اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ٢٩ نيسان ٢٠٢٥
أثار تسريب تسجيل صوتي نادر يُنسب للرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، جدلًا واسعًا في الأوساط السياسية والإعلامية العربية، بعد تداوله على نطاق واسع عبر منصات التواصل الاجتماعي في توقيت اعتبره البعض سياسيًا بامتياز، فما قصته؟.
بثت قناة 'ناصر تي في' التي يملكها عبد الحكيم نجل عبد الناصر المحادثة بين الرئيسين والتي تعود لعام 1970، أي قبل وفاته بأسابيع، وتضمنت انتقادات حادة وجهها عبد الناصر لحكومات وتنظيمات عربية بسبب مواقفها من القضية الفلسطينية.
في التسجيل، يسمع صوته وهو يتحدث مع الزعيم الليبي آنذاك معمر القذافي، معلنًا بشكل صريح: لن نحارب، ومن يريد أن يحارب فليأتِ ويحارب، وحلّوا عنّا بقى'.
ويبدو عبد الناصر في التسجيل متخليًا عن لهجة التعبئة الثورية التي طالما وُصف بها، مفضلًا الواقعية السياسية، وشارحًا أن مصر تسعى بالأساس لاستعادة أراضيها المحتلة بعد نكسة 1967، دون الدخول في صراعات لا طائل منها، قائلًا إن الحل السياسي هو المسار الأقرب للواقع حينها، خاصة في ظل موافقة مصر على مبادرة روجرز.
كما ينتقد عبد الناصر 'المزايدين' من القادة العرب الذين – بحسبه – يدعون إلى الحرب لكنهم لا يشاركون فيها فعليًا، مكررًا عدة مرات أن من يرغب في 'الكفاح' فليفعل، دون فرض أجندته على مصر.
رمزية التوقيت: لماذا الآن؟
لم يكن مضمون التسجيل وحده ما فجّر الجدل، بل توقيت نشره، الذي جاء متزامنًا مع أنباء عن زيارة مرتقبة لدونالد ترامب إلى المنطقة، يحمل فيها خطة لتطبيع جديدة أو إعادة تفعيل مبادرة تتعلق بالقضية الفلسطينية.
انقسمت الآراء بين أولئك الذين يرون فيه محاولة للتلاعب بالتاريخ، وآخرين يتساءلون عن الجهة التي تقف خلف نشره. كذلك أشار بعضهم إلى أن التوقيت والشكل الذي ظهر فيه التسجيل يزيد من الريبة حول وجود أهداف سياسية مريبة وراء تسريبه.
وعبّر مغردون عن استغرابهم من ظهور هذا التسجيل في هذا الوقت تحديدا، خاصة مع اقتراب زيارة مرتقبة للرئيس الأميركي دونالد ترامب للمنطقة، ويتوقع أن تحمل معها إملاءات جديدة على الحكومات العربية بخصوص القضية الفلسطينية.
واعتبروا أن الهدف من نشر هذا التسجيل قد يكون تبرير خطوات سياسية حالية، مثل التطبيع أو تقديم تنازلات حول القضية الفلسطينية، من خلال تشويه صورة زعيم مثل جمال عبد الناصر، الذي كان رمزا للمقاومة والقومية العربية.
وعلى المستوى المصري الداخلي، انقسمت ردود الفعل على التسجيل بين من اعتبره 'وثيقة سياسية تفضح ازدواجية الخطاب الناصري' وتؤكد أن عبد الناصر كان في نهاية المطاف سياسيًا براغماتيًا، وبين من دافع عنه باعتباره رجل دولة اضطرته ظروف ما بعد الهزيمة إلى المناورة لإعادة بناء قدرات بلاده العسكرية.
بعض الناصريين وصفوا التسريب بـ'الاجتزاء المتعمد' من سياق سياسي معقد، معتبرين أن قبول عبد الناصر بمبادرة روجرز لم يكن تخليًا عن القضية الفلسطينية، بل ضرورة مرحلية لكسب الوقت.
وبكسب ويكييديا، تعد مبادرة روجرز (المعروفة أيضا بالضربة العميقة) هي مبادرة قدمتها الولايات المتحدة الأمريكية في 5 يونيو 1970 عن طريق وزير خارجيتها وليام روجرز لإيقاف النيران لمدة 90 يوم بين مصر وإسرائيل وأن يدخل الطرفان في مفاوضات جديدة لتنفيذ القرار 242. استجاب الطرفان لإيقاف النيران في 8 أغسطس 1970 إلا أن إسرائيل لم تفي بالشق الثاني. وسقطت المبادرة في 4 فبراير 1971 حيث أعلنت مصر رفضها تمديد وقف إطلاق النيران واستمرار حالة اللاسلم واللاحرب.
في خضم النقاش، أصدرت مكتبة الإسكندرية – الجهة الرسمية الحافظة لأرشيف عبد الناصر – بيانًا نفت فيه مسؤوليتها عن التسريب، وأكدت أن 'جميع ما ينسب إلى أرشيف عبد الناصر يجب أن يخضع لمراجعة علمية، وأن التسجيلات الرسمية موجودة فقط على موقع المكتبة.'