اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ١٣ أب ٢٠٢٥
أكدت أستاذة العلوم السياسية والقانون الدولي د. لينا طبال أن المواقف الأوروبية تجاه خطة (إسرائيل) لاحتلال قطاع غزة شهدت تحوّلًا لافتًا، إذ انتقلت من البيانات التقليدية إلى إجراءات ملموسة، وإن كانت محدودة النطاق.
وأوضحت طبال في حديث لصحفية 'فلسطين' أمس، أن ألمانيا علقت تصدير معدات عسكرية يمكن استخدامها في غزة، في تغيير مهم لسياستها التاريخية التي كانت تمنح (إسرائيل) هامشًا واسعًا دون شروط.
كما أشارت إلى الضغط الشعبي الكبير في هولندا، حيث صدرت تصريحات حكومية تنتقد الخطة وتطالب بوقف فوري لإطلاق النار، بينما ذهبت بلجيكا أبعد بخطابها السياسي بدعوتها للاعتراف الفوري بالدولة الفلسطينية وربط أي تعاون مستقبلي بتحسين الوضع الإنساني في غزة.
عزلة واسعة
وأضافت أن هذه الخطوات لا تعني قطيعة بين أوروبا و(إسرائيل)، لكنها ترسم حدودًا سياسية وأخلاقية واضحة، وترسل رسالة مفادها أن الاحتلال الكامل سيواجه عزلة أوسع وتكاليف دبلوماسية أكبر. ومع ذلك، ترى أن قرارات تجميد أو إلغاء صفقات الأسلحة، رغم كونها رسائل سياسية قوية، لن تدفع رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى التراجع الكامل، بل قد تفرض فقط تعديلات تكتيكية على الجدول الزمني أو طريقة التنفيذ.
وبيّنت أن نتنياهو يحدد أولوياته انطلاقًا من الداخل الإسرائيلي أولًا، والموقف الأمريكي ثانيًا، مضيفة: 'إذا حافظ نتنياهو على الدعم الأمريكي ولم تتحول الضغوط الأوروبية إلى جبهة موحدة واسعة، فسيتعامل معها كتكلفة قابلة للاحتواء'.
وأشارت إلى أن قرارات مثل تعليق ألمانيا لتصدير قطع غيار منظومات الدبابات أو إبطاء شحنات الذخيرة الموجهة قد تؤثر على بعض مفاصل القوة اللوجستية لجيش الاحتلال الإسرائيلي بإطالة زمن العمليات أو زيادة كلفتها، لكنها لن تشل قدرته بالكامل.
وضربت مثالًا بحرب 2014، حين اضطر جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى تأجيل بعض الغارات لانتظار توريد قطع غيار من الولايات المتحدة، مؤكدة أن وقف توريد مكونات إلكترونية من هولندا أو بلجيكا قد يجبر (إسرائيل) على شراء بدائل أغلى وأبطأ، ما قد يدفع نتنياهو لتعديل وتيرة أو أسلوب الخطة دون إلغائها.
الموقف الأمريكي
وشددت طبال على أن من الصعب تصور رضوخ نتنياهو الكامل للضغوط الدولية حاليًا، لارتباطه بائتلاف يميني متشدد يعتبر أي تراجع تنازلًا خطيرًا، ولغياب ضغط أمريكي حاسم قد يجبره على إعادة النظر جذريًا في خطته. ورأت أن المشهد الحالي أقرب إلى سيناريوهين متوازيين: استمرار التحضير لفرض السيطرة على غزة ميدانيًا، مقابل تعديل الخطاب وإضافة بعض 'التهدئات الإنسانية' لامتصاص الغضب الأوروبي.
وأضافت أن الضغوط الأوروبية وحدها ترفع الكلفة السياسية والعسكرية، لكنها لا تغيّر القرار الاستراتيجي لـ(إسرائيل) ما لم تقترن بتبدّل في موقف واشنطن أو بأزمة داخلية تهدد بقاء نتنياهو السياسي، لذلك، السيناريو الأقرب هو مضي نتانياهو بنفس الوتيرة بخطوات محسوبة، مع محاولة تجميل الصورة أمام الرأي العام الدولي'.
وختمت طبال بالقول: 'اليوم يبدو أن نتنياهو هو من يملي القرار على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لا العكس، ولا يمكن إغفال أن المشهد الدولي ملبد بفضيحة 'إبستين' التي يُقال إن اسم ترامب وارد فيها، وهو ما قد يشكل ورقة ضغط خفية. والسؤال: هل توظف (إسرائيل)، وتحديدًا نتنياهو، هذه الورقة لابتزاز ترامب سياسيًا ودفعه لتمرير ملف غزة دون معارضة؟'
ووسط عاصفة من الانتقادات الدولية، أعلنت حكومة الاحتلال، فجر الجمعة الماضية، أن المجلس الوزاري المصغر وافق على مقترح احتلال قطاع غزة، في ظل خلافات علنية عميقة بين المستويين السياسي والأمني في (إسرائيل).