اخبار فلسطين
موقع كل يوم -وكالة شهاب للأنباء
نشر بتاريخ: ٢٧ نيسان ٢٠٢٥
تقرير - شهاب
بعد عام وأكثر من نصف العام على التوالي تواصل كتائب الشهيد عز الدين القسام وفصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، الإبداع في طرق وأساليب المقاومة وتطويرها بما يتناسب مع ساحة القتال لكل منطقة، وذلك باستخدام تكتيكات وأدوات جديدة لادارة المعركة مع قوات الاحتلال.
'كمائن الموت' كما تسميها كتائب القسام، وتنشر مشاهد مصورة لجحيمها على جنود الاحتلال، تثبت قدرتها على مراقبة تحركات الاحتلال عن كثب، وتحليل المعلومات وتشكيل تصور دقيق لما يستهدفه جيش الاحتلال، مما يسهم في تنفيذ عمليات كمائن ناجحة، وفق محللين عسكريين.
ومن خلال تلك الكمائن التي تُجندل فيها قوات الاحتلال بين قتيل وجريح وتعلن عنها فصائل المقاومة تظهر قوتها في التحكم بالميدان، وأنها حاضرة بقوة خلال ساحات القتال وهذا ما يثبت كذب الاحتلال الإسرائيلي حول تفكيكه كتائب المقاومة بالقطاع.
كما أجمع محللون إسرائيليون على أن كتائب القسام باتت تعتمد تكتيك الاستنزاف طويل الأمد، بانتظار ما تُسميه 'المعركة الكبرى'، بينما تواصل نصب الكمائن وتوثيق الإصابات بهدف التأثير النفسي والإعلامي.
'كمائن نوعية'
وهذه المرة، كانت مفاجأة كتائب القسام بالكمائن الأخيرة باستخدام الأنفاق، التي أعلن الاحتلال الإسرائيلي مرارًا وتكرارًا عن هدمها وتفجيرها وإغراقها، مما يؤكد على فعالية شبكة الأنفاق رغم القصف والدمار الكبيرين.
ونشرت كتائب القسام، مشاهد مصورة توثق لحظات تنفيذ كمين نوعي أطلقت عليه اسم 'كسر السيف'، استهدف قوة إسرائيلية على خط العودة شرق بلدة بيت حانون شمالي قطاع غزة.
وأظهرت المشاهد، عدداً من عناصر القسام وهم يهاجمون عربة عسكرية إسرائيلية من مسافة صفر، ما أدى إلى انقلابها بمن فيها.
وأمس الأحد، نشرت كتائب القسام مقطع فيديو وثّق استهداف مقاتليها لآليات إسرائيلية في منطقة جبل الصوراني شرق حي التفاح، وأوقعوا أفرادها بين قتيل وجريح، شرقي مدينة غزة. وأظهر الفيديو مشاهد خروج مقاتلي القسام من أحد الأنفاق، حيث هاجموا دبابتين إسرائيليتين بقذائف 'الياسين 105' المضادة للدروع.
والأربعاء الماضي، أعلنت القسام استهداف 3 دبابات من طراز 'ميركافا 4″ بقذائف 'الياسين 105' خلال توغلها شرقي حي التفاح في الساعات الـ24 التي سبقت الاعلان.
وهذه الصور الأولى من نوعها التي تبثها القسام لمعارك غزة، منذ استئناف الاحتلال الإسرائيلي الحرب على قطاع غزة، عقب تنصله من اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، الذي أبرمه مع المقاومة الفلسطينية في يناير/كانون الثاني الماضي.
كما عاد 'المثلث الأحمر المقلوب' لينور الشاشات التي تعرض كمائن الموت وليصبح محور التفاعلات على منصات التواصل الاجتماعي، الذي يرمز إلى تحديد عناصر القسام لأهداف جيش الاحتلال الإسرائيلي أثناء العمليات والكمائن.
المثلث لاقى تفاعلاً واسعًا بين المستخدمين والمغردين على منصات التواصل، معبرين عن اعتزازهم بظهور هذا الرمز مجددا، مشيرين إلى أن ذلك يعكس عودة المقاومة الفلسطينية بقوة إلى الميدان.
'فعالية شبكة الأنفاق'
الخبير العسكري اللواء فايز الدويري، قال إن كمائن كتائب القسام في شمال غزة وشرقها تؤكد فعالية كثير من شبكة الأنفاق رغم القصف والدمار الكبيرين. مضيفًا أنها وقعت ضمن أماكن قال عنها جيش الاحتلال إنها ضمن المنطقة الأمنية العازلة الممتدة على كامل السياج الشمالي والشرقي للقطاع وصولا إلى محور صلاح الدين.
وأوضح الدويري أن مقاتلي القسام خرجوا في كميني حي التفاح شرقي غزة وبيت حانون شمالي القطاع من الأنفاق، مشيرا إلى أن طولها ما بين 400 و550 كيلومترا لا يزال فاعلا من أصل ما بين 550 و775 كيلومترا، وفق تقديرات إحدى مراكز دراسات الحرب.
وأعرب الدويري عن قناعته بأن المقاتلين باتوا في الأنفاق، بعد تفعيل جيش الاحتلال نظام الذكاء الاصطناعي ومراقبته آلاف بصمات الصوت والعيون.
