اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ٣١ تموز ٢٠٢٥
شكل إعلان القوات المسلحة اليمنية انطلاق 'المرحلة الرابعة' من الحصار البحري ضد دولة الاحتلال الإسرائيلي تطورًا نوعيًا في مسار التصعيد الاستراتيجي الداعم للمقاومة في قطاع غزة، بحسب مراقبين.
ويأتي هذا الإعلان اليمني في توقيت بالغ الحساسية، وسط استمرار جرائم الإبادة الجماعية في القطاع، ويمثل خطوة تصعيدية ذات طابع عملي، تستهدف الضغط على الشركات الملاحية المتورطة في دعم الاحتلال عبر موانئه.
ويرى مراقبون أن التوسع في نطاق الاستهداف ليشمل السفن المرتبطة بموانئ الاحتلال بغض النظر عن جنسيتها، سيؤدي إلى رفع كلفة التأمين البحري وتقويض الدور التجاري للموانئ التي يسيطر عليها الاحتلال، في وقت لم يعد فيه الأخير قادرًا على ردع صنعاء أو احتواء تأثير الحصار المتصاعد.
والإثنين الماضي، أعلنت القوات المسلحة اليمنية، دخول 'المرحلة الرابعة' من الحصار' على دولة الاحتلال الإسرائيلي، متوعدة بتوسيع نطاق الاستهداف ليشمل السفن التابعة لأي شركة تتعامل مع موانئ الاحتلال، بغض النظر عن وجهتها أو جنسيتها.
وأكد المتحدث العسكري يحيى سريع، أن القوات المسلحة اليمنية ستضرب 'في أي مكان تصل إليه'، محذرًا الشركات العالمية من تجاهل هذا التحذير، بينما أشار زعيم أنصار الله عبد الملك الحوثي إلى أن ميناء إيلات عاد إلى حالة 'الإغلاق الكامل'، معلنًا استمرار تطوير القدرات الهجومية البحرية والجوية في مواجهة (إسرائيل).
التوسيع والردع
ورأى الباحث اليمني في الشأن العسكري زكريا الشرعبي أن إعلان القوات المسلحة اليمنية انطلاق المرحلة الرابعة من الحصار البحري يأتي في توقيت بالغ الحساسية، يتزامن مع استمرار جرائم الإبادة التي يرتكبها الاحتلال في غزة، وعلى رأسها استخدام سلاح التجويع، وسط تواطؤ دولي وتخاذل عربي وإسلامي.
وقال الشرعبي لصحيفة 'فلسطين'، إن صنعاء ترى نفسها معنية دينيًا وأخلاقيًا بواجب التدخل لمنع المجازر وكسر الحصار عن غزة، ولهذا جاءت هذه المرحلة من الحصار البحري كخطوة تصعيدية نوعية إذ تُعتبر بمثابة فرض عقوبات على الشركات الملاحية المتورطة في دعم دولة الاحتلال الإسرائيلي، من خلال نقل السلع والخدمات التي تُسهم في استمرارية الإبادة.
وأشار إلى أن أهمية هذه المرحلة تنبع من اعتماد دولة الاحتلال شبه الكامل على النقل البحري في تجارته، وهو ما يجعل من الحصار أداة ضغط فعالة اقتصاديًا وعسكريًا. وأضاف: 'باتت شركات الشحن اليوم أمام خيارين: إما خسارة أسواقها وخطوطها الإقليمية المهمة نحو أوروبا، أو التوقف الكامل عن زيارة موانئ الاحتلال'.
وفيما يتعلق بتغير قواعد الاشتباك، أكد الشرعبي أنه 'لا يمكن الحديث عن 'قواعد اشتباك' تقليدية مع كيان يمارس الإبادة الجماعية ويمثل خطر على الأمة كلها، لافتًا إلى أن اليمن لا يدخر جهدا للانخراط في هذه المعركة بدون خطوط حمراء أو أسقف، ويعمل على تطوير قدراته وإمكانياته للانتقال من مرحلة تصعيد إلى أخرى وفقا لما تتطلبه المعركة.
وحول إعلان القوات المسلحة اليمنية استهداف 'جميع السفن التابعة لأي شركة تتعامل مع الاحتلال بغض النظر عن وجهتها وجنسيتها'، أوضح الشرعبي أن هذا الإعلان ليس تهديدًا بل قرار مُنفذ عمليًا منذ نوفمبر 2023، حين اختبرت بعض السفن جدية قرارات اليمن وتعرضت للاستهداف في مناطق تمتد من البحر الأحمر إلى البحر الأبيض المتوسط، مرورًا بشمال المحيط الهندي.
