اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ٣ أيار ٢٠٢٥
بعد مرور أكثر من 30 عامًا على تأسيسها، أظهرت السلطة الفلسطينية تحوّلات خطيرة في دورها ووظيفتها، حتى بات كثير من الفلسطينيين يرون فيها عبئًا على مشروع التحرر الوطني، لا رافعة له.
ورغم أن الهدف المُعلن من تأسيس السلطة هو التمهيد لإقامة دولة فلسطينية مستقلة خلال خمس سنوات، فإن هذه الدولة لم ترَ النور، بل على العكس، توسّعت المستوطنات وتعمّقت السيطرة الإسرائيلية على الضفة الغربية، في ظل غياب أي إنجاز ملموس للسلطة على صعيد استعادة الحقوق الوطنية.
وتحولت السلطة إلى إدارة خدمات محدودة في ظل الاحتلال، دون سيادة حقيقية أو صلاحيات تنفيذية واسعة.
وأحد أبرز أوجه الانتقاد الشعبي للسلطة هو استمرار التنسيق الأمني مع الاحتلال الإسرائيلي، الذي وصفه رئيسها محمود عباس نفسه ذات يوم بأنه 'مقدس'، في حين يرى كثير من الفلسطينيين أن هذا التنسيق تحوّل إلى أداة لقمع فصائل المقاومة وملاحقة النشطاء في الضفة الغربية، ما يتعارض مع روح النضال الوطني، ويجعل من السلطة أداةً لخدمة أمن الاحتلال لا لحماية المواطن الفلسطيني.
وتعاني مؤسسات السلطة من مظاهر فساد إداري ومالي، وتكريس نهج الحكم الفردي والمركزي، خصوصًا بعد تعطيل المجلس التشريعي، واستئثار الرئيس عباس بكل السلطات التنفيذية والتشريعية، في غياب أي رقابة أو انتخابات حقيقية منذ عام 2006.
وأدّت سيطرة السلطة على القرار السياسي إلى تهميش منظمة التحرير الفلسطينية، التي يُفترض أنها الإطار الجامع للشعب الفلسطيني في الداخل والشتات، ولم تُجدَّد مؤسسات المنظمة منذ سنوات، وتحولت إلى هيكل فارغ يُستخدم لتبرير قرارات السلطة، بدلًا من أن تكون ساحةً لتمثيل كل أطياف العمل الفلسطيني.
وفي ظل هذا الواقع، يُنظر اليوم إلى السلطة الفلسطينية بوصفها جسمًا مأزومًا وفاقدًا للشرعية الشعبية والوطنية، وأداة تُستخدم لتجميل الاحتلال دوليًا وتخفيف أعبائه الأمنية، بدلًا من أن تكون رافعةً لمشروع التحرر والاستقلال.
أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، الدكتور حسن نافعة، أكّد أن المشهد الفلسطيني اليوم هو نتاج مسار انطلق منذ توقيع اتفاق أوسلو عام 1993، الذي لم يكن معاهدة سلام كاملة، بل إعلان مبادئ فضفاض، فتح الباب أمام مفاوضات طويلة كان يُفترض أن تفضي إلى قيام دولة فلسطينية خلال خمس سنوات، ولكن ما حدث هو العكس.
وقال نافعة لصحيفة 'فلسطين': 'دولة الاحتلال استخدمت الاتفاق كوسيلة لإدارة الصراع لا حله، ومنحت الفلسطينيين حكمًا ذاتيًا محدودًا، دون أي التزام حقيقي بالانسحاب الكامل من الأراضي المحتلة، وهو ما ساهم في إفراغ الاتفاق من مضمونه، وأدخل السلطة الفلسطينية في أزمة شرعية'.
وأوضح أنه كان من المنتظر من رئيس السلطة محمود عباس أن يتجه لإصلاح منظمة التحرير بعد رحيل عرفات، ويُعيد بناؤها كمرجعية وطنية جامعة، وهو ما لم يحدث. وبدلًا من ذلك، رسّخ عباس نمطًا من الحكم الفردي، وأضعف البنية المؤسسية الفلسطينية.
وأضاف: 'توصيف عباس للمقاومة كان مستفزًا وغير دقيق، ومن الخطأ التقليل من قدرات فصائل المقاومة أو الاستخفاف بتضحياتها، فـ'طوفان الأقصى' أظهر أن هذه الفصائل تملك إرادة ومهارة عسكرية لا يمكن تجاهلها. قد نختلف معها سياسيًا، لكن لا يجوز التهكم على نضالها، خاصةً حين تحقق ما لم تستطع جيوش نظامية تحقيقه'.
وحول إمكانية حدوث وحدة وطنية، اعتبر نافعة أن ذلك يتطلب أن ترتقي القيادة الفلسطينية إلى مستوى التحدي التاريخي الذي يواجهه شعبها، وأن يعمل عباس على تصحيح مسار الحركة الوطنية الفلسطينية، لا أن يكون القائد الذي تحوّل إلى عبء على القضية الفلسطينية.
وشدد على أن المطلوب من رئيس منظمة التحرير الشروع فورًا في اتخاذ ما يلزم من خطوات عملية لتحويل هذه المنظمة إلى حركة تحرر وطني تليق بمقامها الرفيع
