×



klyoum.com
palestine
فلسطين  ١٩ أيلول ٢٠٢٥ 

قم بالدخول أو انشئ حساب شخصي لمتابعة مصادرك المفضلة

ملاحظة: الدخول عن طريق الدعوة فقط.

تعبر المقالات الموجوده هنا عن وجهة نظر كاتبيها.

klyoum.com
palestine
فلسطين  ١٩ أيلول ٢٠٢٥ 

قم بالدخول أو انشئ حساب شخصي لمتابعة مصادرك المفضلة

ملاحظة: الدخول عن طريق الدعوة فقط.

تعبر المقالات الموجوده هنا عن وجهة نظر كاتبيها.

موقع كل يوم »

اخبار فلسطين

»سياسة» وكالة سوا الإخبارية»

قصة التجويع والترحيل في غزة!

وكالة سوا الإخبارية
times

نشر بتاريخ:  الأربعاء ١٧ أيلول ٢٠٢٥ - ٠٩:١٣

قصة التجويع والترحيل في غزة!

قصة التجويع والترحيل في غزة!

اخبار فلسطين

موقع كل يوم -

وكالة سوا الإخبارية


نشر بتاريخ:  ١٧ أيلول ٢٠٢٥ 

قال وهو يبكي: حاولتُ أن أُبعد عن ذاكرتي صورة بيتي الجميل المكون من أربعة طوابق، البيت الذي بنيته في خمس عشرة سنة هو اليوم كومة من الحجارة عندما انهار البرج المجاور عليه بسبب قنبلة من الطائرات الإسرائيلية، غير أنني تذكرت المطعم الفاخر الذي أشرفت على بنائه وسط غزة ، هو مطعم يقدم أشهى المأكولات، أرجعتُ هذه الذكرى إلى حاسة الجوع التي أشعر بها في منتصف الليل، أنا لم أستطع النوم، أرجعت السبب إلى الخوف من القصف والنزوح، ومن المرض بسبب الجوع.

كنا نستقي الأخبار ليس من هاتفي القديم من نوع نوكيا، بل من أصوات وحوارات الجيران ممن يعرفون الأخبار بسرعة قبل أن تُذاع في محطات الإذاعة.

كل الأخبار يمكن احتمالها إلا خبر الترحيل من المكان، فقد رحلنا من غزة في بداية هذه الكارثة إلى رفح، هناك اجتمعنا مع عائلتنا الممتدة، خفَّف اجتماعنا واشتراكنا من مأساة تدمير بيوتنا وممتلكاتنا ومحلاتنا في وسط غزة، استأجرنا بيتاً واسعاً في رفح خفف عنا قليلاً ألم التهجير والتجويع، لأن الدمار طال معظم بيوت أقاربنا في غزة، ظننا أننا نجونا من الإبادة، كنا نسمع تعبيراً نحتته قوات الاحتلال (المناطق الآمنة) في مواصي خان يونس ورفح، غير أننا بعد شهر ونصف اضطرنا للرحيل إلى مواصي خان يونس بعد أن اكتشفنا أنه ليس هناك مناطق آمنة عند المحتلين، لم يمض سوى وقت قصير حتى جرى احتلال مدينة رفح وتدميرها وقتل عدد كبير من ساكنيها، استأجرنا منزلاً قديماً في خان يونس بمبلغ كبير، ظننا أنه سيكون خاتمة تهجيرنا الأخير، ولكننا بعد خمسة وأربعين يوما، اضطررنا للرحيل من خان يونس إلى المنطقة الوسطى، إلى مخيم النصيرات، وهناك استأجرنا بصعوبة بيتاً متواضعاً في المخيم كان قريباً من محطة توليد الكهرباء في مدينة الزهراء، كنا لا ننام بسبب أصوات القصف المدفعي وتفجير المنازل بقنابل الطائرات، كنا لا نستطيع الإغفاء ساعة واحدة، لأن أصوات الدبابات والجرافات وهي تطحن البيوت تسلب النوم، وتعيد لنا مسلسل الترحيل من جديد!

صباحات مخيم النصيرات مشحونة بالألم، لأننا كنا مضطرين لشراء الطعام غالي الثمن، قليلون هم من يستطيعون شراء حبتين من الطماطم والبصل والثوم أو الحصول على كيس من الخبز لأن سعرها يتجاوز المائة دولار.

