اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ١٨ تشرين الثاني ٢٠٢٥
قدّم المحلل السياسي د. إياد القرا قراءة للقرار الجديد الصادر عن مجلس الأمن بشأن نشر قوات دولية في قطاع غزة، لافتًا إلى أن القرار يثير جملة واسعة من التحفظات والمخاطر الفلسطينية، ولا يمكن التعامل معه أو تمريره دون تدقيق شديد في مضامينه وتداعياته المحتملة على مستقبل القطاع والكيانية الوطنية الفلسطينية.
وقال القرا، في تعليقه عبر منصة 'إكس'، اليوم الثلاثاء، إن أي صيغة تُشرعن وجود قوة دولية تقوم فعليًا بوظائف الاحتلال، مثل نزع سلاح المقاومة أو إدارة القطاع أو التدخل في الشأن الداخلي الفلسطيني، تمثل مسارًا خطيرًا يهدف إلى إعادة إنتاج ما فشل الاحتلال في تحقيقه خلال عامين من الحرب والإبادة، ولكن هذه المرة بغطاء دولي، مؤكدًا أن هذه المهام لا يمكن أن تكون جزءًا من أي ترتيبات مقبولة فلسطينيًا.
ويحذّر من الغموض الذي يكتنف شكل القوة الدولية وآليات عملها وصلاحياتها، مؤكدًا أن هذا الغموض قد يُستخدم لفرض ترتيبات تتعارض مع الإجماع الوطني الفلسطيني، الذي شدّد طوال السنوات الماضية على أن إدارة غزة يجب أن تكون فلسطينية بالكامل، من خلال حكومة وطنية قادرة على النهوض بالقطاع وقيادة عملية إعادة الإعمار لما دمّره الاحتلال بصورة شاملة.
ورغم أن القرار الأممي أصبح واقعًا دوليًا، يشدد القرا على أن التعامل الفلسطيني معه لا يعني القبول به سياسيًا أو منح شرعية مجانية لمضامينه، بل يتطلب تحركًا متوازنًا يرفض أي وصاية خارجية على غزة، ويمنع تحويل القوة الدولية إلى سلطة أمر واقع فوق الفلسطينيين أو إلى أداة لتنفيذ الأجندة الأمنية للاحتلال تحت غطاء الاستقرار.
ويشير إلى أن المرحلة تستدعي فتح حوار فلسطيني–أميركي مباشر لبحث مستقبل غزة والضغط لرفع يد الاحتلال عنها وضمان استقلالية القرار الوطني الفلسطيني، إضافة إلى تسهيل إطلاق عملية الإعمار المتوقفة.
ويشدد أن هذا الحوار بأنه ضرورة استراتيجية لحماية الهوية الوطنية للقطاع ومنع أي ترتيبات دولية أو إقليمية تمسّ الكيانية السياسية الفلسطينية.
ويلفت القرا إلى أن أحد الملفات الأكثر إلحاحًا في المرحلة الراهنة يتمثل في وقف الانتهاكات الإسرائيلية المتصاعدة منذ إعلان وقف إطلاق النار، والتي أدت إلى مقتل أكثر من 300 فلسطيني.
ويقول إن أي قوة دولية –إن تشكلت– يجب أن يقتصر دورها على حفظ الأمن ومنع الاعتداءات الإسرائيلية وتثبيت وقف إطلاق النار وحماية المدنيين وضمان عدم التفاف الاحتلال على الاتفاق، وليس القيام بمهام الاحتلال أو تنفيذ مطالبه تحت عنوان الاستقرار الأمني.
ويخلص القرا إلى القول أن الواقع الجديد الذي فرضه القرار الأممي يستدعي إعادة بناء جبهة فلسطينية موحدة تدير المرحلة المقبلة، وتمنع خلق فراغ سياسي قد تستغله الأطراف الخارجية لفرض وقائع جديدة على الأرض، مؤكدًا أن التحديات تطال جميع القوى الفلسطينية، وليس طرفًا واحدًا.
تبنّى مجلس الأمن الدولي مشروع القرار الأميركي المعدّل بشأن قطاع غزة، بموافقة 13 دولة وامتناع روسيا والصين، فاتحًا الباب أمام مرحلة معقدة وأكثر حساسة تُعيد رسم المشهد الفلسطيني والإقليمي. القرار، الذي جاء بعد عامين من حرب الإبادة على قطاع غزة، أثار موجة واسعة من ردود الفعل الفلسطينية، والتي أجمعت على أن القرار يعيد إنتاج الاحتلال على نحو جديد، رغم احتوائه على بنود يمكن التعامل معها بحذر وواقعية.
يعتمد قرار مجلس الأمن والذي حمل رقم 2803 الخطة الأميركية لإنهاء الصراع في غزة، وهي الخطة التي تُعيد إنتاج الرؤية الأميركية – الإسرائيلية للصراع، عبر إنشاء 'مجلس السلام' كهيئة انتقالية ذات صلاحيات دولية واسعة تشرف على إعادة الإعمار وإدارة قطاع غزة عمليًا، بما يتجاوز الدور الفلسطيني.
كما يجيز القرار تشكيل قوة استقرار دولية بتفويض صريح لنزع سلاح غزة، وتدريب الشرطة، وتأمين الحدود والممرات، وتنظيم حركة الدخول والخروج، وهي صلاحيات تتقاطع مع مهام الاحتلال وتمنحه غطاءً دوليًا لفرض رؤيته الأمنية.
وقالت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إن القرار الأممي 'لا يرتقي إلى مستوى مطالب وحقوق شعبنا السياسية والإنسانية'، خصوصًا في قطاع غزة، الذي واجه 'حرب إبادة وحشية وجرائم غير مسبوقة' ارتكبها الاحتلال أمام مرأى العالم.
وأضافت الحركة، أن القرار 'يفرض آلية وصاية دولالية على قطاع غزة' ويهدف إلى تحقيق ما عجز الاحتلال عن تحقيقه عسكريًا، إلى جانب تكريس فصل غزة عن باقي الجغرافيا الفلسطينية وفرض وقائع جديدة تمسّ الثوابت الوطنية وحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته وعاصمتها القدس.
وشددت حماس على أن مقاومة الاحتلال حقٌ مشروع، وأن سلاح المقاومة 'مرتبط بوجود الاحتلال' ولا يجوز مناقشته إلا ضمن 'مسار سياسي ينهي الاحتلال ويضمن قيام الدولة الفلسطينية'.
وأشارت إلى أن أي قوة دولية –في حال تشكيلها– يجب أن تلتزم بالحياد، وأن تتركز مهامها عند الحدود لمراقبة وقف إطلاق النار، وأن تعمل حصريًا بالتنسيق مع المؤسسات الفلسطينية الرسمية، دون أي دور للاحتلال أو أي مهام تستهدف سلاح المقاومة أو البنية الوطنية الداخلية.
كما دعت الحركة إلى الإسراع بفتح المعابر وضمان تدفّق المساعدات عبر الأمم المتحدة، محذّرة من تسييس الإغاثة الإنسانية في ظل الكارثة غير المسبوقة التي يعيشها القطاع.

























































