوحيد للمناقشة، فقد ناقش بعض الطلبة في أماكن عامة وفي الشوارع، فوق ركام منازلهم المدمرة، وسط زحام الناس وضجيج الحياة، المهم وجود الانترنت، وقد كنتُ أنا أحد الذين ناقشوا بحث تخرجهم في الشارع، للحصول على بكالوريوس تربية اسلامية من كلية العلوم التربوية، جامعة القدس المفتوحة ديسمبر 2024.
تلك إذا إرادة الحياة عند الشعب الفلسطيني، فلا القتل، ولا القصف، ولا النسف، ولا التجويع، ولا الحصار، يُطفئون حماسة الأحرار في التعليم والتحرير.