اخبار فلسطين
موقع كل يوم -شبكة قدس الإخبارية
نشر بتاريخ: ٤ أب ٢٠٢٥
سيول - خاص قدس الإخبارية: تشهد كوريا الجنوبية حراكًا تضامنيًا متصاعدًا مع القضية الفلسطينية، في ظل استمرار العدوان على قطاع غزة. فمنذ أكثر من 440 يومًا، يتواصل اعتصام يومي أمام سفارة الاحتلال في سيول، إلى جانب أنشطة احتجاجية وتحركات سياسية وثقافية يقودها ائتلاف يضم مئات المنظمات المدنية.
للوقوف على تفاصيل هذا النشاط، حاورنا في 'شبكة قدس' الناشطة 'زاع' من حركة 'تضامن السلام مع فلسطين' (Palestine Peace Solidarity)، المعروفة أيضًا باسم 'بي دي إس كوريا'.
س: ما هي منظمة تضامن السلام مع فلسطين، ومتى تأسست؟ وما هي أبرز أهدافها؟
ج: أنا زاع، ناشطة في حركة 'تضامن السلام مع فلسطين' (PPS) المعروفة أيضًا باسم 'بي دي إس كوريا'. تأسسنا عام 2003، ونحن من أبرز المجموعات التطوعية التي تقود حركة التضامن مع فلسطين في كوريا الجنوبية. نركّز على إنهاء الاحتلال والفصل العنصري الإسرائيلي، من خلال تضامن دولي يضع الفلسطينيين في مركزه. ومن ضمن حملات المقاطعة التي نقودها، نسلّط الضوء على تورّط شركة HD Hyundai في هدم منازل الفلسطينيين وبناء المستوطنات غير الشرعية من خلال توريد الجرافات.
س: كيف تطورت أنشطتكم بعد السابع من أكتوبر؟
ج: بعد السابع من أكتوبر 2023، شكلنا ائتلافًا طارئًا باسم التحرك العاجل، يضم 247 منظمة من مختلف القطاعات، بينها الدين، والعمل، والصحة، والتعليم، والبيئة، والنوع الاجتماعي، نقود معًا تظاهرات ضخمة أمام السفارة الإسرائيلية كل أسبوعين، ونعقد منتديات عامة، ونمارس ضغطًا على البرلمان، ونتصدى لحملات التضليل والتطبيع الثقافي التي يقودها الاحتلال.
س: متى بدأ اعتصامكم اليومي أمام السفارة الإسرائيلية؟
ج: بدأنا الاعتصام الفردي أمام السفارة في 6 نوفمبر 2023، وهو مستمر دون انقطاع في أيام الأسبوع حتى اليوم. نحن الآن في اليوم 668 من الإبادة الجماعية، واليوم 441 من الاعتصام. السفارة الإسرائيلية تقع في الطابق 18 من برج وسط العاصمة سيول، ونقف خارج المبنى يوميًا لنرفع صوتنا أمام موظفي السفارة والمارّة، ولنحافظ على ضغط دائم حتى تنتهي المجازر.
س: هل تعرضتم لمضايقات أو تهديدات من موظفي السفارة أو الشرطة؟
ج: منذ بداية الإبادة الجماعية، وضعت الشرطة حواجز وحافلات أمام السفارة على مدار الساعة. وبعد بدء الاعتصام الفردي وحملة اللافتات، بدأت الشرطة بإعادة تموضع حافلاتها لمنع رؤية اللافتات من الشارع. لم يتفاعل موظفو السفارة معنا مباشرة، لكن الشرطة تمارس أساليب ترهيب غير مباشرة كطلب بطاقات الهوية، وتصوير النشطاء، واستجوابهم.
س: هل اتهمكم الاحتلال بمعاداة السامية؟
ج: نعم، ففي إطار حملة اللافتات التي ننظمها وفقًا لقانون الأحزاب السياسية في كوريا، شاركت أربعة أحزاب تقدمية من الائتلاف في تعليق لافتات أمام السفارة. اللافتة الأولى نُشرت في نوفمبر 2023 وحملت شعار: 'من النهر إلى البحر، فلسطين ستتحرر'. على إثرها، بعث السفير الإسرائيلي السابق 'أكيفا تور' رسائل احتجاج رسمية إلى الأحزاب. لكن الرد كان واضحًا: أحد الأحزاب مزّق الرسالة علنًا، ورددوا: 'أوقفوا الإبادة الجماعية'. السفير اعتبر الشعار 'معادٍ للسامية'، لكن الأحزاب أكدت موقفها التضامني مع فلسطين.
