اخبار فلسطين
موقع كل يوم -وكـالـة مـعـا الاخـبـارية
نشر بتاريخ: ٢١ تشرين الأول ٢٠٢٥
الكاتب: السفير حكمت عجوري
من خواتيم هولوكوست نتنياهو في غزة انها كشفت عن حقائق دامغة لدىالطرفين الاحتلال وحماس وهي غير قابلة للتاويل واهمها ان السلام يعتبر اكبر اعداء الكيان الصهيوني تماما كما هو التصالح او الوحدة الوطنية او انهاء الانقسام تعتبر اكبر اعداء حركة حماس الاخوانية وذلك لان السلام في الحالة الاولى سوف ينهي المشروع الصهيوني والحلم باقامة اسرائيل الكبرى تماما كما هو انهاء الانقسام والتصالح مع حماس لانهاء الانقساملانه سوف ينهي حلم حركة حماس باقامة امارتها الاخوانية والتي من اجلها قامت حماس كمشروع اخواني لتكون بديل عن حركة فتح بصفتها العمود الفقري لمنظمة التحرير.
موافقة منظمة التحرير الفلسطينية على اتفاق لتجسيد المشروع الوطني الفلسطيني على حدود الرابع من حزيران عن طريق التفاوض بتوقيعها على اتفاق اوسلو كان بمثابة حصان طروادة بالنسبة لحماس صالت عليه وجالت من اجل تحقيق هدفها المذكور من خلال تدمير هذا الاتفاق بتوظيفها لكل ما هو متوفر لديها بدغدغتها لعواطف ومشاعر ضحايا الظلم والبطش الصهيوني بعملياتها الانتحارية في تسعينات القرن الماضي وتقديم خدمات مجانية من خلال مراكز اقامتها في حينه خدمة لذات الهدف وتشويه سمعة السلطة والقائمين عليها بمن فيهم المؤسس الشهيد الراحل عرفات الى ان تمكنت اخيرا وبنفس اساليب الاحتيال من اختطاف غزة لتكون قاعدة الانطلاق باتجاه اقامة دويلة اخوانية فيها.
انقلاب 2007 اسس له شارون بانسحابه الاحادي من غزة سنة 2005 خصوصا وان شارون معروف بخططه لتدمير اي امكانية لاقامة دولة فلسطينية بدأها بمشروع الاستيطان الشيطاني سنة 1973 وذلك بالشروع ببناء كتل استيطانية بين المدن والبلدات الفلسطينية لخلق واقع لا يسمح باقامة دولة فلسطينية مستقلة.
هذا التماهي بين انقلاب حماس على الشرعية ومخطط شارون لعزل غزة عن جسدها الفلسطيني يفسر كل ما نحن عليه الان وهو ان سيطرة حماس على غزة يحقق لحزب الاخوان غرضه في اقامة كيان له على ارض غزة وفي نفس الوقت يحقق لشارون هدفه الصهيوني الاستراتيجي بعدم امكانية اقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران لسنة 1967 لان استمرار حماس في حكم غزة سيمنح حكام اسرائيل الذريعة امام العالم لحرمان الفلسطينيين من تجسيد مشروعهم الوطني باقامة دولتهم على الارض الفلسطينية التي احتلتها اسرائيل فس حرب سنة 1967 وهذا ما يفسر اصرار الفاشي نتنياهو على عدم السماح بعودة السلطة بعد الحرب الى غزة.
ما سبق يعيدني الى عنوان المقال وهو ما تفعله حماس الان في غزة بحق العائلات الفلسطينية وبحق الافراد من ابناء غزة بارهابهم تارة بالتعذيب وتارة بالقتل تحت ذرائع وحجج لم تعد تنطلي على احد بالصاق تهمةالعمالة بهم مع الاحتلال وبدون اي محاكمات قانونية علما بان ما تفعله حماس هو تكرارلما فعلته في انقلابها المذكور.
ما تفعله حماس بحق شعبنا في غزة هو تحد صارخ للقوانين البشرية التي تقول بان الشعب هو مصدر السلطات ومن المفروض ان الشعب هو من يحاكِم حماس على قرارها المتهور وغير المدروس في طوفانها الذي اتخذته خدمة لاغراضها الحزبية الضيقة والذي تسبب في جرف الاخضر واليابس في غزة وليس من حقها ان تحكم على اي غزي حتى ولو تعامل مع الاحتلال خصوصا وان طوفانها خلق وضع مأساوي وغير انساني بحق الغزيين يضطر البعض منهم لان يتعامل حتى مع الشيطان انقاذا لهم ولاطفالهم .
