اخبار فلسطين
موقع كل يوم -وكالة شهاب للأنباء
نشر بتاريخ: ٣ أب ٢٠٢٥
تقرير – شهاب
أثارت مقاطع الفيديو التي نشرتها كتائب القسام، وسرايا القدس، والتي أظهرت اثنين من الأسرى الإسرائيليين في حالة صحية متدهورة، صدمة واسعة في الأوساط السياسية والشعبية في الكيان الإسرائيلي، وسط اتهامات متبادلة وقلق متصاعد بشأن مصير بقية الأسرى في قطاع غزة.
في الفيديو، ظهر الأسيران وهما يتحدثان بصوت خافت، وبدت عليهما علامات واضحة للإعياء ونقص الوزن، وظهورهما بهذه الهيئة لفت الانتباه ليس فقط إلى ظروف احتجازهما، بل أيضًا إلى الأزمة الإنسانية الأشد التي يعيشها سكان غزة تحت الحصار والقصف المستمر.
كما بدا الأسيران بنحافة حادة، وعلامات واضحة على ضعف التغذية، الأمر الذي صعّب على بعض أفراد عائلتيهما التعرف عليهما في البداية، بحسب ما نقلته وسائل إعلام إسرائيلية.
ولم تكن علامات الجوع التي بدت على الأسرى بمنأى عن سياق أوسع، فقد سلطت الصور الضوء على مجاعة متفاقمة في قطاع غزة، حيث تشير تقارير أممية إلى أن أكثر من 80% من السكان يعانون من انعدام الأمن الغذائي، في ظل منع دخول المساعدات وتدمير واسع للبنية التحتية.
ويرى محللون أن المشهد الذي بدا فيه الإسرائيليون وكأنهم 'أبناء القطاع'، يحمل رمزية سياسية وإنسانية عميقة، تعكس درجة المعاناة المشتركة، وإنْ كانت من زوايا متقابلة.
هذه الصور أعادت تسليط الضوء على الوجه الإنساني لأزمة لا تزال مفتوحة على المجهول، وبينما تعيش عائلات الأسرى الجائعين صدمة المضامين البصرية المؤلمة، تتعالى الأصوات داخل الكيان الإسرائيلي للمطالبة بتحرك سياسي حاسم يعيد أبناءهم، وينهي مأساة متواصلة منذ أكثر من 20 شهرًا.
صدمة إسرائيلية
عقب بث الفيديو، أعرب رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن 'صدمة عميقة' من المشاهد الأخيرة التي بثتها حركتا حماس والجهاد الإسلامي لأسيرين إسرائيليين في غزة، في حين انطلقت مظاهرات حاشدة في تل أبيب ومدن أخرى للمطالبة بصفقة فورية لإعادة الأسرى.
وقد أثارت مقاطع فيديو نشرتها حماس والجهاد الإسلامي منذ الخميس الماضي حالة من الصدمة لدى الإسرائيليين الذين طالبوا بضرورة التوصل لصفقة مع المقاومة للإفراج عن أسراهم.
ومن جهتها، نقلت هيئة البث الإسرائيلية عن عائلات الأسرى أن التخلي عن المحتجزين في غزة سيؤدي إلى خراب ما يسمى 'الهيكل الثالث'، مضيفةً أن جميع الأسرى في خطر، مطالبة بالانسحاب من قطاع غزة.
ونقلت صحيفة 'هآرتس' عن والدة أسير إسرائيلي قولها إنه كان من الممكن أن تنتهي الحرب ومعاناة عائلات المحتجزين لولا قرار الحكومة الإسرائيلية بإطالة أمد الحرب لأسباب سياسية.
وتعليقا على مقاطع المقاومة التي أظهرت جوع الأسرى، أضافت أنها أخبرت منسق شؤون الأسرى أن ابنها تحول إلى جلد وعظم، لكنه رد عليها بأنها 'دعاية من حماس'.
وطالبت الهيئة حكومة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بوقف ما وصفته بالجنون، قائلة تعليقا على مشاهد جوع أبنائهم 'انظروا في أعينهم (الأسرى الإسرائيليون)، لقد نفد الوقت، إخواننا يمرون بجحيم في الأسر، أوقفوا هذا الجنون، توصلوا إلى اتفاق شامل يعيدهم إلى الوطن'.
وبدوره، قال زعيم المعارضة يائير لبيد إنه لا يمكن خوض حرب إذا لم تدعمها أغلبية الإسرائيليين وتؤمن بأهدافها وتثق بقيادتها، مضيفا أن لا شيء من هذه الشروط متحقق الآن، والوقت حان لإنهاء الحرب وإعادة الأسرى.
وقال زعيم 'حزب إسرائيل بيتنا' أفيغدور ليبرمان 'المختطفون يقبعون في أنفاق حماس والمجتمع الإسرائيلي ممزق، والحكومة التي لا تنقذ أبناءها تعمق الشرخ بالمجتمع ولا يحق لها الوجود'.
كما عبّر أسرى سابقون وعائلات أسرى وسياسيون ودبلوماسيون إسرائيليون عن صدمتهم من المشهد وطالبوا حكومة نتنياهو بسرعة إبرام صفقة تضمن إخراج جميع الأسرى مرة واحدة.