س: ما هي أبرز الشعارات التي ترفعونها خلال الاحتجاجات؟
ج: نرفع لافتات تحمل رسائل واضحة مثل:
'إسرائيل، أوقفي الإبادة الجماعية'
'إسرائيل، لا يمكنكِ التغطية على جرائمكِ'
'أمريكا، لا يمكنكِ التغطية على جرائم الإبادة'
'كوريا، أوقفي تسليح إسرائيل'
'الشعب المتّحد لن يُهزم أبدًا'
'انتفاضة، ثورة'
وفي مسيرات خاصة، استخدمنا شعارات مثل: 'لا فخر في الإبادة الجماعية'، و'دمار فلسطين هو دمار الأرض'، وسنرفع هذه الشعارات مجددًا في مسيرة العدالة المناخية القادمة في سبتمبر.
س: ما هي رسالتكم من خلال الاعتصام اليومي؟
ج: رسالتنا بسيطة وواضحة: أوقفوا الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين. مؤخرًا أضفنا منشورات صغيرة لتوعية الناس حول المجاعة المتعمدة. ومنذ أواخر يوليو، بدأنا تعليق ملصقات في مطاعم ومقاهي محيطة بالسفارة تحمل صورة السفير الإسرائيلي وتدعو إلى عدم تقديم الطعام له، في رسالة رمزية: 'لا تطعِموا الإبادة الجماعية'.
س: كيف يتفاعل الناس مع حراككم؟
ج: باستثناء بعض المؤيدين للاحتلال، مثل إسرائيليين أو أجانب بيض، يتفاعل أغلب الناس بإيجابية. بعض المارّة يقدمون لنا مشروبات أو حلوى، والعديد يبدون نظرات دعم، حتى إن لم يتحدثوا، هذه المبادرات الصغيرة تمنحنا دفعة للاستمرار.
س: هل تعتقدون أن نشاطكم يزيد من وعي الناس ويشجعهم على المشاركة؟
ج: بالتأكيد. لدينا جدول مشترك عبر الإنترنت يمكن لأي شخص التسجيل فيه، وهناك نقطة قريبة لتسليم اللافتات. يشارك طلاب مدارس وجامعات، ومتضامنون دوليون، وطلاب تبادل. بعض المغنين والكتّاب المعروفين انضموا كذلك. على مدار أكثر من 440 يومًا، شارك في الاعتصام أكثر من 400 شخص، مع احتساب التكرار.
س: هل تتوقعون أن تضغطوا على حكومتكم أو الاحتلال من خلال هذه الأنشطة؟
ج: في النهاية نعم. أحد أهم أهدافنا هو بناء روابط بين الناس عبر العمل الجماعي. نجتمع مرة أو مرتين شهريًا مع المشاركين، سواء من الاعتصام أو التظاهرات الكبرى، لنتبادل المعرفة ونتعمق في القضية. من بين الحضور طلاب عرب، ومساعدو برلمانيين، وغيرهم. حتى لو لم نغيّر موقف الحكومة الكورية فورًا، فإننا نُبقي صوتنا حاضرًا أمام السفارة ونُشعرها بالإزعاج اليومي. نحن نُذكّر الجميع بأن جرائم الاحتلال لن تمر بصمت.
س: هل واجهتم قيودًا من الحكومة الكورية بسبب نشاطكم؟
ج: هناك بعض الاحتكاك مع الشرطة التي تمثل السلطة، لكن لم نتعرض لاعتقالات أو ملاحقات قانونية. في كوريا يجب تسجيل التظاهرات مسبقًا، لكن المؤتمرات الصحفية يمكن تنظيمها بحرية. لذلك، نُدرج العديد من أنشطتنا ضمن هذا الإطار.
لكن إذا تخلل المؤتمر هتافات أو مسيرة قصيرة، تبدأ الشرطة بتصوير المشاركين أو إغلاق الطرق، مما يؤدي أحيانًا إلى احتكاكات بسيطة. مع ذلك، لا نواجه قمعًا مباشرًا كما يحدث في دول مثل ألمانيا أو الولايات المتحدة.
