اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ١٠ أب ٢٠٢٥
مع تسارع خطوات رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نحو تنفيذ خطته لإعادة احتلال قطاع غزة، تتوالى المواقف الأوروبية الرافضة، مدفوعةً بضغط الشارع ومخاوف النخب السياسية من تبعات انتخابية داخلية.
لكن هذا الرفض بدأ يتخذ منحى أكثر حدة، مع تحركات غير مسبوقة من بعض العواصم، أبرزها قرار ألمانيا – أكبر حليف سياسي وعسكري لـ(إسرائيل) في الاتحاد الأوروبي – وقف شحنات السلاح التي قد تُستخدم في غزة.
وبينما يرى خبراء أن هذه الإجراءات تمثل رسالة قوية وقد تتحول إلى ضربة استراتيجية إذا تبعتها خطوات مماثلة من دول أخرى، يبقى السؤال معلقًا: هل يجرؤ الاتحاد الأوروبي على اتخاذ القرار الأهم، المتمثل في تعليق اتفاقية الشراكة مع (إسرائيل)، أم أن المواقف ستظل حبيسة التصريحات، تاركةً الميدان مفتوحًا أمام الخطة الإسرائيلية؟
أدوات الضغط
ورأى المحلل السياسي نزار نزال أن المجتمع الدولي يمتلك الكثير من الأدوات التي تمكنه من لجم (إسرائيل) عن خطتها لاحتلال قطاع غزة، لكنه – حتى الآن – لا يظهر أي جدية في استخدام هذه الأدوات.
وأوضح نزال في حديثه لصحيفة 'فلسطين'، أن مواقف العديد من الدول الأوروبية، التي استمعنا إليها مؤخرًا، ما زالت غير مرتبطة بإجراءات فعلية على الأرض تجبر (إسرائيل) على وقف عملياتها العسكرية أو التراجع عن هذه الخطة، التي يُرجح أن تبدأ خلال الأسابيع المقبلة.
وأضاف أن الولايات المتحدة ما زالت تدعم (إسرائيل) بكل قوة، مشيرًا إلى تصريحات وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو الذي قال إن الأمر 'شأن إسرائيلي'، وكذلك تصريحات المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط ستيفن يتكوف التي أطلقت العنان للإسرائيليين، إلى جانب موقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي كرر أن ما يجري 'شأن إسرائيلي داخلي'.
وأوضح أن مواقف النظم الأوروبية الرافضة للعملية العسكرية الإسرائيلية جاءت استجابة لنبرة الشارع في تلك الدول، وخشية من تكرار ما حدث في بريطانيا، عندما أطاح الناخبون بحزب المحافظين ومنحوا أصواتهم لحزب العمال. وأشار إلى أن هناك خشية مماثلة لدى النخب السياسية في فرنسا وألمانيا وهولندا من أن يتكرر هذا السيناريو، وهو ما دفعهم إلى الاستجابة لصوت الشارع، لكن دون اتخاذ أي إجراءات حقيقية، مثل إلغاء اتفاقية الشراكة الإسرائيلية الأوروبية الموقعة عام 2000، أو فرض تأشيرات على دخول الإسرائيليين إلى أراضيهم.
واستشهد نزال بزيارة بنيامين نتنياهو إلى بودابست قبل شهرين، موضحًا أنه كان يفترض على السلطات المجرية توقيفه كونه مطلوبًا للعدالة في المحكمة الجنائية الدولية، لكنها – للأسف – اختارت قطع علاقتها بالمحكمة بدلًا من تنفيذ مذكرة التوقيف.
وأكد أن المواقف الدولية الحالية، رغم كثرة التصريحات، لم ترتبط حتى الآن بأي إجراءات عملية على الأرض، مشددًا على أنه 'ما دام الحديث يبقى على الورق، فإن (إسرائيل) لن تتراجع عن خطتها، بل ستواصل استعداداتها'، لافتًا إلى أن جيش الاحتلال يتحدث عن حشد 250 ألف جندي من الاحتياط رغم التكلفة الكبيرة وحالة التململ داخل المؤسسة العسكرية، التي تسعى الحكومة إلى تدجينها وتحويلها إلى مؤسسة ذات طابع ديني.
وشدد على أن هذه المواقف الأوروبي لا تغني من جوع، والواقع الميداني مهيأ ليفعل نتنياهو ما يشاء في غزة.
مواقف عملية
ووفق أستاذ العلاقات الدولية في جامعة جنيف، د. حسني عبيدي، فإن وتيرة ردود الفعل الأوروبية تجاه خطة (إسرائيل) لاحتلال غزة شهدت تسارعًا لافتًا، تمثل في مواقف من أعلى المستويات، بدءًا من رئيسة المفوضية الأوروبية – وإن كان موقفها متحفظًا – وصولًا إلى رئيس المجلس الأوروبي، مرورًا برد قوي وغير مسبوق من ألمانيا، أكبر حليف سياسي وشريك عسكري لـ(إسرائيل).
وأشار عبيدي إلى أن قرار برلين وقف شحنات العتاد العسكري التي قد تُستخدم في غزة، ولو بشكل مؤقت، يعد من أقوى الإجراءات التي يمكن أن تتخذها دولة أوروبية للاعتراض على السياسة الإسرائيلية، خاصة مع خطوة استدعاء السفير، التي تمثل أداة دبلوماسية حادة في لغة العلاقات الدولية.
وأضاف أن هذه التحركات، إذا تلتها إجراءات عملية أوسع، قد تشكل ضربة مؤثرة لـ(إسرائيل)، لا سيما أن حجم المبيعات العسكرية الألمانية لـ(تل أبيب) العام الماضي بلغ نحو نصف مليار دولار، وهي شحنات استراتيجية للطرفين.
وأوضح أن دولًا أوروبية أخرى ترتبط بعلاقات عسكرية متينة مع (إسرائيل)، وإذا سارت على خطى ألمانيا، يمكن القول إننا سنكون أمام مستوى متقدم من الرد الأوروبي، سواء على مستوى الدول منفردة أو عبر الاتحاد الأوروبي ككتلة.
لكن عبيدي شدد على أن الخطوة الأهم ما زالت معلقة، وهي تعليق اتفاقية الشراكة الموقعة بين (إسرائيل) والاتحاد الأوروبي، ولا سيما تجميد مشاركة (تل أبيب) في البرامج البحثية الأوروبية، وهي خطوة تصطدم حتى الآن برفض داخل عدد من العواصم الأوروبية.