ان ما تفعله حماس بحق الناجين من حرب الابادة الصهيونية في غزة هو استمرار لثماني عشرة سنة من حكمها الاستبدادي والفاشل في غزة و هو قتل مع سبق الاصرار لكل من يعارض حكمها هناك وهو ما لا اجد له اي تفسير غير انه وجه اخر لنفس عملة الارهاب لكونه قتل من اجل قمع وارهاب كل من يقول لا لحماس في غزة بمعنى انه قتل للمعارضة من اجل بقاء حماس على راس الحكم في غزة على الرغم من زعم بعض قادتها كذبا بانهم لا يريدون ذلك بدليل اطالتهم لعمر حرب الابادة وعلى حساب اطفال ونساء غزة بان تركتهم حماس لقمة سائغة لكلب مسعور ينهش فيهم في كل يوم على مدار سنتين بذريعة الدفاع عن النفس واعادة من خطفتهم حماس في السابع من اكتوبر .
في سياق اخر يدهشني الحديث عن اجتماع فلسطيني موسع في القاهرة لانهاء الانقسام وهذا بصراحة تجسيد لقانون الجنون لاينشتاين وهو ان نعيد ونكرر الشيء نفسه ونتوقع نتائج مختلفة خصوصا وان المراقبين لمثل هذا التكرار لم يعودوا يتذكروا عدد الاجتماعات التي انعقدت بهدف انهاء الانقسام ولا حتى كل الاماكن التي انعقدت فيها هذه الاجتماعات لكثرتها حيث في كل اجتماع كانت حماس تذهب وهي تحمل في جعبتها كل ادوات افشالها فلا قدسية الكعبة نفعت مع قادة حماس ولا طهارة ارواح شهداء الجزائر نفعت حتى انها افشلت اخر اجتماع في القاهرة مع انه انعقد بعد هبة القدس (حرب رمضان) ومن المفروض انه كان محصن بما انجزته الهبة وهو وحدة الكل الفلسطيني الا انه ومع ذلك باء ايضا بالفشل والسبب ان حماس وكعادتها ارادت ان تحصد لنفسها كل ثمار تلك الهبة بمعنى انها ارادت السيطرة على منظمة التحرير بصفتها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني غيرعابئة بما سوف ينتج عن ذلك لو حصل وهو تدمير اضافي للمشروع الوطني الفلسطيني وتحديدا على المسرح الدولي الذي يصنف معظم لاعبيه حماس بالارهاب.
ختاما اقول بانه لا يوجد عاقل في الكون لا يرى بان وحدة الشعب الفلسطيني وانهاء الانقسام هما الطريق الاسهل والاسرع لانهاء الاحتلال وربما الممر الاجباري للوصول الى محطة اقامة الدولة وتجسيد حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني باستثناء قيادة حماس والسبب هو ما ذكرته وهو ان حماس غير معنية بحق تقرير المصير للفلسطينيين وغير معنية ايضا باقامة الدولة الفلسطينية كونها مجرد مسواك اسنان في شريعة حماس حتى وان زعمت حماس كذبا عكس ذلك بين الفترة والاخرى تماشيا مع ظرفي الزمان والمكان انسجاما مع المزاج الاقليمي والدولي.
للاسف اقول وبكل اسى ومن خلال متابعة حثيثة لاقوال وافعال حماس وتناقضات في الاقوال بين قادتها بان حماس لن تقبل العودة الى الصف الوطني طالما بقيت اخوانية الهوية والولاء وبدعم من دول مثل قطر او من تركيا وايران اضافة الى دعم خفي من قبل الثنائي ترمبياهو اللذان ما زالا يمسكان بخيار الحفاظ على حماس ولكن بدون اسنان ولا اظافر يمسكان بها كعصا سيدنا موسى يهشوا بها على كل من يدعم حل الدولتين مستغلين بقائها كلاعب محوري على المسرح السياسي الفلسطيني بذريعة انه من غيرالممكن قيام دولة فلسطينية في ظل وجود منظمة ارهابية ضمن مكوناتها تماما كما استخدم هؤلاء داعش كاداة لتدمير كل المتمردين على السياسة الصهيو- امريكية والاهم من كل ذلك وهو الخوف الاكبر من محاولة الثنائي ترمبياهو باستغلال بقاء حماس وممارساتها اللاانسانية واعداماتها الميدانية لاهل غزة وتوظيف ذلك من اجل تدمير ما صنعه الصمود الاسطوري لهؤلاء الغزيين ابان حرب الابادة الصهيونية من تعاطف ودعم شعبي عالمي وما حققه هذا الصمود ايضا بكشفه للعالم كله حقيقة الرواية الصهيونية المزورة.