اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ٢٠ تشرين الأول ٢٠٢٥
استمرت الحرب على غزة ما يزيد عن العامين موديةً بخسائر عسكرية ومدنية لدى جميع الأطراف، وقد توصلت المقاومة الفلسطينية بقيادة حركة حماس لاتفاق مع الاحتلال 'الاسرائيلي' يوقف الحرب ويعمل على تنفيذ صفقة تبادل يتم خلال تحرير مئات الاسرى الفلسطينيين مقابل اطلاق سراح الاسرى 'الاسرائيليين'، وقد تم ذلك بوساطةٍ أمريكية – إقليمية، فهل يمكن أن تتجدد الحرب كما حدث في مارس 2025؟
لا يمكن الجزم في ذلك الأمر بشكلٍ قطعي لوجود متغيراتٍ سياسيةٍ وعسكريةٍ لحظية، لذا فإن المسألة تبدو أكثر تعقيدًا مما يبدو، حيث إن بعض العناصر دعم إمكانية استمرار الاتفاق وعلى النقيض من ذلك هناك شروط يمكن اعتبارها تمهيدًا لتجدد القتال؟ فما هي تلك العناصر؟
لماذا الاتفاق؟
لا شك أن وقف الحرب الحالي والسابق الذي جرى في يناير 2025 لم يكن بإرادةٍ 'اسرائيلية' بقدر ما كان بإرادةٍ دولية وضغطٍ خارجيٍ كبير أجبر 'اسرائيل' على التوقيع على الاتفاق ليدخل ترمب البيت الأبيض خالٍ من الصراعات في منطقة الشرق الأوسط، وساعيًا من خلال ذلك حصوله على جائزة نوبل للسلام.
لكنه بسماحه ل 'اسرائيل' بتجدد القتال في 18 مارس 2025 أضاع من يده الأوراق الرابحة لذلك، ليعيد الكرّة على 'اسرائيل' ويضغط عليها قبل إعلان الجائزة بعد أن وفر لها كل ما تحتاجه من الذخيرة العسكرية والغطاء السياسي الأمريكي لاستمرار الحرب على غزة.
وقد ذكر صندوق النقد الدولي أن استمرار الاتفاق سيساعد بلا شك على استقرار المنطقة عالميًا، فيما أكد معهد بروكيغز أن الاتفاق الأخير بين المقاومة و 'اسرائيل' حصل على متابعة سياسية عالية، ما يمكن أن يكون سببًا في تعزيز استمرار الاتفاق وعدم بقاءه كهدة قصيرة الأجل.
كما أن توقف القتال في غزة لم يكن فرصةً سياسيةً لترمب فحسب بل كان فرصة للشعب الفلسطيني في قطاع غزة للحصول على بعض المساعدات، فبحسب تقارير اخبارية أوردت محدودية إدخال المساعدات رغم أساسية بند المساعدات لبقاء الاتفاق قائمًا.
غير أن تجدد القتال يمثل خسارةً لدى طرفي القتال فعلى الصعيد 'الاسرائيلي' تفقد 'اسرائيل' الدعم الدولي لحربها على غزة ما يؤدي لمزيد من (العزلة الدولية، الضغط العالمي على الحكومة 'الاسرائيلية'، التكاليف الأمنية والسياسية الباهظة).
كما يمثل وقف الحرب بشكل نهائي مشكلة لرئيس حكومة الاحتلال 'الاسرائيلي' بنيامين نتنياهو الذي يرى في الحرب مخرجًا سياسيًا له من ملات محاكمته وبقاء حكومته دون سقوط الائتلاف الحاكم بقيادته.
وعلى الصعيد الفلسطيني فإن خوض غمار مواجهة جديدة في ظل ظروف بيئية صعبة جدًا وفقدان لأوراق الضغط المتمثلة بالأسرى 'الاسرائيليين' يضعها ضمن الدائرة الخطر التي تعرضها لتقديم خسائر عسكرية وسياسية وانسانية أكثر.
لماذا يعتبر الاتفاق هشًا إلى حدٍ ما؟
تعتبر مركزية الاتفاق مرهونة بثلاث بنود رئيسة وهي: (نزع سلاح حماس، الانسحاب الاسرائيلي الكامل، دخال المساعدات الانسانية، الضمانات التنفيذية)، غير أن تلك البنود وإن وقعت عليها 'اسرائيل' تبقى محلًا للتساؤل! فهل تقبل حماس بنزع سلاحها؟ وفي المقابل هل تقبل 'اسرائيل' بانسحاب كامل من القطاع وبقاءه مصدر تهديد وجودي لها؟
كما سجلت العديد من الاختراقات 'الاسرائيلية' ضد الشعب الفلسطيني في القطاع حيث قتلت 'اسرائيل' بقذئاف المدفعية أسرة فلسطينية مكونة من 28 شخصًا في حي الزيتون، حيث تعتبر تلك الاختراقات تمهيدًا لخرق الاتفاق.
كما أن التوصل لاتفاق لا يعني انهاء الصراع أو إنهاء التوترات في المنطقة حيث تبقى المنطقة تغلي على صفيح ساخن خصوصًا بعد ترسيخ معادلات الاشتباك الخاصة بوحدة الساحات المقاومة ضد الاحتلال وذلك على الرغم من توجيه الاحتلال ضربة قاسية لحزب الله اللبناني إلا أن إعادة ترميمه ممكنة في ظل استمرار الاتفاق في غزة.
كما أن المتغيرات السياسية والعسكرية وتدخل يران المباشر في المعركة جعل موازين القوى تختلف عما كان قبل السابع من أكتوبر 2023.
الخلاصة:
يعتبر الاتفاق في غزة نافذة أمل للشعب الفلسطيني ليلتقط أنفاسه بعد حرب مدمرة استنرت قرابة العامين ليتم إنقاذ ما يمكن إنقاذه من الأوضاع الانسانية لكن ذلك لا يعتبر ضمانًا للسلام الدائم.
وما اعتادت عليه المنطقة يؤكد ذلك فلا سلام بوجود 'اسرائيل' كجسم يخطط جيرانه من الدول العربية التأقلم معه بواسطة الاعتراف به وبقاء الشعب الفلسطيني منافحًا عن حقه ورافضًا فكرة التعايش مع الاحتلال.
لذا، فإنه من المتوقع بقاء الاتفاق قائمًا على ما هو عليه حال التزام 'اسرائيل' بما تم الاتفاق عليه، ليكون ذلك تمهيدًا لتحول الحوارات إلى مسار سياسي جذري، لكن ذلك لا يمكن البناء عليه دون الالتزام بأبجديات الاتفاق، وإن كانت 'اسرئيل' قد التزمت به لمدة عام فحسب فإنها لا تكون قد التزمت ولا يعد وقفًا مستمرًا للحرب خصوصًا حال بقاءها محتلةً لأجزاء رئيسية من القطاع (المناطق الشرقية كالشجاعية وبيت حانون وبيت لاهيا وغيرها من المناطق)، ليكون ذلك الاتفاق عبارة عن توقف مؤقت لتدحرج كرة الثلج نحو المنطقة بواسطة شعوبها.