لم يبق من النقود التي أحملها سوى مبلغ ضئيل لا يكفي ليومين أو أقل، حتى أن أجرة البيت تحتاج إلى أن أبحث عن دكان يصطف على بابه كثيرون ليتمكنوا من صرف بعض النقود المدخرة لهم في البنك باستقطاع بنكي بنسبة خمسين في المائة تقريباً، أي أن من يدفع مائة دولار يستلم خمسين دولاراً فقط من العملة المستخدمة وهي الشيكل، وعلى كل من يقبل هذه النسبة أن يستلم النقود المهترئة من صاحب المحل، هذه النقود غير قابلة للشراء، وهي أيضا لا يقبلها صاحب محل الصرافة نفسه لو أعدتها إليه من جديد، معظم الباعة يرفضون استلامها لأنها مهترئة.

لم يعد نور الصباح في تهجيرنا محبوباً كما كان في بداية تهجيرنا في رفح، كنت أخاف على أبنائي وبناتي، فهم قد تغيروا وأصبحوا عاملين يحملون أقراص العجين بعد أن تعده زوجتي، يبحثون عن فرن طيني يخبزون فيه كرات العجين بالنقود، أو باستقطاع خمسة أرغفة من عشرين رغيفاً، بحيث يبقى فقط خمسة عشر رغيفاً من العشرين، يبيع صاحب الفرن ما يتوفر لديه من خبز ليتمكن من شراء الحطب اللازم للخبز.

لم يعرف أحد مقدار الألم الذي أشعر به وأنا أسير في الطريق بملابس غير نظيفة، لأن الحصول على الماء اللازم للغسيل يحتاج إلى أوعية بلاستيكية فارغة، وهي نادرة، وعندما تصل سيارة مياه مجانية ينطلق خلفها مئات الشباب والأطفال هم يجرون حاملين أوعيتهم الفارغة ليتمكنوا من الاصطفاف أو اغتصاب دور أحدهم بالقوة، شاهدتُ معركة بالسكاكين أمام سيارة نقل المياه، ما جعلني أطلب من أبنيَّ أن يشتريا المياه ممن يبيعونها، حتى لا يحدث لهما مكروه.

كنتُ أعرف أن رائحة ملابسي لا تُطاق، حاولت أن أرش بعض ما تبقى من عبوة صغيرة من العطر الشعبي على صدري، لأخفي رائحة ثيابي وجسدي المغطى بطبقة من العرق.

أبعدتُ صورة الحمامات ودورات المياه في بيتي المدمر، وبئر المياه الخاص، لم أظفر بحمام منذ أسبوعين، كنتُ استحم بعبوةٍ لا تتجاوز عشرة لترات، كنتُ أصب الماء على الأماكن الحساسة في جسدي بحذر شديد، توفيرا لحاجة بناتي اللاتي التصق بهن ثوبُ الصلاة منذ أيام طويلة، ولم يتمكنَّ من الظفر بحمامٍ يغسل أجسادهن!

أدهشتني فرحة أبنائي البالغة باتفاق وقف إطلاق النار في شهر كانون الثاني 2025 ، لم أكن فرحا مثلهم، لأنني سأعود لأتذكر كل حجر من حجارة البيت، ففي كل زاوية من البيت ذكرى جميلة خبأتها في أوراقي وأعماقي، فسرتُ فرحتهم برغبتهم الخروج من الواقع المرير الذي نحياه، لأنهم لا يُجيدون توقع الآتي من الأيام، فهم لحظيون.

قررتُ بعد عودتنا لغزة أن نسكن كلنا في مطعمنا الكبير غير المدمر، لم تدم الفرحة طويلا، بخاصة ونحن نرى عدد السيارات المصطفة في شارع صلاح الدين تنتظر التفتيش، فقد أمضينا يومين كاملين ننتظر دورنا على الرغم من قصر المسافة بين النصيرات وحاجز نتساريم.

لأول مرة بعثتْ ابتساماتُ أبنائي في نفسي أملاً جديداً، لعله يتغلب على تشاؤمي المستقبلي في أعماقي، حاولت أن أشاركهم الابتسامات، كنت أحاول أن أشجعهم على أن يُطلوا على نافذة الأمل المفتوحة على مستقبلهم، لأن جميع من كانوا ينتظرون دورهم كانوا مشحونين بالأمل، مشتاقين للعودة إلى ما تبقى من بيوتهم، ظللت أحاول أن أُبعد ما يعتريني من إحباط ويأس.

