اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ٢٢ تموز ٢٠٢٥
في زمن تُصاغ فيه الخرائط بالحبر الخفي للمصالح، وتُطبع فيه الوعود على أوراق مُلغّمة، يقف لبنان مكشوفًا أمام ما يُسمّى 'الخطر الودي'. ذاك الخطر الناعم، المتسلّل، المغلّف بالكلمات المعسولة، الذي يُخفي وراءه أجندات تُفكّك لا تُعمّر، وتُراكم الهشاشة لا الأمان.
لبنان في مرمى الابتسامات المُسمّمة. لم يعد الاحتلال وحده هو العدو، هناك من يأتي باسم الإعمار وهو يريد السيطرة، ومن يطرح المبادرات ليزرع الشروط، ومن يُطالب بالإصلاح ليبتزّ السيادة. إنها الحرب الناعمة، الأخطر من المدافع، لأنها تحاول تفكيك الداخل من دون رصاصة، بل بثقافة الاستسلام والترويض.
لبنان يُدعى إلى الحياد، لكن في حقيقته يُجرّ إلى الاصطفاف. يُنصح بنزع السلاح، لكن الهدف نزع الكرامة. تُفتح له أبواب المساعدات، لكن الثمن هو بيع أوراق القوة والموقف.
الخطر الودي يُقابَل بعزمٍ لا يلين، وسلاحٍ لا يُسقط، وثباتٍ لا يُباع
هكذا تُواجه هذه المرحلة. لا بإعلان الحرب، بل بالوعي. لا بالصدام، بل بالثبات. لبنان الذي قاوم بالموقف كما بالسلاح، يعرف أن الصمود لا يكون فقط في الجبهة، بل في رفض التنازل عن حق، أو التخلي عن كرامة، أو مساومة على مشروع وطني.
لا استسلام لأنياب الدبلوماسية الناعمة.
اللبنانيون اليوم أمام مفترق: إما أن يقرأوا الخطر حين يبتسم، أو يُخدَعوا بكلمات المانحين. فلا مبادرة بريئة إذا كانت تمس السيادة، ولا إعمار مجاني إذا كان ثمنه رأس المقاومة. نحن في لحظة اختبار: من معنا كرمى للبنان، ومن علينا كرمى لمشاريعه؟
الخطر حين يأتي على هيئة صديق، يحتاج إلى شعب لا يغفو. ولبنان لن يُحمى إلا بإرادة شعبه، وبوعي نُخَبه، وبصلابة موقعه. فلا سلاح يُسقط إن كان الحق سنده، ولا وطن ينهزم إن كان أهله يعرفون أن لا كرامة في الحياد، ولا بقاء في الخضوع.
فليبتسم الخطر ما شاء... لبنان سيبقى حيث لا يساوم، ولا يُؤخذ بالخديعة.