اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ١٠ أيار ٢٠٢٥
وسط أزمة إنسانية غير مسبوقة، اضطر عدد من سكان مدينة غزة إلى صيد السلاحف البحرية وتناول لحومها، في مشهد يعكس حجم الكارثة الغذائية التي تضرب القطاع نتيجة الحرب والحصار الإسرائيلي المشدد ومنع إدخال الاحتياجات الأساسية.
ومنذ بداية الحرب الإسرائيلية على القطاع في 7 أكتوبر 2023م، عمدت سلطات الاحتلال إلى تشديد الحصار على مختلف مناطق القطاع، ولا سيما مدينة غزة وشمالها، مما أدى إلى انقطاع تام في تدفق المواد الغذائية والطبية، وغياب شبه كامل لمواد أساسية كالدقيق والخبز، وهو ما أسفر عن مجاعة ثانية تهدد حياة السكان بشكل مباشر.
ويروي تامر أبو ريالة، أحد سكان مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة، كيف اصطاد سلحفاة بحرية عندما اقتربت من الشاطئ، قائلاً: 'ألقيت عليها الشبكة وسحبتها إلى اليابسة، ثم قمت بذبحها وسلخها'.
ويضيف أبو ريالة، لصحيفة 'فلسطين': 'أن ذلك كان الخيار الوحيد لإطعام أطفاله الخمسة الجياع في ظل غياب أي نوع من الطعام في المنزل، بما في ذلك الدقيق أو حتى الخضروات الأساسية'.
ويلفت إلى أنه في بداية الأمر يقوم بذبح السلحفاة ومن ثم يزيل القوقعة، ثم يتم تقطيع اللحم، ويغلى، ثم يطهى مع تقطيع بعض البصل وقطع الفلفل.
ويحذر أبو ريالة من أن المجاعة لم تعد خطرًا قادمًا، بل واقعًا يعيشه الناس يوميًا، وأن ما فعله هو نتيجة مباشرة لمنع إدخال الغذاء إلى القطاع، مشيرًا إلى أن منازل غالبية السكان أصبحت خالية من أي طعام.
صراع البقاء
فيما وجد محمد سلامة، أب لثمانية أطفال، نفسه مضطرًا إلى صيد سلحفاة بحرية بعد أن ضاقت به سبل الحصول على الغذاء.
ويصف سلامة طعم لحم السلحفاة بأنه 'مقبول'، مؤكدًا أنه لجأ لذلك ليس لرغبة شخصية، بل كخيار اضطراري للبقاء على قيد الحياة، مشيرًا إلى أنه يتمشى على الشاطئ يوميًا على أمل أن يصادف سلحفاة يمكن أن تكون وجبة لأسرته.
ويشير سلامة إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يساهم بشكل مباشر في تعميق الأزمة، عبر ممارسات مثل تحريك عملاء لسرقة مخازن الأغذية التي تشرف عليها مؤسسات إنسانية، وحتى استهداف مواقع توزيع المساعدات بالقصف المباشر، ما فاقم من حالة الفوضى الغذائية وزاد من معاناة السكان.
بينما يروي نبيل خالد، شاب في منتصف الثلاثينات، تجربته الأولى في تناول لحم السلحفاة، عندما دُعي إلى وجبة لدى صديق له في مخيم الشاطئ، دون أن يعلم مسبقًا بنوع الطعام.
ويقول خالد لـ'فلسطين': 'بعد أن أنهيت طعامي، أخبرني صديقي أنني تناولت لحم سلحفاة بحرية'، مشيرًا إلى أن الطعم كان جيدًا ويشبه إلى حد ما لحم العجل، لافتًا إلى أنه قد يُقدم على تكرار التجربة في حال أتيحت له الفرصة مجددًا.
ويمضي خالد قائلاً: 'إن تناول لحوم السلاحف لم يكن يومًا جزءًا من الثقافة الغذائية لسكان غزة، لكن الظروف الاستثنائية التي يعيشونها دفعت بالكثيرين إلى تجاوز المحظورات والتقاليد، في محاولة للبقاء على قيد الحياة وسط انعدام تام للموارد'.
مجاعة ممنهجة
ويعيش سكان القطاع اليوم تحت واحدة من أقسى أشكال الحصار في العصر الحديث، حيث تغلق سلطات الاحتلال المعابر كافة، وتمنع دخول المواد الغذائية، والمياه، والوقود، وحتى المساعدات الإنسانية، في سياسة وصفها ناشطون بأنها 'تجويع ممنهج' يهدف إلى كسر صمود السكان ودفعهم إلى النزوح جنوبًا، بل وحتى خارج القطاع.
وتحولت المجاعة إلى واقع يومي تعيشه آلاف العائلات الذين يقيمون في خيام بالشوارع، وفي المخيمات، وعلى شواطئ البحر، فالجميع يبحث عن أي مصدر للغذاء، فمع نفاد المواد الأساسية، باتت السلاحف البحرية في بعض الأحيان هي الوجبة الوحيدة المتاحة.
وفي ظل هذا الوضع الكارثي، يوجه سكان غزة نداء استغاثة عاجلًا إلى المجتمع الدولي، والمنظمات الإنسانية، لضرورة التدخل الفوري والضغط على الاحتلال لفتح المعابر وإدخال المواد الأساسية.
ويؤكد عدد من السكان في أحاديث منفصلة لـ'فلسطين' أن استمرار الحصار يعني المزيد من الموت البطيء، وأن صيد السلاحف، رغم قسوته، قد يكون مجرد بداية لمرحلة أكثر ظلمة إذا لم يتحرك العالم لنجدة سكان القطاع.