اخبار فلسطين
موقع كل يوم -وكـالـة مـعـا الاخـبـارية
نشر بتاريخ: ٨ أيار ٢٠٢٥
رام الله- معا- انطلاقاً من عضويته في الفريق الوطني لتحقيق الهدف 16 من أهداف التنمية المستدامة 2030 والمرتبط بتعزيز السلام والأمن وبناء المؤسسات القوية القائمة ومكافحة الفساد، والذي تعهدت دولة فلسطين بالعمل على تحقيقها؛ استعرض الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة (أمان)، في جلسة خاصة، تقرير الظل الذي أعده حول مستوى التقدم المحرز في تحقيق خمس غايات تتقاطع مع تدابير مكافحة الفساد، مُنطلقاً من مساهمته الطوعية في فحص التحديات التي تعيق تحقيقها، ومقدماً في الوقت ذاته توصياته لتذليلها.
بحضور ممثلين عن مؤسسات عامة، وتغيّب للأمانة العامة لمجلس الوزراء ووزارة العدل اللّذين يقودا جهود دولة فلسطين لتنفيذ الهدف 16؛ افتتح عصام حج حسين، المدير التنفيذي لائتلاف أمان، الجلسة موضحًا أن التقرير يُمثل مساهمة من المجتمع المدني في تقييم مدى التقدم نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة، من خلال تقديم رؤية مستقلة عن التقرير الحكومي، مع التركيز على الهدف 16 المتعلق بالعدل والسلام وبناء مؤسسات قوية، والذي يتقاطع مع قضايا الشفافية والنزاهة ومكافحة الفساد.
اعتماد الاستراتيجية الوطنية للحوكمة ومكافحة الفساد وتشكيل لجنة دائمة للإصلاح الحكومي
استعرضت الباحثة رائدة قنديل أبرز ما ورد في التقرير، مشيرة إلى التطورات الأخيرة في جهود الحكومة الفلسطينية لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد، ومنها اعتماد الاستراتيجية الوطنية للحوكمة ومكافحة الفساد 2025-2030 وتعميمها على الوزارات، إلى جانب تضمين البرنامج الحكومي الحالي خططاً للإصلاح المؤسسي وتوحيد المؤسسات، وتحسين الخدمات، ومكافحة الفساد، حيث تم تشكيل لجنة دائمة للإصلاح الحكومي وإنشاء مكتب خاص يتبع لرئاسة الحكومة.
لم يتم نشر مخرجات تقرير التقييم الوطني لغسل الأموال
تناولت قنديل التقدم المحرز في الغاية 16.4، المتعلقة بالحد من التدفقات المالية غير المشروعة واسترداد الأصول المسروقة، مشيرة إلى إصدار قانون جديد لمكافحة غسل الأموال والإرهاب يتماشى مع المعايير الدولية، واستكمال لوائح تنظيمية داعمة، إلا أن فلسطين لم تنشر مخرجات تقرير التقييم الوطني لغسل الأموال، ولم تنشر بيانات عن استرداد المتحصلات الجرمية في العامين الماضيين، كما لا تزال تفتقر لتشريع خاص ينظم استرداد العائدات الجرمية والتعاون الدولي في هذا المجال.
حسب استطلاعات أمان: الإطار القانوني لا يجرّم الوعد بالرشوة في القطاع الخاص
فيما يخص الغاية 16.5 المتعلقة بالحد من الفساد والرشوة بجميع أشكالها، فقد أشار التقرير لأحدث الاستطلاعات إلى استمرار ظاهرة الواسطة، المحسوبية، اختلاس المال العام، وإساءة الائتمان، وسوء استخدام السلطة. كما أشار إلى أن الإطار القانوني الذي لا يجرّم الوعد بالرشوة في القطاع الخاص، وأن هناك ضعفاً في استقلالية الجهات الرقابية والقضائية، إلى جانب تدخلات خارجية في أعمالها. كما لم يُسجّل أي تقدم في شفافية الأحزاب والحملات الانتخابية، بسبب الاحتلال وضعف رقابة الجهات المختصة على تمويلها.
عدم نشر الوثائق المالية والعقود الموقعة بين الحكومة والقطاع الخاص للجمهور
تناول التقرير أيضا الغاية 16.6 بشأن تطوير مؤسسات فعّالة ومسؤولة، مشيرًا إلى غياب التقدم في سن تشريعات تنظم انتقال كبار المسؤولين بين القطاعين العام والخاص، وعدم إلزامية الإفصاح الدوري عن الذمّة المالية للمسؤولين، والتي تشمل رئيس الدولة ورئيس الوزراء والوزراء وأعضاء المجلس التشريعي والقضاة والنيابة العامة إلا لمرة واحدة عند شغل المنصب، إضافة إلى غياب جهة رقابية مختصة بتدقيق هذه الإقرارات. كما سجلت فلسطين تراجعًا حادًا في نتائج مسح الموازنة المفتوحة لعام 2023، حيث حصلت على علامة 0% في مشاركة الجمهور في إعداد الموازنة، و17% في الرقابة عليها، و8% فقط في مستوى الشفافية، إذ لم تنشر وزارة المالية سوى 3 من أصل 8 وثائق مالية أساسية مخصصة للجمهور.
