اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ١٨ تشرين الثاني ٢٠٢٥
كشفت صحيفة 'نيويورك تايمز' الأمريكية تفاصيل جديدة حول الرحلة الغامضة التي أوصلت ما يقارب 100 فلسطيني من قطاع غزة إلى مطار 'جوهانسبرغ' في جنوب أفريقيا، دون أي تنسيق رسمي أو معرفة مسبقة من السلطات الجنوب أفريقية، حيث وجد المسافرون أنفسهم يعبرون الحواجز والحدود على متن رحلات مجهولة نظمتها جهة تُدعى 'المجد أوروبا'، قبل أن يكتشفوا وجهتهم الحقيقية في منتصف الرحلة فقط.
وفي تفاصيل، تلقّى الطبيب الغزّي أحمد شحادة اتصالًا من شخص ادّعى أنه يعمل في منظمة إنسانية قادرة على إخراج عائلته من الحرب. ورغم أن العرض بدا مريبًا—1600 دولار للشخص تُدفع عبر محفظة عملات رقمية، وسفر بلا تفاصيل—إلا أن شحادة اختار المجازفة بعدما علم أن أحد أصدقائه غادر بالطريقة نفسها.
هكذا بدأت رحلة محفوفة بالقلق استمرت 24 ساعة، تحركت خلالها العائلة في حافلتين منفصلتين بنوافذ مغلقة وتعليمات صارمة بعدم استخدام الهواتف، مع توجيه غريب بأن يصرّحوا للقوات الإسرائيلية بأنهم ضمن 'إجلاء فرنسي'.
وعند معبر كرم أبو سالم، أُجبروا على ترك كل ما يملكون قبل نقلهم إلى مطار رامون في صحراء النقب، للصعود إلى طائرة لا يعرفون وجهتها. وحين أقلعت الطائرة، اكتشفوا في منتصف الطريق أنهم متوجهون إلى العاصمة الكينية نيروبي، ومنها إلى جوهانسبرغ.
وما إن وطئت أقدامهم أرض جنوب أفريقيا في 28 أكتوبر/تشرين الأول حتى مُنحوا دخولًا اعتياديًا، بينما كان آخر ما وصلهم من 'المجد' رسالة تفيد بأن مكان إقامتهم حُجز لأسبوع واحد فقط رغم أن الاتفاق كان لشهر كامل.
ويقول مسافر أخر يدعى لؤي أبو سيف، 'لم نكن نعرف حتى إلى أين نحن ذاهبون'. وبقيت هذه المجموعة ساعات داخل الطائرة بسبب تأخر السلطات في حسم وضعهم القانوني، قبل السماح لهم بالدخول بتدخل من منظمات محلية.
وعاد اسم 'المجد أوروبا' إلى الواجهة بقوة بعد الرحلة الثانية التي وصلت إلى جوهانسبرغ يوم 14 نوفمبر/تشرين الثاني، حين مُنع 160 فلسطينيًا من النزول لمدة 9 ساعات بسبب نقص الوثائق وعدم وجود أختام خروج (إسرائيلية) في جوازاتهم.
وكشفت شهادات المسافرين وناشطين جنوب أفارقة أن الرحلة نُظمت بالكامل عبر المؤسسة دون أي تنسيق رسمي مع سلطات جنوب أفريقيا.
وقال الباحث الجنوب أفريقي نعيم جينا إن المسافرين دفعوا ما بين 1500 و5 آلاف دولار للشخص الواحد، وتلقّوا موعد المغادرة قبل ساعات فقط، ثم نُقلوا من غزة عبر معبر كرم أبو سالم في حافلات (إسرائيلية) إلى مطار رامون، حيث صعدوا إلى طائرة غير معلمة هبطت أولًا في نيروبي قبل نقلهم إلى جوهانسبرغ بدون أي معرفة مسبقة بالوجهة.
وتتطابق هذه التفاصيل مع الرحلة الأولى التي وصلت يوم 28 أكتوبر/تشرين الأول وعلى متنها 176 فلسطينيًا، حيث تلقى الركاب رسائل عبر 'واتساب' تحدد لهم سيارات 'أوبر' لنقلهم إلى بيوت ضيافة رخيصة على نفقتهم، قبل أن ينقطع تواصل المؤسسة معهم بعد سبعة أيام فقط، تاركًا العائلات في حالة ضياع تام.
وقال رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا إن أكثر من 150 فلسطينيًا وصلوا 'في عملية لم تتضح ملابساتها بعد'.
وذكر أنهم احتُجزوا لمدة 12 ساعة بسبب عدم وجود أختام مغادرة إسرائيلية على جوازاتهم.
وأضاف: 'يبدو أنهم طُردوا… إنهم أشخاص من غزة وُضعوا بطريقة غامضة على متن طائرة مرت بنيروبي وجاءت بهم إلى هنا'، مؤكدًا أن بلاده استقبلتهم من باب التعاطف مع وضعهم الإنساني وأن التحقيق في تفاصيل وصولهم مستمر.
وقالت ممي موغوتسي، نائبة مفوض الاتصالات في سلطة إدارة الحدود، إن المسافرين مُنعوا من الدخول في البداية، لكن الرئاسة منحتهم إعفاء بعد التدخل والتحقق.
وأوضحت أنه 'بحلول وقت القبول، كان 23 من أصل 160 مسافرًا قد غادروا بالفعل من جنوب أفريقيا إلى وجهاتهم النهائية، لذلك تمت معالجة طلبات 137 راكبًا فقط'.
وأكدت أن الفلسطينيين الذين يحق لهم دخول جنوب أفريقيا بدون تأشيرة لمدة 90 يومًا تم التعامل معهم وفق الإجراءات المعتادة.
وقال الناشط نايجل برانكن إن الوضع كان 'مأساويًا'، وإن اكتشاف وصول الطائرة جاء عن طريق والد إحدى الراكبات وليس عبر إشعار رسمي.
وأضاف أن (إسرائيل) تعمدت عدم ختم الجوازات لخلق عراقيل أمام دخول الركاب ومنع عودتهم لاحقًا إلى قطاع غزة.
وفي تقرير سابق، كشفت صحيفة 'هآرتس' العبرية أن جمعية 'المجد' التي نظّمت عمليات خروج فلسطينيين من القطاع إلى دول أوروبية، يقودها شخص (إسرائيلي) يحمل الجنسية الإستونية يُدعى تومر يانار ليند.
ووفق التحقيق، فإن الجمعية، التي تُعرّف نفسها بأنها 'منظمة إنسانية لإنقاذ المجتمعات المسلمة من مناطق الصراع'، مرتبطة بمديرية 'التهجير الطوعي' في وزارة الجيش الإسرائيلية، والتي أحالتها بدورها إلى 'منسق أعمال الحكومة' لتنسيق خروج مجموعات من الفلسطينيين عبر مسارات غير واضحة.

























