ووفق الخبير العسكري، فإن المقاومة لديها عيون مراقبة تستطلع الميدان وتمرر المعلومات وتعطي الإشارة لقائد المجموعة لإصدار أوامر بالتحرك، وبناء على ذلك تخرج في الوقت المناسب لاستهداف القوات والآليات الإسرائيلية.
وشدد الدويري على أن هذه المناطق دخلها جيش الاحتلال أكثر من مرة منذ بداية الحرب، ولم يفلح في بسط سيطرته عليها، رغم أنها مدمرة وغير مأهولة سكانيا بنسبة تصل إلى 90%.
ونبه إلى إعادة القسام تأهيل كتائبها وبناء قوتها شمالي قطاع غزة بعد نهاية المرحلة الأولى من الحرب، وذلك بدرجات جاهزية مختلفة، وكان من نصيب كتيبة بيت حانون نسبة التأهيل الأعلى.
وفي هذا الإطار، نفى قائد سابق للفيلق الجنوبي بجيش الاحتلال ورئيس الكليات العسكرية سابقا إسحاق بريك، مزاعم جيش الاحتلال الإسرائيلي بالقضاء على مقاتلي المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، مؤكدا أن 'الجيش دمر فعليا أقل من 10% من الأنفاق، خلافا لما قاله في السابق إنه دمر 50% منها'.
'نجاح عملياتي لافت'
كما رصدت وسائل الإعلام العبرية تفاصيل 'كمين بيت حانون' الذي نفذته كتائب القسام شمال قطاع غزة، والذي شكّل ضربة قاسية لجيش الاحتلال الإسرائيلي وأعاد تسليط الضوء على تعقيدات المواجهة الميدانية.
وكشفت صحيفة 'يديعوت أحرنوت' العبرية، نقلًا عن تقديرات أمنية إسرائيلية، أن كتائب القسام نفذت 'كمين بيت حانون' شمال قطاع غزة بطريقة دقيقة ومدروسة، عقب عملية مراقبة موسعة لتحركات الجيش في المنطقة.
وأوضحت الصحيفة أن منفذي الكمين تمكنوا من مهاجمة مركبة عسكرية، مما أدى إلى إصابة عدد من الجنود، قبل أن يستهدفوا قوة الإسناد التي وصلت إلى الموقع، ما تسبب في وقوع 'خسائر كبيرة' في صفوف القوات الإسرائيلية.
وبحسب التقديرات، فإن منفذي الهجوم تمكنوا من الانسحاب بنجاح من موقع الكمين، ما يدل على تخطيط مُحكم ومعرفة دقيقة بجغرافيا المنطقة وتحركات الجيش.
وأبرزت 'يديعوت أحرونوت' أن الكمين نُفذ انطلاقًا من نفق كانت القوات الإسرائيلية قد اكتشفته سابقًا، ما يعكس براعة حماس في استغلال الثغرات الميدانية، وتحويلها إلى نقاط قوة هجومية قبل أن تُدمر.
وأشارت الصحيفة إلى تقديرات أمنية تؤكد أن عناصر القسام نفذوا الكمين بعد عملية مراقبة موسعة لتحركات الجيش، وتمكنوا من الانسحاب من الموقع بعد تنفيذه، ما اعتُبر نجاحًا عملياتيًا لافتًا.
كما لفتت قناة 'كان' العبرية، إلى أن الهجوم وقع بالقرب من الموقع الذي زاره رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الحرب يوآف كاتس الأسبوع الماضي، ما يعزز الإحراج السياسي والعسكري المصاحب للحادثة.
أما المحلل آفي أشكنازي في 'معاريف'، فرأى في الحادثة تجسيدًا واضحًا لعقيدة حرب العصابات التي تتبعها حماس: فخاخ دقيقة، صواريخ مضادة للدروع، وانسحاب عبر الأنفاق.
وأشار إلى أن جيش الاحتلال الإسرائيلي بات يتأهب لمثل هذه السيناريوهات، لكنه يواجه واقعًا ميدانيًا 'معقدًا وهشًا' يصعب التحكم به.
وأوضح أشكنازي أن الحركة تعتمد في تكتيكاتها على نصب الفخاخ، استخدام الصواريخ المضادة للدروع، والانسحاب السريع عبر الأنفاق، في وقت يدرك فيه الجيش الإسرائيلي صعوبة القتال برياً، خاصة في بيئة معقدة ومتغيرة مثل غزة.
وأشار إلى أن حماس تدرك محدودية القوة البرية الإسرائيلية، وتختار التريث بذكاء حتى تحين 'المعركة الكبرى'، بينما تواصل في الوقت الراهن زرع العبوات، تفخيخ الأنفاق، وتنفيذ كمائن مركّبة ضد القوات الميدانية.
وبحسب أشكنازي، فإن مقاتلي حماس لا يكتفون بالاشتباك العسكري، بل يعملون أيضًا على توثيق الإصابات التي يوقعونها في صفوف الجيش بهدف استخدامها في الحرب الإعلامية والدعائية.
وأضاف أن الجيش رغم تأهبه لمثل هذه الأساليب، يعلم أن المعركة البرية في غزة ستبقى هشة وطويلة الأمد، في ظل تفوق المقاومة في معرفة الأرض وتكتيكات التخفي والهجوم السريع.