اخبار فلسطين
موقع كل يوم -وكـالـة مـعـا الاخـبـارية
نشر بتاريخ: ٦ أب ٢٠٢٥
رام الله- معا- نظم معهد فلسطين لأبحاث الأمن القومي، الثلاثاء، ندوة حوارية تحت عنوان “إعلان الكنيست ضم الضفة الغربية وأثره على مستقبل حل الدولتين”، بحضور نخبة من الخبراء والمختصين والباحثين.
استضافت الندوة الدكتور أحمد الطيبي، عضو الكنيست عن القائمة العربية، والإعلامي الفلسطيني الدكتور ناصر اللحام، حيث تناولت النقاشات أبعاد إعلان الضم وتأثيراته السياسية والقانونية على القضية الفلسطينية ومستقبل حل الدولتين.
افتتح اللواء حابس الشروف، مدير عام المعهد، الفعالية بكلمة أكد فيها أهمية مثل هذه الفعاليات في صياغة رؤى جديدة تدعم صناع القرار في مواجهة التحديات الراهنة.
وشدد الشروف على ضرورة أن تثمر الندوة عن توصيات عملية وقابلة للتنفيذ تساهم في حماية الحقوق الوطنية ورفض سياسة فرض الأمر الواقع التي يسعى إعلان الضم لترسيخها. أدار الندوة الدكتور هاني عواد، مدير البرنامج القانوني في المعهد.
ناقشت الفعالية تداعيات إعلان الكنيست الإسرائيلي الأخير، الذي أثار جدلاً واسعاً حول تأثيراته السياسية والاستراتيجية، خاصة في ظل التحولات الجذرية التي يشهدها المشهد الإسرائيلي الداخلي. ركز المتحدثون على دور اليمين الإسرائيلي المتطرف في استغلال الكنيست كأداة لتعزيز أجندته السياسية التي تهدف إلى تقويض فرص تحقيق حل الدولتين، مما يعكس تغيراً استراتيجياً في رؤية إسرائيل تجاه جهود السلام الدولية.
كما تناولت النقاشات الخطوات الواجب اتخاذها فلسطينياً وعربياً ودولياً لمواجهة هذا الإعلان، سواء من خلال تعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية أو تكثيف الجهود الدبلوماسية على المستوى الدولي.
وأكد المشاركون أهمية صياغة استراتيجية موحدة لمواجهة هذه التطورات التي تهدد الاستقرار الإقليمي وتضع العراقيل أمام مساعي تحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة.
تناول الدكتور أحمد الطيبي في مداخلته موضوعًا هامًا يتعلق بالقرارات الصادرة عن الكنيست، موضحًا أن ما تم إقراره هو مجرد اقتراح على جدول الأعمال وليس قانونًا ملزمًا، ولكنه يحمل أبعادًا سياسية ذات تأثير كبير.
وأشار إلى أن وزير المالية الإسرائيلي، بتسلائيل سموتريتش، لا يحتاج إلى تشريعات جديدة لتنفيذ أجندته وأجندة حكومة اليمين المتطرف، حيث إن هيمنته شبه الكاملة للإدارة المدنية على عمليات التخطيط في الضفة الغربية تتيح له تحقيق أهدافه بسهولة.
كما أوضح أن الدولة تخصص مئات الملايين من الشواكل من ميزانيتها لدعم مشاريع التوسع الاستيطاني، ومخططات هدم منازل المواطنين الفلسطينيين، مما يعكس توجهات الحكومة الحالية نحو تعزيز الاستيطان على حساب الحقوق الفلسطينية. وأن هذه السياسات تثير مخاوف كبيرة بشأن مستقبل القضية الفلسطينية وتؤكد الحاجة المُلحة والعاجلة إلى موقف دولي واضح لمواجهة هذه التحديات.
وأضاف الطيبي ان الحكومة الإسرائيلية الحالية تواجه انتقادات دولية واسعة بسبب رفضها لأي حلول تتعلق بحل الدولتين وتعيق إقامة دولة فلسطين مستقلة، وهو موقف يعكس توجهات اليمين المتطرف داخلها. عند هذه النقطة، يتم استغلال السلطة التشريعية لتمرير قوانين تخدم أجندات سياسية محددة، ما يثير مخاوف بشأن تأثير هذه السياسات على مستقبل القضية الفلسطينية. وعلى الرغم من أن بعض الإعلانات التي تصدر عن هذه الحكومة قد تكون رمزية وغير ملزمة قانونياً، إلا أنها تمثل انتهاكاً واضحاً للشرعية الدولية وتضع عقبات إضافية أمام جهود تحقيق السلام في المنطقة. هذا النهج يتطلب وقفة دولية جادة لإعادة التأكيد على الأسس القانونية والقرارات الأممية المتعلقة بالقضية الفلسطينية.
في ظل التحولات الدولية الراهنة والمواقف المتباينة تجاه إسرائيل، يتضح أن الموقف الأوروبي يشكل عاملًا مهمًا في توجيه السياسات الدولية المتعلقة بالقضية الفلسطينية.
فقد أكد أحمد الطيبي أن أوروبا تعارض إعلان الضم الذي تسعى إليه إسرائيل، مشددًا على ضرورة اتخاذ إجراءات ملموسة من قبل الدول الأوروبية لمواجهة هذه الخطوة التي تتعارض مع القانون الدولي.
