اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ٣١ أيار ٢٠٢٥
تصعّد القوات المسلحة اليمنية قصفها الصاروخي الباليستي، مستهدفة مطار 'بن غوريون' في (تل أبيب) عبر إطلاق عشرات الصواريخ والطائرات المسيّرة منذ مطلع العام الحالي، بالتزامن مع عودة التصعيد الإسرائيلي في 18 مارس/آذار الماضي.
وأعلنت القوات اليمنية أن الهدف من هذا القصف هو فرض حظر جوي على المطار الأهم في دولة الاحتلال، الأمر الذي خلّف تداعيات كبيرة لدى المجتمع الإسرائيلي بعد أن استجابت شركات طيران عالمية بتعليق رحلاتها الجوية إليه.
وقد أطلقت القوات المسلحة اليمنية 41 صاروخًا باليستيًا منذ استئناف العدوان على قطاع غزة في مارس، بالإضافة إلى 10 طائرات مسيّرة، مما يجعله التصعيد الأكبر منذ بدء إسنادها لغزة.
ومرّ الإسناد اليمني بمراحل متعددة، بدأت بفرض حظر بحري على السفن المتجهة نحو الاحتلال، ثم انتقل إلى استهداف سفن عسكرية إسرائيلية، من بينها سفن أمريكية، وصولًا إلى قصف العمق الإسرائيلي بصواريخ ومسيّرات بعيدة المدى.
إرباك أمني
قال الخبير العسكري والاستراتيجي العقيد حاتم كريم الفلاحي، إن هذه الصواريخ لا تُسبب فقط إرباكًا أمنيًا، بل تُخلّف أيضًا آثارًا نفسية عميقة، حينما تُجبر ملايين الإسرائيليين على التوجه نحو الملاجئ، ما يزيد من ضغط الرأي العام الداخلي ويُحدث حالة من الخوف الجماعي.
ولفت الفلاحي إلى أن منظومات الدفاع الجوي الإسرائيلية، رغم تنوعها، مثل القبة الحديدية و'حيتس 2 و3' و'مقلاع داود'، تعاني من تحديات جدية في التعامل مع هذا النمط الجديد من التهديدات، خاصة مع تنفيذ الهجمات من آلاف الكيلومترات.
وأشار إلى أن الأثر الاقتصادي لا يقل خطورة، إذ أدّت هذه الهجمات إلى عزوف عدد من شركات الطيران العالمية عن تسيير رحلاتها إلى دولة الاحتلال، ما ينعكس سلبًا على صورتها السياسية والاقتصادية أمام الرأي العام الدولي.
والخميس الماضي، اعترض الاحتلال صاروخًا يمنيًا فوق مدينة القدس المحتلة، مما أدى إلى إيقاف مباراة كرة قدم، مع دوي صفارات الإنذار في قطاع واسع من البلدات والقرى الإسرائيلية.
وفي سابقة تاريخية، سقط صاروخ يمني في مطار بن غوريون في 4 مايو/أيار الجاري، وتصاعد الدخان من داخل المطار بعدما استطاع الصاروخ تجاوز جميع منظومات الدفاع الجوي الإسرائيلية والأمريكية التي فشلت في اعتراضه، ما أدى إلى تعطّل حركة الملاحة في المطار.
ويشير تكثيف القصف اليمني، في محاولة لتثبيت فرض الحظر الجوي، إلى ما أعلنه جيش الاحتلال مساء الثلاثاء الماضي، باعتراضه صاروخين أُطلقا من اليمن خلال ثلاث ساعات.
وخلال عمليات الإطلاق، تتعطل حركة الطيران في مطار بن غوريون مؤقتًا، وتُسمع دوي انفجارات ضخمة ناجمة عن اعتراض الصواريخ، وفي معظم الحالات تدوي صفارات الإنذار في أكثر من 200 موقع، ما يُجبر ملايين الإسرائيليين على دخول الملاجئ.