حين عدنا إلى غزة استطعنا أن نسكن في مطعمنا ستة أيام فقط، أحسسنا خلالها بأننا سنتمكن من إعادة الحياة لحجارة بيتنا المدمر، لم نكن نتوقع أن نُهجَّر مرة أخرى لأن هذا التهجير سيكون أكثر قسوة من تهجيرنا الأول، فقد أنذرنا المحتلون وطالبونا بمغادرة المكان، لم نتمكن خلال خمس عشرة دقيقة من انقاذ بعض مقتنياتنا، ها نحن نعيش في العراء من جديد لا يحجبنا عن السماء وعيون الجيران سوى مزق من قماش متعدد الألوان، نحن نعيش وسط أكوامٍ من البشر في ساحة واسعة في شمال غزة.

لم أكن أعلم مصدر الرائحة السيئة التي أشتمها عند النوم إلا بعد أن اكتشفتُ أن مكان وسادتي ومفرشي الأرضي يقع بالضبط قريباً من دورة مياه جارنا، فأنا لا أستطيع أن أغفو ساعة واحدة، على الرغم من رائحة الدخان النفاذة السامة من تفجير العمارات المجاورة.

ابناي الجائعان يستلقيان إلى جواري، أحدهما خريجٌ جامعي والثاني في المرحلة الإعدادية، هناك بقايا ستارة قديمة تفصل زوجتي وبناتي الثلاث عن مكان نومي، وهناك حفرة بها بقايا جردل بلاستيكي ممزق نقضي حاجتنا فيها، مع العلم أن الحصول على مياه الغسيل ومياه الشرب يحتاج إلى نصف يوم من العراك مع العدد الكبير من طالبي هذه المياه!

سأحدثك عن وجبة الطعام التي تناولناها هذا اليوم في تمام الساعة الواحدة ظهرا، تناولنا بقايا من الخبز الذي خبزته زوجتي في مقلاة سوداء منذ ثلاثة أيام، بعد أن أشعلت بعض قطع النايلون وبعض قطع الخشب المشترى بثمن غال، اعتدت أن أمسح بقايا الخبز بيدي حتى لا تظهر عليه بقع وندوب الفطريات، فلم تعد هذه القطع المملوءة بالفطريات مستقبحة عند أفراد عائلتي كما كانت في الماضي قبل عصر التجويع، كنتُ أوهم أبنائي بأنني أحصل على نصيبي من الطعام مثلهم بالضبط، كنت أمضغ قضمة الخبز وأستمر في تحريكها في فمي مدة طويلة، حتى لا يحس أولادي بأنني أنام وأنا جوعان، على الرغم من أنني كنت أشتهي وضع قطعة من الجبن أو قرصا من الفلافل في وسط الرغيف.

اعتدت أن أسمع حوار الجيران وشتائمهم وعراكهم الدائم بوضوح، كان العراك يتوقف عندما نسمع انفجاراً قريباً، كان المتحدثون يستطلعون مكان الانفجار وهم داخل الخيمة، يشتركون في جدال طويل ينتهي بالسباب والشتائم، كنتُ قبل التهجير حريصاً على أن تكون بناتي الثلاث بعيدات عن سماع الشتائم القبيحة، أما في خيمتنا البالية لم أعد قادرا على حجب تلك المعارك اليومية!

عندما رأيت قصاصات الأوراق تتطاير من الطائرة، ظننتها ستكون بعيدة عن مكان نزوحي، غير أن تجمعا مكونا من أكثر من عشرة رجال كانوا يقرؤون الإنذار، ويعلنون أننا مشمولون بالترحيل.

تذكرتُ قول المتنبي: كفى بك داء أن ترى الموتَ شافيا...وحسبُ المنايا أن يكنَّ أمانيا!

ملاحظة: (هذه القصة الواقعية حصلت على تفاصيلها شفوياً من أحد معارفي المهجرين في شهر آب 2025)

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

موقع كل يومموقع كل يوم

أخر اخبار فلسطين:

السلطة الفلسطينية تعتقل مشتبها به بعد 43 عاما من هجوم مميت على مطعم في باريس (فيديو)

* تعبر المقالات الموجوده هنا عن وجهة نظر كاتبيها.

