اخبار فلسطين
موقع كل يوم -وكـالـة مـعـا الاخـبـارية
نشر بتاريخ: ٢٠ أيار ٢٠٢٥
الكاتب:
هيثم زعيتر:
لم يكن يعتقد الاحتلال الإسرائيلي، عندما اغتال الصحافية شيرين أنطوان أبو عاقلة، أن ذلك سيُبقي قضيتها حاضرة، وتُفشل مُخططه، بكمِّ أفواه الصحافيين.
بين تاريخ الاغتيال، صباح يوم الأربعاء في 11 أيار/مايو 2022، واليوم، حفل بمحطات مُتعددة، ثبت فيها أن دماء شيرين، التي ارتوت بها أرض مُخيم جنين في الضفة الغربية، أينعت حضوراً راسخاً في أرض فلسطين، ومُشعاً إلى العالم، حاضرة في كل خبرٍ وصورة.
تماماً كما الصورة التي جسدت فيها شيرين، محطات استشهادها، بين تشييع في جنين ورام الله وصولاً إلى القدس، وبالطرق الإسلامية والمسيحية، التي تُؤكد نموذج التعايش الحقيقي في مهد الرسالات السماوية، حيث ترتفع التكبيرات من مآذن المساجد، لتُعانق قرع أجراس الكنائس بالتصدي للمُحتل الإسرائيلي الغاصب.
وفاءً لدماء الشهيدة شيرين، عملت على إصدار كتاب، يُوثق مسيرة حياتها واستشهادها، ومراحل التحقيق، والتضامن مع 'أيقونة الإعلام الفلسطيني'، في كتاب حمل اسم 'شيرين أبو عاقلة.. الشاهدة والشهيدة'، الذي وضع المُقدمة له عضو اللجنة التنفيذية لـ'مُنظمة التحرير الفلسطينية' رئيس 'اللجنة العليا لمُتابعة شؤون الكنائس في فلسطين' الدكتور رمزي خوري، وصدر عن 'دار النهار للنشر'، بكلمة لمُديرها القاضي زياد شبيب.
واستمرينا بُمتابعة قضية الشهيدة شيرين أبو عاقلة، حيث ثبت بالأدلة والوقائع والبراهين المُوثقة، تعمد الاحتلال اغتيالها، عن سبق ترصدٍ، وتخطيطٍ، وتنفيذٍ بالقنص العمد، باستهدافها عند الساعة 6:27 صباحاً، وهي بين زملائها الإعلاميين، حيث كانت ترتدي الخوذة الصحفية والسترة الواقية، وقد كُتب على كل منهما كلمة 'صحافة' باللغتين العربية والإنكليزية، ما يُشير بوضوح إليها.
لكن، رصاص القنص أصاب رقبة شيرين، ومزق رأسها، ما أدى إلى تهتك واسع للدماغ والجمجمة، قبل ارتداد الرصاصة إلى السطح الداخلي للخوذة، التي كانت تعتمرها بهدف الحماية.
وثبت أن قناصاً إسرائيلياً من وحدة 'دو فدفان' المُتخصصة والمُدربة بشكل مُميز، هو من أطلق الرصاص الحي باتجاهها من بندقية 'أم 4'، وبرصاص قطره 5.56 ملم.
لم تُقفل قضية شيرين، بل جرت تحقيقات فلسطينية داخلية، وحملنا في نقابة الصحفيين الفلسطينيين، القضية، كما زملائها الإعلاميين الشهداء، إلى محافل مُتعددة، ومنها عبر التحالف القانوني، الذي يضم الاتحاد الدولي للصحفيين، نقابة الصحفيين الفلسطينيين، المركز الدولي للعدالة للفلسطينيين، إلى 'المحكمة الجنائية الدولية'، وغيرها، لمُلاحقة القتلة.
في المُقابل، سعت الإدارة الأميركية إلى التغطية على اغتيال شيرين، التي تحمل الجنسية الأميركية فضلاً عن الفلسطينية.
وتعمد الاحتلال إخفاء الحقيقة، ومُمارسة مُحاولة التضليل الإعلامي، والتستر على الجندي الإسرائيلي القاتل.
لكن، مع حلول الذكرى الـ3 لاغتيال شيرين، يُمكن الإجابة عن اسم القاتل، الذي بقي سراً، وتبين أنه يُدعى آلون سكاجيو.
وقد تعمد إطلاق النار على شيرين، وهو مُدرك تماماً ماذا يستهدف، نظراً إلى وضوح الرؤية، والمسافة والموقع وحالة الطقس، وهو ما عملت قوات الاحتلال الإسرائيلي على إخفائه، والزعم أن مُسلحين فلسطينيين، هم من أطلقوا النار، ومن ثم أنه كان هناك مُسلحون فلسطينيون بالقرب من مكان شيرين!
وثبت زيف الادعاءين، حيث أثبتت التحقيقات، أن الاغتيال تم عمداً، ولم يكن هناك مُسلحون فلسطينيون، بل 7 صحافيين، يقومون بتغطية الاجتياح الإسرائيلي لجنين، من دوار العودة في مُحيط مدارس وكالة 'الأونروا'، قرب المدخل الغربي لمُخيم جنين، على الطريق المُؤدي إلى برقين.
ولاحقاً، استخدم زُملاء سكاجيو، صورة الشهيدة شيرين، لتدريبات الرماية!
ومُواكبة لقضية شيرين، التي حاولت السلطات الإسرائيلية، حماية القاتل، تبين أنه قُتل في عملية فدائية، تمت على أرض جنين، التي روت بدماء شيرين.
وجاء مقتل سكاجيو، الذي تكشف مُنذ فترة، إثر عملية نُفذت، يوم الخميس في 27 حزيران/يونيو 2024، خلال مُحاولة قوات الاحتلال، اقتحام مدينة ومُخيم جنين، حيث جرى تفجير عبوة ناسفة، استهدفت مُدرعة من نوع 'الفهد'.
إثر ذلك، وصلت قوة إضافية للاحتلال، لتخليص القوة الأولى، فجرى تفجير عبوة ناسفة ثانية، ما أدى إلى مقتل قائد فرقة القناصة، وإصابة 16 جندياً بجروح مُتفاوتة.
لم يكن قائد الفرقة، إلا سكاجيو، الذي تفنن بقنص شيرين، في القسم العلوي من جسدها، ما يُؤكد الاستهداف للقتل!
بعد 3 سنوات على اغتيال الشهيدة شيرين أبو عاقلة، ما زال طيفها يُلاحق الاحتلال، الذي لم يكتفِ بالاعتداء على موكب التشييع في كل مراحله، وتدمير النصب التذكاري، واقتلاع الشجرة، التي رُويت بدماء شيرين لحظة استهدافها.
بل، استمر بمُحاولات تشويه الحقيقة، وتمييع التحقيق، وتعمد استهداف الصحافيين، الذين بلغ عددهم في فلسطين، مُنذ تجدد حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية ضد أبناء الشعب الفلسطيني، 222 شهيداً وعشرات الجرحى.
لا شك أن الاحتلال الإسرائيلي، يُدرك خطورة الكلمة والصورة والصوت، في معركة المُواجهة بين الحق والباطل، والضحية والجلاد، لذلك يُلاحق الإعلاميين والصحافيين، في مُحاولة لطمس الحقيقة، التي تبقى ناصعة مُعمدة بالدماء.