اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ٢٧ أيار ٢٠٢٥
في تطور لافت يؤكد استمرار تعقيد المشهد الميداني في قطاع غزة، نفذت كتائب القسام – الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية 'حماس' – عملية نوعية في منطقة العطاطرة شمال بيت لاهيا، أسفرت عن سقوط عدد من جنود الاحتلال بين قتيل وجريح، وفق بيان رسمي صادر عن الكتائب.
العملية، التي وقعت في منطقة زراعية مفتوحة وتخضع لرقابة إسرائيلية مشددة، اعتُبرت على نطاق واسع رسالة عسكرية مباشرة تؤكد هشاشة السيطرة الإسرائيلية على مناطق شمال القطاع، رغم الحملات العسكرية المتواصلة منذ أكثر من سبعة أشهر.
وفي قراءة تحليلية للمشهد، قال الخبير العسكري والإستراتيجي العقيد حاتم الفلاحي، إن هذه العملية تمثل ضربة موجعة لجيش الاحتلال، خصوصاً أنها نُفذت في مناطق خضعت سابقاً لعمليات 'تمشيط' مكثفة ضمن ما يعرف بخطة 'المناطق العازلة'. وأشار إلى أن الفرقة 162 الإسرائيلية التي تنتشر في محور الشمال تُعد من أكثر الوحدات تجهيزاً، ما يضاعف من وقع العملية على المستوى العملياتي والنفسي.
وأوضح الفلاحي أن قدرة المقاومة على تنفيذ هجوم مباشر في منطقة مكشوفة نسبياً، يعكس فشل المنظومة الاستخبارية الإسرائيلية في رصد التحركات، ويعيد طرح الأسئلة حول فعالية الانتشار العسكري في 'الجيوب المتقدمة'.
كمائن وتفخيخ وتكتيكات مرنة
وأشار إلى أن فصائل المقاومة باتت تعتمد بشكل متزايد على كمائن هندسية معقدة، تشمل تفخيخ المنازل واستخدام الأنفاق الهجومية، ما يعزز من تكتيكات 'حرب العصابات' التي تهدف لاستنزاف القوات المهاجمة وتكبيدها خسائر مؤلمة، رغم الإمكانيات التكنولوجية المتقدمة التي توفّرها الطائرات المسيّرة الإسرائيلية.
وأضاف الفلاحي أن نجاح المقاومة في تنفيذ مثل هذه العمليات المتكررة، يكشف محدودية ما يُسمى بـ'السيطرة الميدانية'، ويؤكد أن الجيش الإسرائيلي لم ينجح بعد في فرض واقع عسكري فعلي على الأرض.
أزمة في الاستراتيجية الإسرائيلية
واعتبر العقيد الفلاحي أن المعارك الجارية تكشف خللاً بنيوياً في استراتيجية الاحتلال التي تقوم على تقسيم القطاع إلى ثلاث مناطق وفصلها عبر ممرات برية، مؤكداً أن غياب الغطاء الاستخباري وتحديات الجغرافيا المدمرة، تقلص هامش المناورة العسكرية وتزيد من احتمالات الفشل في تحقيق الأهداف المعلنة.
وأشار إلى أن الجيش لا يزال يتردد في الزج بكامل قوته داخل غزة، مكتفياً باستخدام الوحدات النظامية المتقدمة، بينما تحتفظ قياداته بقوات إضافية في مواقع خلفية، ما يعكس مخاوف حقيقية من تكبد خسائر بشرية فادحة في حال التوغل الكامل.
تصاعد الخسائر وتكتم إعلامي
وبحسب المعطيات الإسرائيلية، فقد خسر جيش الاحتلال منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 ما لا يقل عن 854 قتيلاً بينهم 413 في العمليات البرية، إلى جانب أكثر من 5846 جريحاً. إلا أن مصادر فلسطينية وأطرافاً داخل إسرائيل تتهم القيادة العسكرية بالتعتيم على الحجم الحقيقي للخسائر، في ظل اتساع رقعة الكمين والهجمات المباغتة التي تشنها المقاومة.
معركة طويلة.. والميدان لا يُحسم من الجو
ويؤكد مراقبون أن هذه العمليات النوعية، وفي مقدمتها ما جرى في العطاطرة والقرارة، تشير إلى أن المعركة لا تزال طويلة، وأن السيطرة الجوية لا تعني الحسم الميداني، خاصة في ظل قدرة المقاومة على استثمار الأرض والأنفاق والأنقاض لصالحها.
وتبقى المواجهة مفتوحة على سيناريوهات متعددة، في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة، والتي راح ضحيتها حتى الآن أكثر من 176 ألف شهيد وجريح، وأحدثت دماراً واسعاً ونزوحاً غير مسبوق، وسط اتهامات متزايدة للاحتلال بارتكاب جرائم إبادة جماعية، بدعم مباشر من حلفائه الدوليين.