اخبار فلسطين
موقع كل يوم -ار تي عربي
نشر بتاريخ: ٢٣ نيسان ٢٠٢٥
حرب غزة مأساة حقيقية وسبب استمرارها قلق كل من نتنياهو وحماس من فقدان السلطة إذا انتهت الحرب، وهذا أمر مؤكد. ديفيد إيغناتيوس – واشنطن بوست
إن التوصل إلى اتفاق لإنهاء المعاناة المروعة للمدنيين الفلسطينيين والرهائن الإسرائيليين بات وشيكاً للغاية. ومن المؤسف أن العقبة الأكبر أمام السلام في غزة قد تكون الحفاظ على الذات سياسياً، لأن انتهاء الحرب سيقضي على الأرجح على حماس والائتلاف اليميني بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
في الإطار العام تنتهي الحروب عندما يطالب الرأي العام بالسلام. وهناك مطالب جديدة من الفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء للمضي قدماً نحو وقف إطلاق نار جديد وإطلاق سراح الرهائن. ورغم أن المتظاهرين المناهضين للحرب لا يشكلون أغلبية في أي من الجانبين، لكنهم يجسدون المرارة والإرهاق اللذين ولدهما هذا الصراع.
لقد انضم آلاف الفلسطينيين بشجاعة إلى الاحتجاجات المناهضة للحرب في غزة الشهر الماضي، وفقاً لمراسلي وكالة أسوشيتد برس هناك. ونقلت الوكالة عن فلسطيني يدعى محمد أبو صقر من بلدة بيت حانون شمال غزة قوله: 'لم يكن الاحتجاج سياسياً، بل كان يتعلق بأرواح الناس. ولا يمكننا منع إسرائيل من قتلنا، لكن يمكننا الضغط على حماس لتقديم تنازلات'.
استحوذت المشاعر المناهضة للحرب على بعض قادة المؤسسة الدفاعية والأمنية الإسرائيلية أيضا. ففي رسالة مؤرخة 3 أبريل، وقّعها مسؤولون أمنيون كبار سابقون، جاء فيها: 'نتنياهو يدفع إسرائيل نحو كارثة ويلحق الضرر بأمن الدولة ونظامها الديمقراطي ومؤسساتها، ويوجّه إسرائيل نحو الديكتاتورية'.
يدعو أحدث مقترح سلام إلى وقف إطلاق نار لمدة 45 يوماً وإطلاق سراح 10 رهائن إسرائيليين ومئات الأسرى الفلسطينيين. لكن حماس رفضت الاتفاق يوم الجمعة لأنه غير دائم ويتطلب نزع سلاح الحركة. وطالب أعضاء اليمين في حكومة نتنياهو باستمرار الحرب 'حتى تستسلم حماس'، على حد تعبير أحد الوزراء.
قد تتزايد معارضة الفلسطينيين لحماس لو أدرك سكان غزة ما قد يحدث لاحقاً. وتريد الدول العربية المعتدلة حكومة غير تابعة لحماس، مدعومة بسلطة فلسطينية مصلحة. ويدعم العديد من القادة العسكريين والأمنيين الإسرائيليين هذه الاستراتيجية أيضاً. لكن نتنياهو يرفض، لأن شركاءه في الائتلاف الحكومي سينسحبون على الأرجح احتجاجاً على التنازلات المقدمة للسلطة الفلسطينية. وبدلاً من ذلك، يبدو أن ما ينتظر الفلسطينيين الآن هو حكم العصابات المسلحة وقطاع الطرق والميليشيات الخاصة.
وفي هذه الأثناء، تواصل القنابل الإسرائيلية حصد أرواح المدنيين الفلسطينيين.
إن الحقيقة المرة في قلب هذا الصراع هي أن نتنياهو لم تكن لديه قط خطة لما سيحدث بعد انتهائه. فهو يريد غزة لا تحكمها حماس ولا تعيد إسرائيل احتلالها، لكنه يرفض تمهيد الطريق لحكم فلسطيني في نهاية المطاف لأن ذلك من شأنه أن يمزق ائتلافه اليميني.
كتب مئات من جنود الاحتياط والمتقاعدين في سلاح الجو الإسرائيلي في رسالة مفتوحة أخرى هذا الشهر: 'تخدم الحرب الآن المصالح السياسية والشخصية، وليس المصالح الأمنية'. وحاول قائد جيش الدفاع الإسرائيلي قمع هذه المعارضة في صفوفه، لكنها تفاقمت. وكتب الطيارون: 'بينما يعاني الرهائن في الأسر، فإن كل لحظة تردد إضافية تعتبر وصمة عار'.
وأدرك القادة العسكريون الإسرائيليون منذ ما يقرب من عام أنهم حققوا أهدافهم الأساسية في غزة، وأنهم بحاجة إلى قوة أمنية فلسطينية فاعلة قادرة على تولي زمام الأمور. قال لي وزير الدفاع آنذاك، يوآف غالانت، في أبريل من العام الماضي: 'الفكرة بسيطة. لن نسمح لحماس بالسيطرة على غزة. ولا نريد لإسرائيل أن تسيطر عليها أيضاً. ما الحل؟ فاعلون فلسطينيون محليون مدعومون من جهات دولية'.
تناول غالانت مباشرة مسألة 'اليوم التالي' التي لا يزال نتنياهو يتهرب منها. وكان جزاء صراحته طرده من حكومة نتنياهو. لكن انتقاده لاقى صدىً لدى مسؤولي الأمن السابقين، إذ كتبوا: 'إن تجديد القتال في غزة لأسباب غير ذات صلة، ودون هدف سياسي قابل للتحقيق، لن يؤدي إلى هزيمة حماس، بل سيقضي على إنجازات الجيش'.
للحروب عواقبها؛ فحماس، لا ينبغي أن تحكم غزة مجدداً. ونتنياهو، الذي لم يتمكن من إنهاء الصراع، يجب استبداله أيضاً بعد انتهاء الحرب. وعلى الإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء أن يطالبوا بإنهاء هذه الحرب.
المصدر: واشنطن بوست
المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب