اخبار فلسطين
موقع كل يوم -شبكة قدس الإخبارية
نشر بتاريخ: ٦ تموز ٢٠٢٥
ترجمات خاصة - قدس الإخبارية: أجرت صحيفة وول ستريت جورنال مقابلة مع وديع الجعبري، المعروف أيضًا بأبي سناد، كشف فيها عن عرض قدّمه لحكومة الاحتلال يتضمّن إقامة إمارة خاصة في الخليل تحكمها العشائر، مقابل الاعتراف بـ'إسرائيل' كـ'دولة يهودية'، على أن تحصل هذه الإمارة على امتيازات اقتصادية من الاحتلال. ونقلت الصحيفة عن الجعبري قوله: 'نريد التعاون مع إسرائيل، نريد التعايش'.
ووفقًا للصحيفة، وقّع الشيخ الجعبري وأربعة شيوخ كبار آخرين من الخليل على رسالة يتعهّدون فيها بـ'السلام' و'الاعتراف الكامل بإسرائيل كدولة يهودية'. وتقوم خطّتهم على انفصال الخليل عن السلطة الفلسطينية، وإقامة إمارة خاصة بها، والانضمام إلى اتفاقات التطبيع التي وقّعتها إسرائيل مع عدد من الدول العربية.
وُجّهت الرسالة إلى وزير الاقتصاد في حكومة الاحتلال، نير بركات، رئيس بلدية القدس السابق، الذي استضاف الجعبري وغيره من الزعماء العشائريين في منزله، والتقى بهم أكثر من عشر مرّات منذ فبراير. وهم يطلبون منه عرض الرسالة على رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو.
وجاء في الرسالة: 'ستعترف إمارة الخليل بدولة إسرائيل كدولة قومية للشعب اليهودي، وستعترف دولة إسرائيل بإمارة الخليل كممثل للسكان العرب في منطقة الخليل'. وتسعى الرسالة - حسب الصحيفة - إلى وضع جدول زمني للمفاوضات بهدف الانضمام إلى اتفاقات التطبيع، و'ترتيب عادل ولائق يحلّ محل اتفاقات أوسلو، التي لم تجلب سوى الضرر والموت والكوارث الاقتصادية والدمار'، كما ورد في نصها.
وقال الجعبري: 'لقد جلبت اتفاقات أوسلو، التي أُبرمت بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية في التسعينيات، علينا السلطة الفلسطينية الفاسدة، بدلًا من الاعتراف بالقيادة المحلية التقليدية الأصيلة، أي العشائر والعائلات الكبرى التي لا تزال تشكّل المجتمع الفلسطيني'.
ويقترح الموقّعون على الرسالة أن يسمح الاحتلال بدخول ألف عامل من الخليل لفترة تجريبية، ثم خمسة آلاف آخرين. وأكد الجعبري أن بركات أبلغهم بأن هذا العدد سيصل إلى 50 ألف عامل أو أكثر من الخليل. وتعهد الجعبري والموقّعون معه بـ'عدم التسامح مطلقًا مع أي عمل مقاوم من قبل العمال'.
وقال وزير الاقتصاد في حكومة الاحتلال بركات: 'عملية السلام القديمة فشلت، لذا نحن بحاجة إلى تفكير جديد'. وأكد مصدر 'إسرائيلي' رفيع للصحيفة أن 'نتنياهو كان داعمًا لكن متحفّظًا، وينتظر ليرى كيف ستتطوّر المبادرة. وقد خرج التوقيت من يديه الآن بعد أن قدّم الجعبري الرسالة العلنية'.
وتابع الجعبري خلال حديثه للصحيفة: 'لن تكون هناك دولة فلسطينية، ولا حتى بعد ألف عام'. ووافقه أحد الموقّعين على الرسالة، قائلًا: 'التفكير فقط في إقامة دولة فلسطينية سيقودنا جميعًا إلى كارثة'.