وفيما يخص الشراء العام، سجل مجلس الشراء الأعلى تقدماً في إدمــاج العديد من مراكــز المســؤولية الحكوميــة والهيئــات المحليــة فــي البوابــة ّالموحـدة للشـراء العـام. بينما لم يسجل تقدماً في استقطاب العمليات الشرائية الخاصة بالعقود الحكومية المتعلقة باستغلال الموارد العامة كالاتصالات والمياه والكهرباء ولم يتمّ نشر عقودها الموقّعة مع القطاع الخاص للجمهور. كما لم تعمل الحكومة على إنجـاز اسـتراتيجية الشـراء الإلكتروني، التـي سـتعزز مـن شـفافية ونزاهـة عمليـات الشـراء العــام للمؤسســات الحكوميــة وهيئــات الحكــم المحلــي.
تراجع ثقة المواطنين بشمولية وشفافية عملية اتخاذ القرار
وقد تناول التقرير الغاية 16.7 المتعلقة باتخاذ قرارات مستجيبة للاحتياجات تشاركية وشاملة، حيث سجلت الحكومة الفلسطينية تقدماً في تعيينات بعض المناصب العليا، إذ أخضعت 12 وظيفة وكيل وزارة للتنافس وفي انتظار تقييم الفاعلية والشفافية والنزاهة في تطبيق الإجراءات، وفي ذات الوقت لم يطل هذا التقدم التعيينات على صعيد المناصب الخاصة كرئاسة المؤسسات غير الوزارية، كما ما لا تزال مشاركة النساء في المناصب القيادية محدودة، حيث لم تتجاوز نسبتهن 18.5% رغم تحسن طفيف في الأعداد. كما أشار التقرير إلى استمرار غياب سياسة مكتوبة تنظم العلاقة بين المجتمع المدني والجهات الرسمية، رغم تكرار الخطاب الرسمي حول الشراكة في إعداد السياسات العامة. وعلى الرغم من بعض الخطوات الإجرائية، مثل إطلاق منصة المشاورات العامة عبر موقع وزارة العدل لطرح مشاريع القوانين للرأي العام، إلا أن المشاركة المجتمعية لا تزال محدودة. كما بيّن التقرير تراجع ثقة المواطنين بشمولية وشفافية عملية اتخاذ القرار.
عدم وجود استراتيجية وطنية لحماية المدافعين عن حقوق الإنسان
فيما يتعلق بالغاية 16.10 المختصة بحماية الحرّيات الأساسية وحقّ الوصول إلى المعلومات، فلم يُقَرّ حتى الآن تشريعاً خاصاً ينظم هذا الحق أو قانوناً للأرشيف الوطني، رغم المطالبات المتكررة. كما تفتقر فلسطين إلى استراتيجية وطنية لحماية المدافعين عن حقوق الإنسان. وسجلت فلسطين تراجعاً لافتاً في مؤشرات الحريات الدولية، إذ حصلت على 22 من 100 في مؤشر 'فريدم هاوس- Freedom House' لعام 2024، واحتلت المرتبة 157 عالمياً في مؤشر حرية الصحافة العالمي الذي تدره منظمة 'مراسلون بلا حدود'.
توصيات ائتلاف أمان
أوصى ائتلاف أمان فيما يخص الغاية 16.4 بضرورة توقيع اتفاقيات ثنائية مع الدول لتبادل المعلومات واسترداد الأموال المنهوبة، مع ضمان استقلالية وفعالية وحدة استرداد الأصول، وإقرار تشريع خاص يعزز التعاون الدولي في هذا المجال.
إضافة إلى توصيته بخصوص الغاية 16.5 الحدّ بدرجة كبيرة من الفساد والرشوة بجميع أشكالها، حيث أوصى أمان بتوسيع نطاق الجرائم الأصلية لغسل الأموال لتشمل المتاجرة بالنفوذ، وإساءة استغلال الوظائف، والتحرش الجنسي في الوظيفة العامة، إضافة إلى تجريم الرشوة في القطاع الخاص، وكذلك تجريم استخدام القوة البدنيـة أو التهديـد أو الترهيـب أو الوعـد بمزايا غـير مسـتحقة أو عرضـــها أو منحهـــا للتحـــريض علـــى الإدلاء بشـــهادة زور أو للتـــدخل في الإدلاء بالشهادة، أو تقـديم الأدلـة في إجـراءات تتعلـق بارتكـاب أفعـال مجرّمـة وفقـاً للاتفاقيـة، سواء بلغ الجاني مقصده أو لم يبلغه، أو التـدخل في ممارسـة أيّ موظـف قضائي أو معنيّ بإنفاذ القانون مهامه الرسمية، بمـا يتوافـق مـع أحكـام الاتفاقيـة.