وبعد الاستهداف الذي وقع في 9 مايو/أيار، ألغت شركات الطيران: 'إيرلاينز'، و'دلتا'، و'يونايتد' جميع رحلاتها إلى الاحتلال لمدة أسبوع. وفي 5 مايو/أيار، ذكرت القناة 12 العبرية أن إلغاء شركات الطيران رحلاتها بعد سقوط الصاروخ اليمني في اليوم السابق أدى إلى وجود آلاف العالقين في الخارج. كما أدى إطلاق صاروخ في 18 إبريل/نيسان إلى إصابات في صفوف المستوطنين نتيجة التدافع نحو الملاجئ.
مسؤولية دينية وإنسانية
أكد الكاتب والمحلل السياسي اليمني رضوان العمري أن هذا القصف والإسناد العسكري نابع من مسؤولية دينية وإنسانية بحتة، باعتبار أن القضية الفلسطينية هي القضية المركزية لليمن، في وقت يتعرض فيه الشعب الفلسطيني لمجازر إبادة جماعية أمام مرأى ومسمع العالم.
ورأى العمري في حديثه لـ 'فلسطين أون لاين' أن اليمن ماضٍ في الإسناد حتى وقف العدوان ورفع الحصار، لافتًا إلى أن التصعيد الأخير وإعلان الحظر الجوي والبحري الذي طال ميناء حيفا، يعني أن اليمن يواجه التصعيد في غزة بتصعيد مماثل، ويسعى من خلاله إلى الضغط على الاحتلال بكل الوسائل الممكنة لوقف العدوان.
وشدد على أن هذه معادلة واضحة لليمن في إسناده لغزة، لذلك كثفت القوات المسلحة عملياتها مؤخرًا لتثبيت فرض الحظر الجوي على الطائرات القادمة للاحتلال. وهناك استجابة من شركات طيران دولية بالتزامن مع التصعيد، وهو ما يمثل ضغطًا إضافيًا إلى جانب الحصار المفروض على الاحتلال في البحرين الأحمر والعربي.
وأكد أن التأييد الشعبي اليمني للعمليات المسلحة كبير ومتزايد، مشيرًا إلى أنه خلال الأسبوع الماضي نُظّمت أكثر من ألف وقفة في عموم المحافظات اليمنية لتأييد عمليات الإسناد والاستعداد لمواجهة أي تصعيد. ومنذ عدة أشهر لم يمر يوم دون نشاط إسنادي دعمًا لغزة، مما يجعل الإسناد العسكري ترجمة عملية لمطالب شعبية.
من جهته، رأى المختص في الشأن الإسرائيلي عادل شديد أن تكثيف اليمن قصفه للاحتلال له الكثير من التداعيات؛ أبرزها أنه يُحرج (إسرائيل) أمام دول العالم التي تعتمد على شركات الطيران الدولية، ما يضعف مصداقية وهيبة الاحتلال أمام شركائه وينسف رواية نتنياهو بأنه دمّر محور المقاومة وبنى شرقًا أوسط جديدًا تهيمن فيه (إسرائيل) على مفاصل القوة.
وقال شديد لـ'فلسطين أون لاين': 'استهداف الوسط ومطار بن غوريون يعني إقحام ملايين الإسرائيليين في ساحة الحرب، وجعلهم يدفعون الكلفة، ما ينسف سردية وتكتيك نتنياهو القائم على تطبيع الإسرائيليين مع الحرب وكأنها لا تعنيهم'.
وأضاف: 'حين تؤثر الحرب على مصالح الإسرائيليين وتشوش حياتهم وتزعجهم ليل نهار، تزداد نسبة الرافضين للحرب، لأنها زادت من عدد المتضررين منها'.
وأكد شديد أن الدور العسكري التضامني من اليمن يشعر الفلسطينيين بأنهم ليسوا وحدهم، وأن القضية الفلسطينية هي قضية العرب والمسلمين، وهذا الدور يشكّل رافعة قوية للفلسطينيين ويساعدهم على الثبات، كما يُحرج الأنظمة العربية التي تهرول للتطبيع مع من يذبح ويبيد غزة.