اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ٥ حزيران ٢٠٢٥
يعكس قرار إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب المفاجئ إقالة ثلاثة مسؤولين في البيت الأبيض ومجلس الأمن القومي، حقيقة توتر العلاقات الثنائية مع رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي المجرم بنيامين نتنياهو.
ويتفق مراقبون سياسيون على وجود توتر سياسي وليس 'خلافا استراتيجيا' بين 'ترامب' و'نتنياهو' الذي يحاول التأثير في القرار داخل الإدارة الأميركية فيما يتعلق بملفي 'حرب الإبادة الإسرائيلية' على غزة، والمفاوضات الأميركية – الإيرانية.
ويدعم صحة هذا الرأي، وصف صحيفة 'يديعوت أحرونوت' العبرية الشخصيات المقالة بأنها 'مؤيدة جدا' لـ(إسرائيل) التي تحاول شن هجوم عسكري 'منفرد' ضد إيران حتى لو كان ذلك من دون موافقة واشنطن، وكذلك استمرار الحرب في غزة دون الجلوس لطاولة المفاوضات غير المباشرة مع حركة حماس.
قلق إسرائيلي
ورأى أستاذ العلوم السياسية د. أسعد العويوي أن الخلاف القائم يعود لأسباب 'تكتيكية' وليست 'جوهرية' حول قضايا وملفات الشرق الأوسط.
وأوضح العويوي في مداخلته لـ 'فلسطين أون لاين' أن 'ترامب' خلال ولايته الحالية يميل نحو حلول دبلوماسية للحرب الإسرائيلية على غزة، وكذلك الملف النووي الإيراني وهو الأمر الذي تعارضه حكومة اليمين المتطرف في (إسرائيل).
وذهب إلى أن إدارة ترامب تسعى لإيجاد اتفاق في غزة على غرار الاتفاق اللبناني- الإسرائيلي وهذا ما يرفضه اليمين الإسرائيلي و'نتنياهو' بوقف حرب الإبادة؛ لأسباب سياسية وشخصية في الحكم.
وليس هذا فحسب، بل إن حكومة نتنياهو تواصل 'إحراج' الإدارة الأميركية عبر رفضها دخول وفد من الوزراء العرب إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وبحسب بيان أردني، هذا الأسبوع، رفضت (إسرائيل) زيارة اللجنة الوزارية المكلفة من القمة العربية الإسلامية الاستثنائية المشتركة بشأن غزة إلى الضفة الغربية ولقاء رئيس السلطة محمود عباس.
وقال العويوي: حتى حلول التسوية واتفاقيات التطبيع التي يرغب 'ترامب' بتوسعتها خلال ولايته الحالية يرفضها 'نتنياهو' وهو الأمر الذي يجعله 'عبئا إسرائيليا' للإدارة الأميركية الحالية.
في المقابل، أكد أن جيش الاحتلال في 'مأزق' داخل غزة – رغم المجازر الوحشية اليومية التي يرتكبها بحض المدنيين – وهذا ما أثار غضبا عالميا إلى جانب مواصلة المقامة الفلسطينية تكبيد قوات الجيش خسائر بشرية بين الحين والآخر.
وشدد العويوي على أن الخسائر البشرية في صفوف الجيش تشكل قلقا لحكومة اليمين المتطرف التي تحاول 'تحقيق إنجازات دون خسائر' وهذا أمر أثبت فشله طوال الحرب على غزة.
وخلال الأيام الماضية، أعلن جيش الاحتلال مقتل 4 جنود وإصابة 11 آخرين في كمائن للمقاومة الفلسطينية التي تواصل عملياتها رغم القصف والدمار الإسرائيلي.
اتساع الفجوة
ومن وجهة نظر، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية د. خليل العناني فإن هذه المعطيات تعكس وجود توتر واتساع للفجوة بين 'ترامب' و'نتنياهو' الذي يحاول 'التلاعب' بسياسات وتوجهات الرئيس الأميركي في الشرق الأوسط.
واستدل العناني، في مقطع فيديو على صفحته الشخصية، باستدعاء 'نتنياهو' إلى البيت الأبيض إبريل/ نيسان الماضي، فور علم رئيسه بتخطيط (إسرائيل) لضرب إيران وسط المفاوضات التي يقودها ترامب بشكل غير مباشر.