وبحسب الصحيفة، تسرد وثيقة بالعبرية أسماء شيوخ عشائر من منطقة الخليل انضموا إلى مبادرة الإمارة. تضمّ الدائرة الأولى ثمانية شيوخ كبار، بينما تضمّ الدائرة الثانية 13 شيخًا. وقد أقسمت الدائرتان على الاتفاق مع كل ما يطرحه الجعبري. ويعتقد الموقّعون أن عناصر أمن السلطة الذين ينتمون لعائلات هؤلاء الشيوخ سيلتزمون بالقرار العشائري.
وأضاف الجعبري: 'أخطط لقطع العلاقة مع السلطة الفلسطينية. إنها لا تمثّل الفلسطينيين'. وأضاف أن العشائر حكمت مناطقها المحلية لمئات السنين. ثم 'قررت إسرائيل عنا عندما أحضرت منظمة التحرير الفلسطينية وقالت للفلسطينيين: خذوا هذه. هناك مثل عربي يقول: لا يحرث الأرض إلا عجولها. الشيء الوحيد الذي تعرفه السلطة الفلسطينية عن الخليل هو جمع الضرائب'.
ونقلت الصحيفة عن أربعة شيوخ عشائريين آخرين من الخليل، أُجريت معهم مقابلات عبر تطبيق زوم بشكل منفصل، مواقف أكثر تشددًا. قال أحدهم: 'أطلقت منظمة التحرير الفلسطينية على نفسها حركة تحرير. ولكن بمجرد أن حصلوا على السيطرة، لم يفعلوا سوى سرقة أموال الناس. ليس لديهم الحق في تمثيلنا. نحن فقط نمثّل أنفسنا'. وأضاف شيخ آخر: 'نريد من العالم أن يسمع ألمنا. السلطة الفلسطينية تسرق كل شيء، حتى مياهنا. ليس لدينا ماء نشربه'.
وكشفت الصحيفة عن وجود محادثات بين الموقّعين على الرسالة ورئيس مجلس مستوطنات شمال الضفة الغربية يوسي داغان، الذي قال إنه يدعم الخطة وعمل عليها. كما التقى الموقّعون على الرسالة بـ'إسرائيل غانتس'، الذي يقود مجلس المستوطنات في الضفة الغربية، وعمل معه بركات على سيناريوهات محتملة.
وكشف بركات أن 'حل الإمارات' هو من بنات أفكار مردخاي كيدار، الباحث في الثقافة العربية في جامعة بار إيلان الإسرائيلية. جلب كيدار الجعبري إلى بركات وبدأت المحادثات. وأكد كيدار لمراسل الصحيفة: 'رأيت الرسالة؟ هذا يعني أن الأمر يحدث بالفعل. لقد كنت أحاول منذ 20 عامًا الترويج لفكرة الإمارات الفلسطينية'.
وأوضح كيدار: 'الخليل أكثر تقليدية بكثير وأكثر التزامًا بالبعد الاجتماعي، خاصة مقارنة برام الله. ستكون الخليل حالة اختبار لهذه الفكرة عن الإمارات'. ويتوقع هو وبركات والموقّعون على الرسالة أن تضع الخليل الأساس للتغيير في مدن أخرى بالضفة، وربما لاحقًا في بيت لحم، لإعادة تشكيل العلاقات بين الاحتلال والفلسطينيين.
وأضاف كيدار: 'الفصائل الفلسطينية تحاول بناء شرعيتها على كراهية الاحتلال. لكن العشائر شرعية بطبيعتها. لا تحتاج إلى عدو خارجي لتخويف الجميع للانضواء تحت راية حاكم غير شرعي'.
وتابع الجعبري: 'السلطة الفلسطينية التي تتخذ من رام الله مقرًا لها لا تستطيع حمايتنا، ولا تستطيع حتى حماية نفسها'. وقال أحد الشيوخ العشائريين الموقّعين: 'إذا حصلنا على موافقة الرئيس ترامب والولايات المتحدة لهذا المشروع، يمكن أن تكون الخليل مثل الخليج، مثل دبي'.