أما بخصوص الغاية 16.6 التي تقتضي بتطوير مؤسسات فعّالة ومسؤولة على جميع المستويات، فيوصي أمان بتبنّي خطّة وطنية لإصلاح الجهاز القضائي من خلال مراجعة واقع القضاء والنيابة العامة القانوني والمؤسسي، وضرورة وضع نظام/لائحة لتنظيم إجراءات انتقال المسؤولين من القطاع العام (بشكل خاص الوزراء والنوّاب ومأموري الضرائب والجمارك وغيرهم) للعمل في القطاع الخاص، وضرورة قيام جهة مختصة أو قضائية بفحص وتدقيق المعلومات والبيانات التي تتضمنها إقرارات الذمّة المالية، والتوجه نحو علنية الإفصاح للمناصب العليا على الأقلّ ونشرها للعموم، وتفعيل وتعزيز العقوبات على المخالفين سواء الممتنعين عن تقديم الإقرارات، أو غير الملتزمين بمواعيد تقديمها، أو أولئك الذين يقدمون معلومات خاطئة ومغلوطة في الإقرارات، وتوسيع هذه العقوبات لتشمل كافّة المكلّفين.
إضافة إلى الإفصاح عن البيانات المالية التفصيلية، وكذلك استكمال المتطلّبات المؤسساتية الخاصة بتطبيق قانون الشراء العام، والسعي نحو استكمال الحكومة إدمــاج جميــع الجهــات 'مراكــز المســؤولية الحكوميــة والهيئــات المحليــة' فــي البوابــة ّالموحـدة للشـراء العـام، وضرورة استقطاب باقي العمليات الشرائية للانضمام إلى البوابة خاصة العقود الحكومية المتعلقة باستغلال الموارد العامة كالاتصالات والمياه والكهرباء، والعمل على إنجـاز اسـتراتيجية الشـراء الإلكتروني التـي سـتعزز مـن شـفافية ونزاهـة عمليـات الشـراء العــام للمؤسســات الحكوميــة وهيئــات الحكــم المحلــي. ناهيك عن إعداد نظام خاصّ بمتابعة تمويل المرشحين والحملات الانتخابية، يُلزِم المرشّح أو القائمة بفتحِ حساب بنكي تُرصَدُ فيه المبالغُ المخصصة للحملة الانتخابية، وتُصرَفُ منه جميع النفقات، وتُعطى لجنة الانتخابات الحقّ في الاطّلاع على هذا الحساب في أيِّ وقت، مع وضع حدٍّ أقصى للتبرع للمرشح أو القائمة، وإلزام كلّ قائمة أو مرشّح بتقديم بيان حسابي شامل يتضمن المعاملات التي تمت خلال فترة الحملة الانتخابية، ونشرها للجمهور.
كذلك النظـر في اتخـاذ إجـراءات لإسـقاط الأهليّـة عـن الأشـخاص المُـدانين بارتكـاب جـرائم فساد لتولي منصب في منشأة مملوكـة كليـاً أو جزئيـاً للدولـة، واتخاذ تـدابير تتنـاول عواقـب الفسـاد، يمكـن أن تشـمل اعتبـار الفسـاد عـاملاً لإلغـاء أو فسـخ عقـد أو سـحب امتيـاز أو غـير ذلـك مـن الصـكوك المماثلـة.
أما فيما يخص الغاية 16.7، فقد أوصى ائتلاف أمان باعتماد الكوتا النسائية في التعيينات والحقائب الوزارية، وتمكين النساء من تقلد المناصب القيادية، مع ضرورة إخضاع جميع المناصب العليا لمبدأ تكافؤ الفرص. كما دعا إلى تضمين المشاركة المجتمعية في صنع السياسات بالتشريعات، وتطبيق القانون بشكل عادل دون تمييز للحد من مظاهر الفساد.
فيما طالب أمان بخصوص الغاية 16.10 بشأن حماية الحريات الأساسية وحق الوصول إلى المعلومات، بأهمية إلغاء عقوبة الحبس في قضايا النشر واستبدالها بالغرامات، ووقف حجب المواقع دون أمر قضائي، والإسراع في إقرار قانون حق الوصول إلى المعلومات وقانون الأرشيف الوطني. كما شدد على مراجعة قانون الجرائم الإلكترونية لضمان حرية التعبير.
كما شدد التقرير برمّته على ضرورة تعزيز التعاون الدولي، خاصة مع هيئات مكافحة الفساد الأجنبية، وتفعيل قنوات الاتصال مع سلطات إنفاذ القانون الدولية، مع تقديم الدعم لصياغة قوانين التعاون القانوني الدولي. وأكد أهمية التقارير الظلّية والمراجعات الطوعية لرصد التقدم في مكافحة الفساد وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.