وكان 'ترامب' قال في وقت سابق إنه: طلب من 'نتنياهو' عدم شن هجوم على منشآت نووية إيرانية، وتحدث عن تقدم في المفاوضات النووية مع طهران وقرب التوصل إلى اتفاق.
وتطرق العناني إلى 'علاقة غير جيدة بين ترامب ونتنياهو.. فالأول لا يتغافل عن تهنئة الأخير للرئيس الأميركي السابق جو بايدن بالانتخابات السابقة 2020'، لافتا إلى أن ترامب 'يفتخر بأنه أكثر رئيس أميركي منح (إسرائيل) هدايا بشكل غير مسبوق'.
وخلال ولايته الأولى (2017-2021) اعترف 'ترامب' بمدينة القدس المحتلة عاصمة مزعومة لدولة الاحتلال، أصدر قرار نقل السفارة الأميركية من 'تل أبيب' إلى القدس بالإضافة إلى الاعتراف بـ'السيادة الإسرائيلية' على هضبة الجولان المحتلة، واتساع اتفاقيات التطبيع خلال ولايته.
لكن خلال الولاية الحالية، بحسب العناني يركز 'ترامب' على المصالح الأميركية في المنطقة، مستدلا بحديث مبعوث الرهائن الأميركية آدم بوهلر: 'نحن نعمل من أجل مصالحنا.. ولسنا وكلاء لأحد'، كما قالها وزير الخارجية الأميركية ماركو روبيو: 'نركز في مصالحنا الأساسية'.
ووصف التوتر القائم عبارة عن 'قرصة أذن' لـ'نتنياهو'؛ لعدم الاستخفاف أو 'التلاعب' بقرارات أو إدارة 'الرئيس ترامب'.
وقال إن الرئيس الأمريكي 'ذو شخصية مختلفة وصعب التنبأ بسلوكها.. (إسرائيل) والصهاينة تفضل السياسي التقليدي، وهذا مبعث القلق الإسرائيلي'.
'أميركا أولا'
وبحسب الكاتب والمحلل السياسي أمير مخول فإن هناك قلق داخل حكومة 'نتنياهو' من التغيرات الحاصلة في إدارة ترامب و'الانعزال من أصحاب فكرة: مصالح أميركا أولا'.
ورأي مخول، في منشور تحليلي، أن هذه التطورات تدفع إلى توتر في العلاقات بين 'نتنياهو' ووزير الشؤون الاستراتيجية في حكومته رون ديرمر، وترشَح تصريحات بأن 'نتنياهو' يحمله مسؤولية الاخفاق في رصد التحولات في إدارة ترامب، وكذلك اتساع نفوذ التيار الانعزالي الذي يؤيد (إسرائيل) لكنه لا يسير وفقا لأجندتها وأولوياتها.
ونوه إلى أن بداية التوتر تعود إلى عدم توقع 'ديرمر' احتمالية إقالة مستشار الأمن القومي السابق مايكل والتز ونائبه أليكس وونغ سيتركان الذي كان أقرب المقربين إلى 'نتنياهو' وشاركه التقدير بضرورة دخول الولايات المتحدة في حرب مع إيران.
واعتبرت 'يديعوت أحرونوت' أن إقالة هؤلاء المسؤولين لم تكن من فراغ بل هي 'جزء من التباعد بين (إسرائيل) وإدارة ترامب، حيث يبدو أن الأميركيين اختاروا هذه السياسة لأسبابهم الخاصة'.
وبناء عليه، توقع مخول أن تتعمق الأزمة الإسرائيلية الداخلية نتيجة توجهات إدارة ترامب الذي راهن 'نتنياهو' على انتخابه باعتباره والمحيطين به من أعضاء إدارته معظمهم من اتباع 'الكنيسة الانجيلية الصهيونية'
وقال إن هوية التغيرات في إدارة ترامب تشير إلى مستوى جديد من عدم الثقة مع 'نتنياهو' وحكومته، عدا أنها تعكس مدى التباعد بين الأجندة الأميركية والأجندة الإسرائيلية في معظم الملفات الإقليمية.
وخلص مخول إلى أنه من غير المستبعد - في حال تفاقم الصدع في علاقات ترامب مع نتنياهو وحكومته - أن تعمل الإدارة الأميركية جديا استبدال أحصنتها في الساحة السياسية الإسرائيلية بما يخدم الاستراتيجية الأميركية في تحولاتها الجديدة.