اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ١٨ أيار ٢٠٢٥
كشف الخبير العسكري الإسرائيلي رونين بيرغمان، في مقال نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت، عن أزمة ثقة داخلية متفاقمة داخل الجيش الإسرائيلي، حيث تشير سلسلة من اللقاءات التي أجراها بيرغمان مع مسؤولين كبار في الجيش ومنظومة الأمن والاستخبارات خلال الأسبوعين الأخيرين، إلى قناعة راسخة لدى قادة المؤسسة الأمنية بأن أهداف الحرب المعلنة في غزة غير قابلة للتحقيق.
وقال بيرغمان في مقالٍ له بعنوان 'فخ 25: إلى أين يتجه القتال بغزة؟'، إن الجيش يخوض معركة يدرك أنه لا يستطيع فيها تحرير الأسرى الإسرائيليين، في ظل غياب استراتيجية واضحة، وتصاعد المخاطر على حياة الأسرى في ظل العمليات المتواصلة.
كما شكك كبار المسؤولين الأمنيين في جدوى هدف 'حسم حماس'، خاصة في ضوء الثمن الباهظ المتوقع لاحتلال قطاع غزة، وما يترتب عليه من استنزاف بشري ولوجستي طويل الأمد.
وقال بيرغمان، 'توصلت سلسلة من المحادثات مع كبار المسؤولين في المؤسسة الأمنية والجيش وجهاز المخابرات الإسرائيلية الشاباك إلى استنتاج قاتم: الجيش يخوض حربًا يدرك مسبقًا أنها لن تحقق أحد أهدافها، وهو إطلاق سراح 'المخطوفين'. أما الهدف الثاني، وهو هزيمة حماس، فتشكك قيادات عليا في جدواه، خصوصًا في ظل التبعات المترتبة على السيطرة العسكرية الطويلة الأمد على قطاع غزة'.
وسلّط التقرير الضوء على حالة التيه الاستراتيجي التي يعيشها الجيش: 'الجيش وقع في فخ – لا يستطيع التراجع دون أن يبدو مستسلمًا، ولا يمكنه الثبات في مواقعه لأنه يعرض قواته لخسائر فادحة. ولذلك، لا يبقى أمامه سوى خيار واحد: الاستمرار، حتى لو أدى ذلك إلى احتلال شامل للقطاع، وهو أمر لا يؤمن كبار القادة العسكريين بجدواه الأمنية لإسرائيل'.
وأشار الكاتب إلى أن الجيش الإسرائيلي يواجه ثلاثة ضغوط متعارضة، تتمثل بالجمهور الإسرائيلي الذي لم يعد يفهم لماذا تستأنف الحرب من جديد، في ظل غياب إنجازات ملموسة، وعائلات الأسرى التي ترى في العملية مخاطرة قد تعرّض حياة ذويهم للخطر.
إلى جانب القيادة السياسية – وعلى رأسها بنيامين نتنياهو ووزير الحرب يسرائيل كاتس – التي تمنح الجيش ثناءً إعلاميًا مبالغًا فيه، في ما يشبه 'إعدادًا مبكرًا لتحميله المسؤولية في حال فشل المهمة'. وفق يديعوت أحرنوت.
وأضاف بيرغمان أن السياسيين الإسرائيليين يدمجون في الخطة العسكرية أهدافًا تخالف القانون الدولي، وتضع الضباط في دائرة المسؤولية المحتملة عن ارتكاب جرائم حرب مستقبلية، كالإخلاء القسري للسكان أو استخدام الحصار كوسيلة ضغط جماعي.
حرب بلا نهاية... وجيش ينهار من الداخل
وقال الكاتب إن الحرب الحالية هي الأطول في تاريخ إسرائيل، ومع مرور أكثر من 18 شهرًا دون تحقيق 'الحسم'، بدأ الجيش يشك في جدوى الاستمرار، محذرًا من أن أي تقدم بري إضافي سيقود إلى احتلال كامل لغزة، وهو سيناريو ترفضه هيئة الأركان العامة، أو على الأقل قطاع واسع من كبار قادتها.
وبحسب تقييمات استخباراتية وعسكرية، فإن السيطرة على القطاع ستتطلب بقاء الجيش داخل غزة لسنوات طويلة، السيطرة الكاملة على شبكة الأنفاق والتحصينات الواسعة، الاعتماد على خطوط إمداد طويلة ومعقدة، تناوب دائم للقوات وسط تآكل خطير في جهوزية الاحتياط.
من جهة أخرى، رصدت يديعوت أحرونوت حالة من الغموض والتناقض في تصريحات الجيش، إذ نشر الناطق العسكري أخيرا بيانا عن عملية “مركبات جدعون”، ورأت الصحيفة البيان “غامضا” ويعكس حالة الحيرة في تشخيص أهداف الحرب وسبل تحقيقها.
وختمت الصحيفة بأن الجيش يواصل عملياته رغم إدراكه صعوبة تحقيق الأهداف، بينما يتمسك المستوى السياسي بخيارات تزيد من تعقيد الموقف العسكري والإنساني في القطاع، إذ يخوض الجيش حربًا يعرف أنه لن يخرج منها منتصرًا وفق الأهداف المعلنة، ويجد نفسه بين خيارات جميعها مكلفة وخطيرة.