اخبار فلسطين
موقع كل يوم -وكالة سوا الإخبارية
نشر بتاريخ: ٢٣ تشرين الثاني ٢٠٢٥
تماماً كما خطته ذات العشرين بنداً لإنهاء الحرب على قطاع غزة ، يضع الرئيس الأميركي دونالد ترامب خطة شبيهة بثمانية وعشرين بنداً لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية بمنطق المنتصر المهزوم وعلى أوكرانيا أن تسلم بأن إقليم الدونباس «جمهوريتي لوغانسك ودونتسيك» والقرم أيضاً كأراضٍ روسية، اتفاق استسلام تقبل خلاله أوكرانيا بهزيمتها وتسلم فيه أراضيها لروسيا.
هذا هو ترامب، لا يزعج نفسه بالتفاصيل، هناك حرب ونتيجة، منتصر ومهزوم، كان على زيلينسكي أن يفهم ذلك مبكراً فالقوة الأوكرانية لدولة غارقة في الفساد لا يمكن أن توازن مع دولة بحجم وقوة روسيا. كان يجب أن يلقي بنصائح كل الذين غرروا ودفعوه للمواجهة وأن يلقي بالكثير من الوهَم قبل أن يصل لهذه اللحظة. ولكن التاريخ كما يحركه الأقوياء، أيضاً يلعب الضعفاء دوراً كبيراً خاصة حين تعوزهم الحكمة وتحل محلها حسابات خاطئة.
الولايات المتحدة لم تطلب من حركة حماس تسليم أراضٍ من هذا القطاع الصغير، كل ما أرادته منها أن تترك حكم القطاع وتسلم أسلحتها. وهذا لا يهم كثيراً أهالي القطاع الذين يقاتلون قبل حكم «حماس» وقبل سلاحها فلم يكن يلزمهم لحرب التحرير الشعبية سوى القليل من الأسلحة التي أرغمت تجربتهم قبل ثلث قرن في الانتفاضة الأولى، وبعض السلاح الخفيف ككمائن لم تستطع إسرائيل تجنب خسائرها فقررت أن تبحث عن حل للوحل الغزاوي آنذاك بالاعتراف بالفلسطينيين كشعب وقيادة فكانت أوسلو التي تعتبر الآن حلماً بعد الكوارث التي حلت بالفلسطينيين.
في غزة، ليس واضحاً كيف ستنتهي الأشياء، فقد سقطت المدينة شر سقطة، وبالتفاصيل لا تبدو الأمور واضحة ولكن بالإستراتيجيات علينا أن نلملم ما تساقط من الرئيس الأميركي الذي لا يخفي سراً عندما لمعت في ذهن تاجر العقار فكرة الريفيرا وهو الذي ت فتح له عواصم عربية أبوابها ليقيم مشاريع وفنادق وأبراجا لشركاته الخاصة فيها والتي سيرث جزءا منها كوشنير زوج إيفانكا المنهمك بمشروع غزة بعد غياب، وكذلك ابنه إيريك الذي يلعب، الآن، دوراً من خلف الستارة في إدارة السياسة الأميركية تمهيداً للترشح لرئاسة الحزب الجمهوري والمنافسة على رئاسة البيت الأبيض الذي يصر ترامب على أن يبقى سيده بكل الطرق وهذه أقربها وأكثرها ضمانة.
بدأ يتضح شيء ما بتقسيم قطاع غزة بين غزة الشرقية التي يسيطر عليها الجيش الإسرائيلي والتي تحيط بالقطاع من جهاته الثلاث وتصادر 53% من مساحته «هذا قبل أن يتحرك الخط الأصفر شرق المدينة في الشجاعية والتفاح والشعف والدرج»، وغرب القطاع وهو الجزء الذي تستعيد به حركة حماس حكمها له ويقل بعد تغيير الخط عن 47%. ويجري الحديث عن إبقاء الوضع بتلك التقسيمة كما تقول صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية التي تركز بشكل أساسي على أخبار التجارة والمال: «الولايات المتحدة تعمل على تعزيز إقامة تجمعات سكنية للفلسطينيين شرق الخط الأصفر» الذي يتم تعديله بما يتناسب والمشروع الأميركي وخصوصاً بعد أن انتهت «حماس» تقريباً من تسليم الأسرى ولم يبقَ لها أي دور تفاوضي.
هو الدهاء الأميركي التجاري الذي هيمن على العالم اقتصادياً. هكذا تبدو المسألة بجعل الخط الأصفر حداً يفصل بين غزتين، واحدة شرقية والثانية غربية، لا الإسرائيلي ولا الأميركي على عجلة من أمره لإعادة هندسة غزة ديمغرافياً فتبدأ عملية إعمار في المنطقة الشرقية أو تلك المحيطة بالمنطقة الغربية، مدن حديثة وبنية تحتية وكهرباء مقابل خرابة تحكمها حركة حماس بلا أي نوع من الخدمات بل تفرض ضرائب لتمويل حكمها طبعاً مع استمرار نزيف الهجرة الطوعية كما السخاء الذي عرضه الرئيس ترامب على الغزيين بأن أعطاهم حق الخروج من غزة، ويعرض على من يتبقى منهم الانتقال إلى المنطقة الحديثة التي سيبدأ العمل بها من رفح التي تم طرد جميع سكانها وهدم جميع بيوتها وتحويلها لصحراء.
بعد تجربة الإبادة والعرض بالانتقال حيث الكهرباء والبنية التحتية والخدمات الصحية والمدارس للأبناء والتي تلعب دوراً في قرار العائلات خوفاً على مستقبل أبنائهم ومصيرهم، وفي مقابل منطقة يتم منع إعمارها لتبقى مجرد خرابة كبيرة بلا شوارع أو خدمات أو تعليم حقيقي أو كهرباء فقد يتواجد بها نظام حكم يعبر عن نفسه بمسألتي الضرائب والأمن الداخلي. وهاتان المسألتان اللتان لم يعد قطاع غزة يتوق لهما نهائياً، لذا من المتوقع أن ينزح الناس نحو المناطق المعمرة بمبرر أنها في غزة وليس خارجها.
وقليلا قليلا، يتم تفريغ المنطقة التي تشكل درة غزة وواجهتها المطلة على أجمل شواطئ الكون، المنطقة الغربية، لتتسلمها الولايات المتحدة وإسرائيل كمجال عقاري لبناء الريفيرا، وبن غفير لبناء مساكن للشرطة على البحر كما قال... ولكن ألا يتطلب ذلك أولاً فشل خطة ترامب؟ فكيف سيبقى القطاع مقسماً إذا ما تم نزع سلاح «حماس» وإنهاء حكمها، ألا يصبح القطاع حينها تحت إدارة واحدة؟ فلماذا التقسيم حينها؟ لضمان الإعمار في المنطقة الشرقية ينبغي أن يتعثر تجريد «حماس» من السلاح وتبقى في الحكم، وهكذا لعب السلاح ذات مرة دوراً في فصل غزة عن الضفة عندما طرد السلطة فإنه مرشح هذه المرة لفصل غزة عن غزة .. يا لمصادفات السياسة .. ومكرها..!
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

























































