اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ٨ أيار ٢٠٢٥
أثارت زيارة السفير الأميركي لدى الاحتلال، مايك هاكابي، إلى مستوطنة 'شيلوه' شمال شرق رام الله، حيث التُقطت له صور برفقة خمس من 'البقرات الحمراء'، موجة من التحذيرات في الأوساط الفلسطينية، خصوصًا في ضوء الرمزية الدينية لهذه الحيوانات لدى الجماعات اليهودية المتطرفة.
ورغم أن سياسة وزارة الخارجية الأميركية في كل الإدارات السابقة تمثلت بمعارضة وصول سفرائها في إسرائيل إلى مناطق الضفة الغربية، فإن السفير الحالي للولايات المتحدة مايك هاكابي زار مستوطنة 'شيلو' الواقعة شمال شرق رام الله رفقة زوجته، أمس الأربعاء، والتقى هناك رئيس مجلس المستوطنات يسرائيل غانتس.
وبدأ هاكابي جولته من زيارة المزرعة التي تتواجد فيها 5 بقرات حمراوات، تعتقد جماعات الهيكل المتطرفة أن وجودها في البلاد يعتبر إشارة إلهية إلى قرب بناء 'المعبد الثالث' مكان المسجد الأقصى وظهور المسيح المنتظر.
الباحث المقدسي زياد ابحيص، المتخصص في شؤون القدس، اعتبر أن هذه الزيارة تعكس 'انخراطًا رسميًا من قبل الولايات المتحدة في دعم أجندات دينية متطرفة تسعى لفرض واقع تهويدي جديد في المسجد الأقصى'.
وأوضح ابحيص أن 'البقرات الحمراء' تُعد عنصرًا مركزيًا في العقيدة اليهودية المتطرفة، حيث يُعتقد أنها ضرورية لتنفيذ طقس 'التطهير من نجاسة الموتى'، وهو الطقس الذي يمثل – بحسب هذه الجماعات – الخطوة الدينية الأخيرة قبل الشروع في عمليات اقتحام موسّعة للمسجد الأقصى، باعتباره ما يسمونه 'جبل الهيكل'.
وأشار ابحيص إلى أن هذه الخطوة 'ليست منفصلة عن السياق العام لمشاريع التهويد الديني والسياسي في القدس، بل تأتي استكمالاً لتحركات سابقة شارك فيها مسؤولون أميركيون، مثل جيسون غرينبلات وديفيد فريدمان، خلال افتتاح نفق الحجاج في سلوان عام 2019'، في فعالية وصفت حينها بأنها دعم أميركي مباشر لمشاريع الحفريات أسفل المسجد الأقصى.
وبحسب ابحيص، فإن زيارة هاكابي ليست فقط رسالة دعم لجماعات 'الهيكل'، بل تمثل أيضًا مؤشرًا خطيرًا على أن أطرافًا رسمية في الإدارة الأميركية باتت ترى في الطقوس الدينية المتطرفة أداة مشروعة لدعم الاحتلال وتعزيز مشروعه التهويدي.
وفي قراءته لزيارة هاكابي للمزرعة التي يتم تربية البقرات الحمراوات فيها، قال الأكاديمي والباحث المقدسي عبد الله معروف، إنها تنطلق من كونه ينتمي للتيار الديني 'الأنجليكاني المسيحاني'، الذي يرى في التعاون مع إسرائيل مقدمة لقدوم المسيح.
'ولذلك فهو يفرض رؤيته الدينية الخاصة على مهماته الدبلوماسية ويعطيها صبغة دينية، وهذا أمر في غاية الخطورة لأنه يعطي انطباعا بأنه ليس سفيرا لدولته بقدر ما هو أحد الدعاة المهووسين بالنبوءات الدينية والأساطير التي يعد القائمون عليها خطرا على السلام والاستقرار والأمن العالمي'، يضيف معروف.
وهؤلاء -يقول الباحث المقدسي- إنهم يرون العالم من منظار نبوءات القيامة وحروب آخر الزمان، وبالتالي يشجّعون على تطبيق هذه الرؤى الدينية وتحقيقها على أرض الواقع، بمعنى أنهم يتحولون إلى دعاة حروب دينية عالمية، وهذا ما يعرّض استقرار العالم بأسره لخطر كبير.
ويُذكر أن مستوطنة 'شيلوه'، التي أقيمت على أراضي الفلسطينيين شمال شرق رام الله، باتت تُستخدم كموقع رمزي وفعلي لتنفيذ طقوس 'الهيكل' المزعوم، في محاولة لمحاكاة ما تعتبره الجماعات التلمودية 'الهيكل القديم' وتحضير 'العودة' إليه، على حساب الواقع الإسلامي القائم في الحرم القدسي الشريف.
وكانت 5 بقرات حمراوات وصلت إلى إسرائيل في سبتمبر/أيلول من عام 2022 قادمة من ولاية تكساس الأميركية، وترجع أهمية البقرة الحمراء لدى الجماعات الاستيطانية إلى نصوص المشناة (شروح التوراة)، وهي جزء من كتاب التلمود، وتتلخص في ضرورة ظهور بقرة حمراء خالصة ليس فيها شعرتان من لون آخر، ولم تستخدم لأي أعمال خدمة مطلقا ولم يوضع في رقبتها حبل، وربيت في 'أرض إسرائيل'.
ومع توفر هذه المواصفات بما فيها انتظار بلوغ البقرة عامين ليُتاح استخدامها في 'عملية تطهير' -حسب زعم الجماعات الاستيطانية- ينبغي أن تُجرى فوق جبل الزيتون في القدس مقابل المسجد الأقصى، حيث يتم ذبحها بطريقة وطقوس خاصة في يوم يوافق الثاني من نيسان العبري، ثم حرقها بشعائر مخصوصة، واستخدام رمادها في عملية 'تطهير الشعب اليهودي'.
وعندها فقط يصبح بإمكان اليهود الصعود إلى 'بيت الرب'، في إشارة إلى المسجد الأقصى من كافة أنحاء العالم، في ظل تحريم الحاخامية الكبرى في إسرائيل حتى الآن اقتحام المستوطنين للأقصى بسبب ما يسمونه عدم تطهرهم من 'نجاسة الموتى'.
وتعمل جماعات المعبد المتطرفة بشكل حثيث على تنفيذ هذا الطقس، وتؤيدها بذلك مجموعات مسيحية متطرفة من بينهم 'الإنجيليون الجدد'.