اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ٢٣ تشرين الثاني ٢٠٢٥
حذر خبير في الشؤون العسكرية والإستراتيجية من أن قرار مجلس الأمن الدولي الأخير المتعلق بغزة يحمل خلفه سيناريوهات أمنية معقدة قد تعيد تشكيل الوضع الميداني في القطاع بصورة جذرية.
ورأى أن ما يبدو كخطوة إنسانية دولية لتهدئة الأوضاع يُخفي في جوهره رؤية أميركية قائمة على حسابات عملياتية تهدف إلى إعادة ضبط التوازنات العسكرية بما يخدم المصالح الإسرائيلية ويوسع هامش حركتها.
وأوضح العقيد المتقاعد نضال أبو زيد، في حديثه لصحيفة 'فلسطين'، أن القرار لم ينبع من مقاربة سياسية تسعى لحل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، بل من حاجة أميركية وإسرائيلية إلى التحكم في البيئة الميدانية في غزة.
وأشار إلى أن القرار تجاهل جذور القضية الفلسطينية، وتعامل مع إسرائيل بعيدا عن كونها قوة احتلال، مقدما إطارا يعزز تفوقها العسكري ويقلل كلفة أي تدخل مستقبلي.
وأضاف أن هذه المقاربة تشبه إلى حد كبير ما قامت به الولايات المتحدة في لبنان حين ساعدت على تثبيت خطوط نفوذ تقيد القوى اللبنانية، وتمنح الاحتلال الإسرائيلي حرية أكبر في التحرك. ويرى أن واشنطن تحاول تطبيق نموذج مشابه في غزة مع الحرص على خفض تكلفة أي عملية عسكرية واسعة.
إعادة تشكيل قواعد الاشتباك
وبين ابو زيد أن القرار أعاد رسم قواعد الاشتباك بحيث تقل الحاجة إلى الحروب الكبرى، مقابل اعتماد أكبر على إدارة أمنية منخفضة التكلفة، واصفا ذلك بـ'الصيد المريح' بالنسبة لإسرائيل التي باتت قادرة على معالجة ملفاتها الأمنية ضمن غطاء دولي يمنحها شرعية أوسع.
كما اعتبر أن إنشاء 'مجلس السلام' للإشراف على إعادة الإعمار ليس مجرد خطوة إدارية، بل أداة لتكريس نفوذ سياسي واقتصادي وأمني متعدد المستويات داخل غزة بما يتماشى مع أولويات واشنطن وتل أبيب.
وأشار أبو زيد إلى أن القوة الدولية المقترحة لا تمثل قوة حفظ سلام تقليدية، بل يناط بها مهام حساسة تشمل تدريب الشرطة، وتأمين الممرات الإنسانية، ونزع سلاح غزة. ووصف طبيعة هذه المهام بأنها 'ملتبسة' بين حفظ السلام والتدخل العسكري، ما يجعل احتمال المواجهة قائما في حال رفضت الفصائل وجودها.
تجارب مريرة
وضرب مثالا بتجربة قوة ISAF في أفغانستان التي بدأت كقوة حفظ سلام دولية ثم تحولت إلى قوة قتالية، محذرا من إمكانية تكرار السيناريو في غزة إذا واجهت القوة الدولية بيئة مقاومة رافضة لها.
ورأى أن بند نزع سلاح الفصائل غير قابل للتطبيق ميدانيا نظرا لطبيعة تسليح المقاومة المعتمد على الأنفاق والأسلحة الخفيفة والصواريخ المحلية، مؤكدا أن تنفيذه يتطلب مواجهة مفتوحة. وتوقع أن يعاد تفسير المصطلح لاحقا ليصبح 'تعليق السلاح مؤقتا'، ما يسمح للقوة الدولية بالظهور وكأنها تطبق القرار دون تغيير حقيقي في موازين القوى.
وأكد أبو زيد أن أي قوة دولية ستعاني من صعوبة العمل دون قبول شعبي أو فصائلي، وهو ما لا يتوفر حاليا، ما قد يجعلها هدفا مباشرا بدلا من أن تكون عنصر استقرار، ويزيد احتمالات انفجار المواجهات.
سيناريوهات الفشل والتصعيد
وتوقع الخبير العسكري أن فشل تطبيق القرار قد يقود إلى أحد مسارين: إما اندلاع تصعيد جديد يفتح جبهة قتال واسعة، أو تثبيت قواعد اشتباك جديدة تفرضها المقاومة وإسرائيل كل وفق مصالحه.
وأشار إلى أن عجز القوة الدولية عن تثبيت وجودها قد يدفع إسرائيل إلى التوغل مجددا في القطاع، مما يعقد المشهد أكثر.
كما نبه إلى أن مصر والأردن أعلنا رفضهما المشاركة في أي قوة تخضع للبند السابع، وأن انتشار قوة دولية قرب حدودهما قد يخلق توترا سياسيا وأمنيا.
تأثير القرار على بنية المقاومة
وقال أبو زيد، إن تنفيذ القرار سيدفع الفصائل إلى إعادة بناء قدراتها وفق نمط حرب غير متوازنة ولا مركزية، تعتمد على الأنفاق وتكتيكات الاستنزاف طويل المدى، ما قد يجعل المواجهات المقبلة أكثر تعقيدا.
وشدد على أن القرار لم يمهد لحل سياسي، بل أسس لمرحلة أمنية جديدة هدفها إدارة الصراع بدل إنهائه، عبر قوة دولية ومقاربة لنزع السلاح ومهام انتقالية، قد تجعل غزة أمام واقع شديد الحساسية واحتمالات عالية للتصعيد وتعقيدات ميدانية وإقليمية واسعة.

























