كما أشار إلى أن المجتمع الدولي لا يزال متمسكًا بمبدأ حل الدولتين كإطار أساسي لتحقيق السلام العادل والدائم بين الفلسطينيين والإسرائيليين. هذا الموقف يعكس أهمية التعاون الدولي في دعم الحلول السلمية وتجنب التصعيد الذي قد يؤدي إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة.
تناول الدكتور ناصر اللحام إعلان الكنيست بشأن ضم الضفة الغربية من منظورين رئيسيين، هما الإعلامي والسياسي، مشيراً إلى أن هذا الإعلان أثار جدلاً واسعاً بين النخب السياسية الإسرائيلية أكثر مما أثاره في الشارع العام.
وأوضح الدكتور اللحام أن الكنيست، بوصفه جهة تشريعية، غالباً ما يصدر قرارات وإعلانات تحمل طابعاً رمزياً أو سياسياً، لكن تنفيذها على أرض الواقع يعتمد بشكل كبير على توجهات الحكومة الإسرائيلية وقدرتها على ترجمة هذه الإعلانات إلى خطوات عملية.
وأضاف أن العديد من المشاريع والتصريحات التي صدرت عن الكنيست في الماضي لم تجد طريقها إلى التنفيذ بسبب تعقيدات الواقع السياسي الإسرائيلي والإقليمي.
وأكد أن مثل هذه الإعلانات قد تكون أداة ضغط أو موجهة لتحقيق أهداف سياسية محددة، لكنها في كثير من الأحيان تبقى ضمن إطار الخطاب السياسي دون أن تحدث تغييراً ملموساً في السياسات الفعلية.
ووجه اللحام انتقادات للموقف الأمريكي تجاه المخاطر المرتبطة بإعلان الكنيست الأخير، واعتبره موقفاً متساهلاً يتعارض مع مبادئ الشرعية الدولية. مؤكداً على وجود احتجاجات واسعة ومعارضة دولية لهذا الإعلان، واشار إلى أن الاعترافات الدولية المتزايدة بدولة فلسطين تُعد الرد المناسب على هذه التطورات.
كما تناول حالة التراجع الملحوظة التي يعاني منها اليسار الإسرائيلي، حيث أصبح شبه غائب عن الساحة السياسية، في ظل انحصار عالمي لتيارات اليسار في مختلف المجتمعات، بما في ذلك أوروبا وإسرائيل وفلسطين.
وأوضح أن المشهد السياسي لم يعد يتسم بانقسام تقليدي بين اليمين واليسار، بل شهد تحولاً نحو هيمنة النخب وظهور الأحزاب الشعبوية، مما يعكس تغيراً جذرياً في طبيعة التفاعلات السياسية والاجتماعية على مستوى العالم.
وأكد الدكتور ناصر أن فلسطين حققت إنجازاً دبلوماسياً مهماً من خلال قدرتها على تسليط الضوء على السياسات العنصرية وغير الإنسانية التي تنتهجها إسرائيل، مما أدى إلى تعزيز عزلة الأخيرة على الصعيد الدولي. وأشار إلى أن هذا النجاح لم يكن مجرد خطوة رمزية، بل كان له تأثير ملموس في كشف الوجه الحقيقي لهذه السياسات أمام المجتمع الدولي وأمام محكمة العدل الدولية، التي تُعد أعلى سلطة قضائية في العالم.
وأضاف الدكتور ناصر أن هذا الإنجاز يعكس قوة الإرادة الفلسطينية في استخدام الأدوات القانونية والدبلوماسية للدفاع عن حقوقها المشروعة، مؤكداً أن هذه الخطوة تُعد انتصاراً ليس فقط لفلسطين، بل لكل القيم الإنسانية والعدالة الدولية.
وأظهرت النقاشات والمداخلات التي طُرحت أن قضية الضم لا تقتصر على تغيير الحدود الجغرافية، بل تحمل في طياتها أبعادًا أعمق تتعلق بطبيعة الصراع وتأثيراته على مسارات الحل السياسي.
ومن هذا المنطلق، تبرز أهمية العمل المنسق على مختلف المستويات السياسية والدبلوماسية والقانونية، إلى جانب الجهود الشعبية، لضمان مواجهة فعالة لمشاريع الضم التي تهدد الحقوق الفلسطينية. إن التحرك الجماعي، سواء على الصعيد الفلسطيني أو العربي والدولي، يشكل ركيزة أساسية لوقف هذه المخططات ومحاسبة الاحتلال على انتهاكاته المستمرة للقوانين الدولية وحقوق الإنسان.
كما أكد المشاركون أن السياسات التوسعية والاستيطانية التي تنتهجها إسرائيل، بالإضافة إلى مخططات التهجير القسري، لن تنجح في كسر إرادة الشعب الفلسطيني أو ثنيه عن مواصلة نضاله المشروع من أجل الحرية والعدالة وإقامة دولته المستقلة.
وشددوا على أن هذه الجرائم التي ترتكب بحق أبناء الشعب الفلسطيني، مهما بلغت شدتها، لن تؤدي إلا إلى تعزيز صمود الفلسطينيين وتمسكهم بحقوقهم الوطنية والتاريخية.
كما دعوا المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية تجاه هذه الانتهاكات المستمرة، والعمل على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وضمان تحقيق العدالة للشعب الفلسطيني وفقاً للقوانين الدولية وقرارات الأمم المتحدة.