ووصفت صحيفة 'يديعوت أحرونوت' العبرية، الفيديو بالصادم وأنه يعبّر عن مدى الضرر الذي لحق بالأسرى جراء الأزمة الغذائية الحادة في القطاع، لافتة إلى أنه ستكون له تداعيات على اتخاذ القرارات.
وقال المراسل العسكري لإذاعة الجيش 'دورون كادوش'، إنه 'بعد أن شاهدنا الصور والفيديوهات لأسرانا خلال اليوم الأخير نفهم ماذا يعني التجويع الحقيقي، ومع ذلك فنشر هكذا فيديوهات عبر وسائل إعلام إسرائيلية لا يمت للأخلاق بصلة'.
وفي السياق، أغلق أهالي أسرى إسرائيليين، صباح اليوم الأحد، طريقا حيويا في تل أبيب، للمطالبة بصفقة فورية مع حماس تفضي إلى إطلاق سراح ذويهم من قطاع غزة.
وأوضحت صحيفة يديعوت أحرنوت العبرية أنه بعد نحو 20 دقيقة، وصلت الشرطة إلى المكان، وقامت بإخلاء المتظاهرين وتحرير مخالفات لهم.
الدليل الوحيد على المجاعة
المختص في الشأن الإسرائيلي فراس ياغي، قال إن مقطع الفيديو الذي نشرته كتائب القسام لأسير إسرائيلي بدا فيه جائعًا مثل أبناء الشعب الفلسطيني في غزة، كان صادمًا للمجتمع الإسرائيلي والدولي على حد سواء، وسلط الضوء على حجم المجاعة التي تفرضها إسرائيل على قطاع غزة.
وأضاف ياغي في حديثه لوكالة 'شهاب' للأنباء، أن الصورة التي ظهر فيها الأسير أصبحت عنوانًا لفضيحة إنسانية كبرى، حيث صرّح مسؤولون إسرائيليون مقربون من الحكومة، من بينهم العميد سجاد طلب، أن هذا الفيديو يمثل 'الدليل الوحيد على المجاعة' في غزة، وهو ما أثار جدلًا أخلاقيًا واسعًا داخل المجتمع الإسرائيلي.
وأكد ياغي أن الصور التي تخرج من غزة، لا سيما تلك التي يظهر فيها أطباء أجانب متطوعون في المستشفيات، تثبت وجود سياسة تجويع ممنهجة ومبرمجة تهدف إلى كسر إرادة الغزيين، وإجبارهم على الرحيل، وهي سياسة فشلت إسرائيل في تحقيق أهدافها من خلالها حتى الآن.
وأشار إلى أن الحكومة الإسرائيلية تعيش حالة فشل شامل، سياسيًا وعسكريًا واستراتيجيًا، إذ فشلت في تحقيق أي من أهدافها المعلنة من الحرب، وتواجه تخبطًا واسعًا في إدارة الملف العسكري داخل غزة.
كما لفت إلى تزايد تقارير الجنود الإسرائيليين التي تؤكد وجود فوضى في اتخاذ القرار الميداني، وتدهور الانضباط العسكري، ما يعكس عمق الأزمة داخل الجيش.
وذكر ياغي أن آثار الحرب النفسية باتت واضحة، مع تزايد حالات الصدمة والانتحار في صفوف الجنود، مشيرًا إلى أن الجيش الإسرائيلي أصبح بحاجة ماسة لإنهاء الحرب وإعادة ترتيب صفوفه.
ورغم الدعم الأميركي المستمر، يرى ياغي أن إسرائيل تواجه عزلة دولية متزايدة، تجلّت في مواقف الاتحاد الأوروبي وعدة دول غربية. وأكد أن عملية 'طوفان الأقصى' شكّلت نقطة تحوّل فرضت إعادة القضية الفلسطينية إلى طاولة المجتمع الدولي، بعد سنوات من التهميش.
وشدد بالقول إن إسرائيل اليوم في مأزق داخلي وخارجي عميق، وتبحث عن مخرج من خلال محاولة فرض 'صفقة شاملة' تشمل تبادل الأسرى ووقف الحرب مقابل نزع سلاح المقاومة، في إطار سعيها لخلق مبررات جديدة لاستمرار العدوان تحت غطاء قانوني وسياسي.
وتقدر حكومة الاحتلال الإسرائيلي وجود 50 أسيرا إسرائيليا بغزة، منهم 20 أحياء، في حين يقبع بسجونها أكثر من 10 آلاف و800 فلسطيني يعانون تعذيبا وتجويعا وإهمالا طبيا، أودى بحياة العشرات منهم، حسب تقارير حقوقية وإعلامية فلسطينية وإسرائيلية.
وقبل أيام، انسحب الاحتلال من مفاوضات غير مباشرة مع حركة حماس بالدوحة بوساطة قطر ومصر ودعم الولايات المتحدة، جراء تصلب مواقف 'إسرائيل' بشأن الانسحاب من غزة وإنهاء الحرب، والأسرى الفلسطينيين، وآلية توزيع المساعدات.
ومرارا، أعلنت حركة حماس استعدادها لإطلاق الأسرى الإسرائيليين دفعة واحدة، مقابل إنهاء حرب الإبادة، وانسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي من غزة، والإفراج عن الأسرى الفلسطينيين، لكن نتنياهو يتهرب بطرح شروط جديدة، بينها نزع سلاح الفصائل الفلسطينية، ويصر حاليا على إعادة احتلال غزة.