ولفت إلى أن الأمر لا يتعلق بتهديد التجارة العالمية، بل باستهداف دقيق ومنضبط ضمن منطقة العمليات العسكرية المحددة، والتي تمتد من شمال المحيط الهندي إلى البحر الأبيض المتوسط، مرورًا بالبحر الأحمر الذي يُعد أحد أهم الشرايين الحيوية للتجارة العالمية.
وبين أن نحو واحدة من كل ست سفن تجارية في العالم تقع ضمن دائرة الاستهداف اليمني، بسبب ارتباطها من حيث الملكية أو الإدارة المشتركة مع سفن زارت موانئ فلسطين المحتلة، بمعنى أن استمرار التجارة مع الكيان سيكلف شركات الملاحة خطها في البحر الأحمر وهذا ليس شيئا عاديا إذا ما عرفنا أن هذه المنطقة يعبر منها سنويا ما يصل إلى تريلوني دولار من التجارة العالمية.
وفي السياق ذاته، أكد الشرعبي أن إغلاق ميناء أم الرشراش (إيلات) هو إحدى النتائج المباشرة للحصار اليمني، وله أثر كبير على صادرات البوتاس وخامات أخرى، كما يضر بمكانة الميناء كأصل حيوي واستراتيجي يعتمد عليه الكيان باعتباره بوابة فلسطين المحتلة نحو الجنوب.
وأشار إلى أن كلفة تغيير مسار أي سفينة عن البحر الأحمر تصل إلى مليون دولار على الأقل، وتأخير زمني قد يمتد لأسبوعين، ما يعني أن البضائع تصل بأسعار باهظة ويجري تقويض الموانئ الإسرائيلية كمراكز تجارية عالمية.
وتابع: 'شركات التأمين الكبرى بدأت ترفض تغطية مخاطر الحرب في الموانئ (المحتلة)، وهو ما يضرب مكانة ميناء حيفا الذي كان يُصنف سابقًا ضمن أهم موانئ الحاويات في العالم'، مضيفًا أن الحصار لا يقتصر على البحر، بل يمتد تأثيره إلى مطار اللد، حيث توقفت شركات عملاقة عن تسيير الرحلات، ما يخلّف تبعات اقتصادية وأمنية على الاحتلال.
واكد الشرعبي أن كل صاروخ يمني بات يحوّل حياة المستوطنين إلى جحيم، ويقوّض شعورهم بالأمان، ويعزز لديهم قناعة بأن بقاءهم في فلسطين المحتلة ليس مضمونًا، مؤكدًا أن اليمن ماضٍ في هذا المسار حتى يتوقف العدوان على غزة.
تطور نوعي
من جانبه، وصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، عادل شديد، إعلان المرحلة الرابعة من الحصار البحري ضد كيان الاحتلال بأنه 'تطور نوعي ولافت' في مسار التصعيد الاستراتيجي، مشيرًا إلى أن الإعلان يؤسس لمرحلة جديدة من الردع والدعم الفعلي للمقاومة الفلسطينية، سواء على الأرض أو في عمق التأثير الاقتصادي والعسكري للاحتلال.
وقال شديد لصحيفة 'فلسطين'، إن إعلان صنعاء استهداف جميع السفن التابعة لأي شركة تتعامل مع موانئ الاحتلال، بغض النظر عن جنسيتها أو موقعها حول العالم، يمثل نقلة نوعية كبيرة، موضحًا أن الحظر لم يعد مقتصرًا على السفن المتجهة إلى ميناء 'أم الرشراش (إيلات)'، بل بات يشمل كافة موانئ الاحتلال، بما فيها ميناء حيفا.
وأضاف أن هذا التوسع في نطاق الاستهداف سيؤدي حتمًا إلى رفع كلفة التأمين البحري، وإرباك عمل الشركات الدولية التي لها علاقات اقتصادية مع الاحتلال، ما يشكل 'ضغطًا اقتصاديًا متصاعدًا يصعب على (إسرائيل) احتواؤه'.
وأكد أن الإعلان اليمني الأخير يحمل رسالة استراتيجية واضحة مفادها أن 'فلسطين ليست وحدها'، وأن الأمة لا تزال تنجب من هم مستعدون لدفع الثمن دفاعًا عن كرامتها'، مشيرًا إلى أن ما يقوم به اليمن هو فعل ميداني حقيقي، وليس موقفًا رمزيًا أو إعلاميًا فقط.
ويعقد شديد أن الاحتلال لم يكن يتوقع استمرار الزخم اليمني بهذا الحجم وبهذا التطور التقني في عمليات الاستهداف البحري، مؤكدًا أن (تل أبيب) باتت تعيش حالة من 'الإحراج والارتباك'، خاصة في ظل عجزها عن ردع صنعاء، رغم الغارات المكثفة التي شنتها مؤخرًا على محافظات يمنية متعددة.