اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ١ حزيران ٢٠٢٥
*﴿وَإِذ نَتَقنَا الجَبَلَ فَوقَهُم﴾* (الأعراف: 171)
غزة، حيث المحرقة تلتهب والقلوب تنزف، لا تحتاج فقط إلى الصبر، بل إلى سلطانٍ عادل يُعيد ميزان العدل إلى نصابه، يكفّ يدَ العابثين، ويُحيي النور في دروب المكلومين. فمنهج الله في التحفيز بين وعد ووعيد، بين جنةٍ تُحفّز الصالحين ونارٍ تردع الطغاة، هو ما تُبنى عليه حياة الشعوب. فلا تكفي الموعظة وحدها، ولا يكفي التوجيه وحده؛ بل لا بد من يدٍ تُحاسب وتهزّ الأرض تحت أقدام المفسدين. إن غزة، وسط أتون الفوضى، تحتاج إلى وقفة حقّ، إلى سلطان يحميها من العدو ومن خناجر الداخل، حتى تستقيم معركتها، ويُحفظ دمها، وتبقى شعلة الأمل مضيئة في عيون المقهورين. اللهم اجعل لغزة سلطانًا بالحق، وعدلًا بالحق، وقوةً بالحق، فإنك على كل شيء قدير.
التحفيز، من رحمة الله في هذه الدنيا، هو سرّ الحركة والتقدّم، بين عطاء وحزم، بين وعد ووعيد. منهج سماوي نسجت عليه حياة البشر، حيث الجنة درجات، والنار دركات، وفيه النصح والتذكير نورٌ يضيء طريقنا. وفي غزة، حيث المحن تتكاثر والقلوب تصارع الفوضى، تزداد الحاجة إلى سلطان عادل يحمي الحقوق، ويدفع بالسوء بعيدًا، ليبقى الأمل حيًّا، والحياة منظمة بين إيمان وصبر وحزم. فلا يكون الظلم مسموحًا، ولا الفوضى مألوفة، بل تكون غزة في يد سلطانٍ يحميها، ويُحيي فيها النور والأمان وسط لهيب المحرقة.
{وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} (الذاريات: 55) — التحفيز، إيجابيًا وسلبيًا، منهج ربّاني قامت عليه الدنيا، فكانت الجنة والنار، وكانت الجنة درجات، والنار دركات. وهو أيضًا منهج نبوي مستقر. واليوم، في علوم السلوك البشري والإدارة، تقوم النظم على التحفيز لتحسين الأداء وتقديم الأفضل، وتأتي عملية النصح والوعظ مقدمةً للتوجيه نحو السلوك الحسن والأداء الأمثل، وهو أيضًا: {وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ} (العصر: 3)، حتى قال النبي ﷺ: 'الدين النصيحة'.
التحفيز الإيجابي بأدنى درجاته: 'تبسمك في وجه أخيك صدقة'، والثناء والشكر لأصحاب السلوك الحسن جزء أصيل لا ينبغي الغفلة عنه. والنبي ﷺ كان دائمًا يثني على أصحاب السلوك الإيجابي والأداء العالي، يذكرهم بأسمائهم، حتى حُفِظ الخير باسم أهله. بينما في التحفيز السلبي لا يُذكر الاسم، وإنما يُنهى عن الفعل: 'ما بال أقوام...'.
لكن، لا التوجيه ولا النصح يعالجان الأمور دائمًا، ولا يستقيم الأمر بهما وحدهما؛ فتأتي العقوبة كتحفيز سلبي، وهي جزء من عملية التحفيز، حيث إن 'الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن'. فالنار عقوبة وتحفيز سلبي، وصاحب الإدارة عليه أن يتقن استخدام السلطان للتحسين وفرض الأداء الأمثل ومحاسبة التجاوز، بل حتى معالجته بالتلويح بالعقوبة: {وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ} (الأعراف: 171).
وفي أيام وليالي محرقة غزة القاسية، سادت الفوضى في كثير من المناطق، وتعرضت محلات وبيوت وممتلكات للسرقة جهارًا نهارًا، بل بيعت المسروقات أمام أعين أصحابها. والأمر يقتضي إشارة واضحة من السلطان لحماية ممتلكات الناس الذين يتعرضون للإبادة الجماعية والمحرقة، فلا ينقصهم مزيدٌ من الحسرة والحزن والفوضى.
ربما عاد السلطان بعد مدة طويلة في بعض المناطق، ولكن ليس بالشكل الكافي والكامل. المطلوب اليوم هو استقرار البيئة الداخلية بمحاسبة وملاحقة الذين ينشرون الفوضى والسرقة في مجتمع غزة الصابر المكلوم، كي تستقيم المعركة في وجه العدو الخارجي، ولا ينكسر الداخل.
ويبقى الأمل معقودًا بالله ثم بأهل غزة، أن ينهضوا بنفوسهم وبنظامهم، ليكونوا جند الحق والصبر، وأن يُحيي الله فيهم سلطانًا عادلًا يحفظ الحقوق، ويردع الظلم، ويصون الأرض والبشر، فإن الله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.