اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ٩ تشرين الثاني ٢٠٢٥
أحدثُ استطلاع للرأي العام في الضفة الغربية وقطاع غزة، أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية في أكتوبر 2025، شكّل مفاجأة وصدمة لأوساط محلية وإقليمية ودولية، بعدما أظهر استمرار ارتفاع التأييد الشعبي لعملية طوفان الأقصى بعد عامين من تنفيذها، ورفضا واسعا لأي محاولة لنزع سلاح المقاومة، إلى جانب تفوق حركة حماس على حركة فتح في الشعبية والتمثيل السياسي.
النتائج، وفق مراقبين، تعكس تحولا جذريا في المزاج الفلسطيني العام من الإحباط السياسي إلى تجديد الثقة بخيار المقاومة المسلحة بوصفه طريق الكرامة الوطنية في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي.
إعادة رسم المشهد الفلسطيني
بينت نتائج الاستطلاع أن حماس تصدرت قائمة التفضيل السياسي بنسبة 35% مقابل 24% لحركة فتح، واعتبر 41% من المستطلعة آراؤهم أن حماس هي الأحق بتمثيل الشعب الفلسطيني.
كما رفض 69% من الفلسطينيين نزع سلاح المقاومة، وأيد 53% قرار حماس بشن عملية طوفان الأقصى، في حين عبر 60% عن رضاهم عن أدائها خلال الحرب على غزة.
ويرى خبراء أن هذه المؤشرات تعكس استمرار تآكل شرعية السلطة الفلسطينية في رام الله، مقابل صعود الوعي المقاوم الذي يربط بين الكرامة الوطنية واستعادة القوة.
وعي الصراع الممتد
يقول رامي الشقرة، مدير معهد فلسطين للدراسات الاستراتيجية، إن ارتفاع تأييد الفلسطينيين لعملية طوفان الأقصى لم يكن احتفالا بالعنف بل 'احتفاء بالجرأة على كسر معادلة الخضوع'.
ويضيف الشقرة لصحيفة 'فلسطين'، الطوفان كان صرخة وعي ورفض، واستعادة لكرامة فقدها الفلسطيني تحت وطأة الإهانة السياسية.
أما خليل شاهين، مدير البرامج في مركز مسارات، فيوضح أن الفلسطينيين ينظرون للطوفان كامتداد لصراع بدأ منذ ما قبل النكبة عام 1948، معتبرين أن المقاومة ليست حدثا ظرفيا بل ردا تاريخيا متجددا على مشروع الإبادة الصهيوني.
ويؤكد شاهين لصحيفة 'فلسطين'، أن أداء المقاومة في الميدان خلال الحرب الأخيرة، رغم الحصار والدمار، أعاد الثقة بجدوى الفعل المقاوم، خصوصا بعد انهيار وحدات إسرائيلية أمام مقاتلين بأسلحة محلية بسيطة.
محطة وعي جديدة
ويشير الشقرة إلى أن انسداد الأفق السياسي، وتآكل الثقة بالسلطة الفلسطينية، دفع الشارع نحو خيار المقاومة: 'الفلسطيني اليوم لا يؤمن بالانتظار، بل بالفعل القادر على استعادة الكرامة.'
ويشدد على أن ما بعد الطوفان يجب أن يكون مرحلة بناء وطني جديد: 'لقد منح الطوفان الفلسطينيين شعورا بالقدرة، وليس فقط بالفخر، وهذه لحظة يجب استثمارها وطنيا.'
السلاح ضمانة البقاء لا ورقة مساومة
وبخصوص ارتفاع نسبة رافضي نزع سلاح المقاومة، يقول الشقرة إن الفلسطينيين يعتبرون السلاح ضمانة وجود لا مجرد أداة قتال: 'كل مرة سلم فيها الفلسطيني سلاحه، دفع الثمن دما وتشريدا، من صبرا وشاتيلا حتى نكبة المخيمات.'
ويرى شاهين أن الرفض الشعبي لنزع سلاح المقاومة يعكس فقدان الثقة بالسلطة، إذ لم يعد المواطن يرى في التنسيق الأمني أمانا، بل في المقاومة المنظمة التي تردع الاحتلال وتحمي الأرض.
هذا الموقف، كما يوضح الشقرة، ليس انفعالا آنيا، بل امتداد لثقافة وعي تحرري متجذرة في التجربة الفلسطينية، تؤمن أن المشروع الصهيوني لا يفهم إلا لغة القوة المقابلة.
ويضيف أن المجتمع الفلسطيني يسعى للتنمية والعدالة، لكنه يدرك أن التحرر يسبق البناء، وأن التنمية بلا حرية تتحول إلى واجهة هشّة تحت الاحتلال.
حماس تتصدر.. قوة الفعل تتفوق
ورغم موجات التشويه التي طالت حركة حماس خلال حرب الإبادة، إلا أن نتائج الاستطلاع أظهرت تقدمها على فتح بفارق واضح من النقاط. هذا التقدم يعزوه شاهين، إلى انحياز الفلسطينيين 'لمن يفعل لا لمن يبرر'، معتبرا أن حماس مثلت في الوعي الشعبي الفعل الوطني الحي، في وقت فقدت فيه فتح رمزية القيادة بفعل عجزها السياسي.
ويشير إلى أن الشرعية في الوعي الفلسطيني لم تعد تستمد من المناصب أو الاتفاقيات، بل من الموقف المقاوم والقدرة على حماية الكرامة الوطنية في الميدان.
ويقول الشقرة، إن تقدم حماس يعكس غضبا شعبيا من قيادة لم تعد تعبر عن وجع الناس، مضيفا: 'الشعب منح ثقته لمن يواجه الاحتلال، لا لمن يعتذر له.'
ويشير إلى أن الفلسطيني اليوم يعيد تعريف ذاته من خلال هوية مقاومة ترى في القوة والانضباط والعدالة الاجتماعية نموذجا وطنيا أكثر صدقا من الشعارات القديمة.
ويقول الخبيران، إن النتائج الأخيرة ليست مجرد أرقام في استطلاع، بل مرآة لوعي فلسطيني جديد يعيد تعريف الشرعية والفعل الوطني، ويؤكدا أن الفلسطيني اليوم لا ينتظر من يتحدث باسمه، بل من يقاتل لأجله ويحمي كرامته.

























