س: كيف ترون علاقة الحكومة الكورية بالاحتلال الإسرائيلي؟
ج: للأسف، كوريا الجنوبية كانت أول دولة آسيوية توقع اتفاقية تجارة حرة مع الاحتلال عام 2021، رغم جائحة كورونا والقصف على غزة آنذاك. حتى اليوم، تصدر كوريا أسلحة للاحتلال، وترسل أعدادًا كبيرة من الحجاج المسيحيين إلى الأراضي المحتلة. كل من كوريا والاحتلال تأسسا عام 1948، وتشكّلت علاقتهما في إطار تحالفات الحرب الباردة بقيادة الولايات المتحدة. الاحتلال خدم مصالح واشنطن من خلال الاستيطان والاحتلال، وكوريا الجنوبية فعلت الأمر ذاته من خلال العسكرة ومعاداة الشيوعية. العلاقات تعززت في التسعينيات بعد توقيع اتفاقات 'سلام' مضللة، وأعيد افتتاح السفارة الكورية في تل أبيب عام 1994، وصولًا إلى توقيع اتفاقية التجارة الحرة.
بعد 7 أكتوبر 2023، استمرت كوريا بتعزيز علاقاتها العسكرية والثقافية مع الاحتلال. وقّعت شركات كورية كبرى مثل Hanwha وKAI شراكات مع شركة الأسلحة الإسرائيلية Elbit Systems، وأُقيمت معارض دفاعية بمشاركة شركات الاحتلال، رغم قرار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في أبريل 2024 الذي دعا إلى وقف تصدير السلاح. وبلغت قيمة صادرات الأسلحة الكورية للاحتلال نحو 8.4 مليار وون (حوالي 6 ملايين دولار) بين يناير وأغسطس 2024. هذا يثبت أن وزارة الدفاع الكورية وشركاتها متورطة في العنف الاستعماري والإبادة الجماعية.
س: ما هي أنشطتكم القادمة لدعم فلسطين؟
ج: غدًا سننظم إضرابًا عن الطعام طوال اليوم أمام السفارة المصرية. في 24 يوليو، نظّمنا فعالية 'قرع الطناجر' أمام السفارة الإسرائيلية، والآن نحول الضغط نحو مصر، سينضم لنا صديق فلسطيني من غزة مباشرة عبر البث، كما سيتحدث أعضاء من الجالية المصرية في كوريا.
أيضًا، دعا الفلسطينيون إلى استبعاد 'معهد التخنيون' الإسرائيلي من ندوة الحفاظ على التراث التي ستُعقد في متحف كوريا الوطني بين 25 و29 أغسطس. هذا المعهد متورط مباشرة في الإبادة بغزة. وبالفعل، بدأ طلاب من جامعة KAIST الكورية، وهي من الجهات المنظمة للفعالية، بحملات احتجاجية تشمل نشر ملصقات وتنظيم مظاهرة يوم 24 أغسطس أمام المتحف.
س: كيف تنظرون إلى الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي؟
ج: ليس لدي ما أقوله إلا أن هذه الإبادة يجب أن تتوقف الآن. أتمنى أن يتمكن سكان غزة، ومنهم من هم أصلاً من أراضي الداخل المحتل، من العودة إلى ديار أجدادهم بأمان. التقيت مؤخرًا نساء من غزة علقن في الضفة الغربية بعد السابع من أكتوبر بسبب العمل أو العلاج، وأبدين رغبة عميقة في العودة رغم دمار بيوتهن. حبهن لأرضهن الممزقة والمسلوبة مؤثر جدًا.
كشخص من كوريا، الدولة المنقسمة التي تعاني من واحدة من أكثر الحدود عسكرة في العالم، أرى في القصف والطائرات المسيرة الموجهة نحو الفلسطينيين تهديدًا لنا أيضًا. الاحتلال يمثّل الاستعمار والعسكرة والعنصرية—وهي ذات القوى التي قسمت كوريا وأبقت حربها معلقة دون نهاية.
س: أخيرًا، ما هي رسالتكم لأهالي غزة اليوم؟
ج: بعد ما نشهده اليوم في غزة، لا يمكننا العودة إلى ما قبل. ومع ذلك، وسط هذا الظلام، فإن مقاومة الشباب الفلسطيني، والتضامن العالمي المتصاعد معهم، يعطيان الأمل بالتحرر. الجيل الجديد يدعم فلسطين من خلال حركات عدالة متقاطعة، وحملات المقاطعة تتوسع، وأوامر الاعتقال من المحكمة الجنائية الدولية باتت أكثر واقعية. المزيد من الناس يرون الحقيقة اليوم، ويرفضون العسكرة والاستعمار، وينضمون إلى نضال عالمي من أجل فك الاستعمار من خلال التضامن مع تحرير فلسطين.
شكرًا لكِ
شكرًا لكم.
