اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ٢٠ تشرين الثاني ٢٠٢٥
بعد عامين من حرب إبادة طحنت البشر والحجر، ما يزال حي الشجاعية في شرق غزة واحدًا من أكثر الأحياء التي حرم الاحتلال أهلها حق العودة إلى بيوتهم.
فالاحتلال الإسرائيلي يواصل منع السكان من دخول المنطقة المحاذية لما يسمى 'الخط الأصفر'، وهو نطاق يفرض فيه وجودًا عسكريًا إلى حين انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، ويمنع الأهالي من الوصول لبيوتهم أو حتى الاقتراب منها.
يعد هذا الخط حاجزًا عسكريًا فعليًا، حولته (إسرائيل) إلى منطقة “مغلقة” تُدار عبر أبراج مراقبة ودوريات دائمة، وتتعامل معه كحدّ فاصل لا يسمح بعودة الأهالي حتى بعد وقف إطلاق النار، ما جعل آلاف العائلات مشلولة بين رغبة العودة وواقع المنع القسري.
ومع حلول الشتاء، تتفاقم مأساة النازحين الذين يعيشون في ظروف صعبة لا تليق بكرامتهم الإنسانية.
فبين خيمة مهترئة وأكوام الركام التي كانت يومًا منازلهم، يجد الأهالي أنفسهم عالقين في نزوحٍ قسري لا أفق له، بعد أن قضى الاحتلال على آخر فرصة لعودة بسيطة إلى ما تبقى من أحيائهم.
تجلس زينات عياد، وهي فتاة في الثلاثينات من عمرها، أمام خيمتها في مدينة غزة، تحاول مقاومة الهواء البارد الذي يتسلل بين فتحاتها، منذ أن أجبرها الاحتلال على النزوح من حي الشجاعية، تعيش زينات مع أسرتها في خيمة لا توفر الحد الأدنى من الحماية.
تقول زينات لصحيفة 'فلسطين': 'رجعنا لغزة بعد وقف إطلاق النار، كنا متأملين نرجع لبيتنا في شارع بغداد بالشجاعية… لكن الاحتلال واقف على الخط الأصفر وما سمح لحد يمر، حسّيت إني رجعت للمدينة بس ما رجعت لبيتي.'
وتضيف: ' على قد فرحتنا برجوعنا لغزة بعد ما ذقنا مرارة النزوح ولكن الفرحة لم تكتمل ولا زلنا محرومون من الوصول إلى بيتنا، حتى لو كان مدمر نقعد على ركامه بيضل بيتنا وحقنا نرجع له'.
تعيش زينات اليوم مع خمسة أفراد من أسرتها في خيمة صغيرة لا تصمد أمام تقلبات الطقس، ومع أول منخفض جوي، تسللت مياه الأمطار إلى داخل خيمتهم، بللت الفُرُش والملابس، واضطروا لقضاء الليل على أقدامهم.
أما أبو وديع المبيض من سكان شارع المنصورة شرق الشجاعية، فيعيش اليوم في نازحا قرب منطقة ميناء غزة، بعد أن حُرم من العودة إلى منزله رغم أنه لم يكن مدمَّرًا عند وقف إطلاق النار.
يقول في حديث لصحيفة 'فلسطين': 'كنت على يقين إن بيتي واقف، لكن الاحتلال يواصل تدمير البيوت المتواجدة بعد الخط الأصفر'.
ويضيف المبيض:' قبل أسبوعين عرفت إنهم فجّروا المنطقة اللي فيها بيتنا، يعني بيتي تدمر بعد الحرب… مش خلالها.'
ويعيش المبيض في خيمة قرب الميناء تتعرض لرياح البحر الشديدة، ما يزيد من صعوبة الحياة، ويوضح ان 'الشتوية هون بتدخل على العظم. ما في جدار، ما في شباك، حتى السقف مرات بنخاف يطير.'
حرمان من العودة
المعاناة التي يعيشها عياد والمبيض ليست استثناءً، بل هي واقع يعيشه آلاف النازحين من حي الشجاعية وغيرها على امتداد شرق قطاع غزة، واستمرار الاحتلال في منع الأهالي من الوصول لمنازلهم خلف 'الخط الأصفر' يعني بقاء آلاف العائلات في خيام تفتقر لأبسط مقومات الحياة.
فزينات وأبو وديع ليسا مجرد حالتين، بل هما شاهدان على سياسة ممنهجة تهدف إلى إبقاء سكان الشجاعية نازحين رغم انتهاء القصف، ورغم أن الأمل لا يغيب، إلا أن البرد والجوع والتشرد يجعلون انتظار العودة أثقل من أن يُحتمل.

























