* جميع المقالات تحمل إسم المصدر و العنوان الاكتروني للمقالة.

موقع كل يوم
14

أخبار كل يوم

lebanonKlyoum.com is 2150 days old | 340,592 Palestine News Articles | 7,281 Articles in Sep 2025 | 294 Articles Today | from 39 News Sources ~~ last update: 1 min ago
klyoum.com

×

موقع كل يوم


مقالات قمت بزيارتها مؤخرا



قصة التجويع والترحيل في غزة! - ps
قصة التجويع والترحيل في غزة!

منذ ٠ ثانية


اخبار فلسطين

الأربعاء الحاسم .. 3 قمم أوروبية تسبق قمة ألاسكا الروسية الأميركية - jo
الأربعاء الحاسم .. 3 قمم أوروبية تسبق قمة ألاسكا الروسية الأميركية

منذ ٠ ثانية


اخبار الاردن

(إسرائيل) تعلن عن خطة استيطانية كبرى شمال الضفة.. وهذه ملامحها ! - ps
(إسرائيل) تعلن عن خطة استيطانية كبرى شمال الضفة.. وهذه ملامحها !

منذ ٠ ثانية


اخبار فلسطين

لبحث التطورات في الشمال السوري..وزير الخارجية السوري يتلقى مكالمة هاتفية من نظيره الفنزويلي - sy
لبحث التطورات في الشمال السوري..وزير الخارجية السوري يتلقى مكالمة هاتفية من نظيره الفنزويلي

منذ ٠ ثانية


اخبار سوريا

بعد جنتا في البقاع غارات إسرائيلية عنيفة تستهدف جنوبي دمشق - lb
بعد جنتا في البقاع غارات إسرائيلية عنيفة تستهدف جنوبي دمشق

منذ ثانية


اخبار لبنان

خبير: إسرائيل جعلت المعادلة صفرية ويريدون إلغاء الملف الفلسطيني - eg
خبير: إسرائيل جعلت المعادلة صفرية ويريدون إلغاء الملف الفلسطيني

منذ ثانية


اخبار مصر

جماعة الحوثي تعلن مقتل أربعة من ضباطها - ye
جماعة الحوثي تعلن مقتل أربعة من ضباطها

منذ ثانية


اخبار اليمن

 الحريري يعلق على مستوى النصر أمام استقلال دوشنبه بالشوط الأول - sa
الحريري يعلق على مستوى النصر أمام استقلال دوشنبه بالشوط الأول

منذ ثانية


اخبار السعودية

فضل الموت في شهر محرم.. هل هو حسن خاتمة لضحايا حادث المنوفية؟ - eg
فضل الموت في شهر محرم.. هل هو حسن خاتمة لضحايا حادث المنوفية؟

منذ ثانية


اخبار مصر

إيقاف وإزالة مخالفات بناء في حملات مكبرة بـ3 مدن - eg
إيقاف وإزالة مخالفات بناء في حملات مكبرة بـ3 مدن

منذ ثانية


اخبار مصر

اغتيال نائب عميد كلية الطب البشري ورئيس قسم الصدرية بجامعة حلب - sy
اغتيال نائب عميد كلية الطب البشري ورئيس قسم الصدرية بجامعة حلب

منذ ثانية


اخبار سوريا

مدحت صالح وآمال ماهر يحييان حفلا خيريا في قصر عابدين - xx
مدحت صالح وآمال ماهر يحييان حفلا خيريا في قصر عابدين

منذ ثانية


لايف ستايل

أمير قطر يعقد جلسة مباحثات رسمية مع رئيس وزراء الهند - qa
أمير قطر يعقد جلسة مباحثات رسمية مع رئيس وزراء الهند

منذ ثانية


اخبار قطر

خالد سرحان يسخر من حديث محمد رمضان مع الذكاء الاصطناعي (فيديو) - xx
خالد سرحان يسخر من حديث محمد رمضان مع الذكاء الاصطناعي (فيديو)

منذ ثانية


لايف ستايل

* تعبر المقالات الموجوده هنا عن وجهة نظر كاتبيها.

* جميع المقالات تحمل إسم المصدر و العنوان الاكتروني للمقالة.






لايف ستايل