وأوضح وزير الاقتصاد في حكومة الاحتلال بركات أن الشيوخ الموقّعين على الرسالة كانوا مستعدّين للتحرك في نهاية رمضان بعد توقيع الرسالة في 24 مارس. ويشكون من أنه طُلب منهم الانتظار لأشهر لأن حكومة الاحتلال كانت مشغولة أولًا في غزة، ثم في إيران. وقال بركات: 'يجب على إسرائيل حمايتهم'.
وقد انضم العديد من الشيوخ العشائريين إلى المبادرة منذ مارس، بحسب الصحيفة الأمريكية، وقال هؤلاء إنهم واثقون من أن ما لديهم من سلاح وعدد يفوق ما لدى السلطة. وأكد أحد الموقّعين أن 'لا أحد يحترم السلطة بين الناس، ولا أحد يريدها، لكن الجميع ينتظر ولا يصطدم معها لأنها محمية من إسرائيل'.
وأوضحت الصحيفة أن الشاباك رفض التعليق على الموضوع. ومع ذلك، أكدت المصادر السياسية والأمنية لدى الاحتلال للصحيفة أن الشاباك يرى السلطة ضرورية في مواجهة المقاومة في الضفة الغربية، وقد عارض خطة الإمارات. وتكثر المخاوف من احتمال اندلاع العنف أو الفوضى في مدن أخرى بالضفة، وتعجز النظم العشائرية عن احتوائه.
ووفقًا للصحيفة، يعتقد كثيرون في المؤسسة الأمنية للاحتلال أن عشائر الضفة الغربية متفرقة جدًا بحيث لا يمكنها الحكم أو مواجهة المقاومة. وقال اللواء المتقاعد غادي شامني، الذي قاد القيادة المركزية لجيش الاحتلال (الضفة الغربية) من 2007 إلى 2009: 'كيف تتعامل مع عشرات العائلات المختلفة، كل منها مسلحة، وكل منها تحت سيطرتها الخاصة؟ الجيش سيكون عالقًا في تبادل لإطلاق النار، وستكون فوضى وكارثة'.
ورفض شامني فكرة أن 'التطلعات الوطنية للفلسطينيين ستختفي بحيث يمكن التعامل مع كل قبيلة على حدة'. وفي رأيه: 'لا توجد طريقة للسيطرة على الضفة الغربية وإدارة الحياة هناك دون سلطة مركزية كالسلطة الفلسطينية'.
لكن العميد المتقاعد أمير أفيفي، مؤسس 'منتدى الدفاع والأمن الإسرائيلي'، يخالفه الرأي. وقد التقى أفيفي بالجعبري عدة مرات واعتبره جادًا، خاصة بعد أن جمع العديد من الشيوخ العشائريين إلى جانبه. ويضيف: 'إذا كان موقف إسرائيل هو أن السلطة الفلسطينية لا يمكن السماح لها بالحكم في غزة لأنها إرهابية وفاسدة، فلماذا يُسمح لها بالحكم في الضفة؟'.
وأكد الشيوخ الموقّعون أن بإمكانهم إزالة السلطة الفلسطينية من الخليل في أسبوع أو يوم واحد. وينصح أحدهم الاحتلال: 'فقط لا تتدخلوا. كونوا خارج الصورة'. وهم يعتقدون أن دعم ترامب يمكن أن يحسم الأمر مع نتنياهو، كما يقولون إنهم قادرون ومتحمسون لمواجهة المقاومة.
وعندما سُئل الجعبري عما إذا كان قلقًا من أن يُعتبر مشروعه للتعايش مع الاحتلال خيانة للشعب الفلسطيني وقضيته، سخر قائلًا: 'الخيانة حدثت في أوسلو. أنتم نسيتم، لكني أتذكر 33 عامًا منها، من الوعود الكاذبة والعنف والسرقة والفقر، حتى مع تدفّق مليارات الدولارات من المساعدات من الغرب... أنا أؤمن بطريقي. ستكون هناك عقبات، لكن إذا واجهنا صخرة، فسيكون لدينا الحديد لكسرها'.