خطر جفاف العيون: تداعياته على الصحة البصريّة والفئات الأكثر عُرضة!

يُعد جفاف العيون من المشاكل الصحية التي تُؤثر بشكل كبير في جودة الحياة اليومية، وهو من الأمراض الشائعة التي تؤثر في العديد من الأشخاص حول العالم. يحدث جفاف العيون عندما لا تستطيع العيون إنتاج الكمية الكافية من الدموع أو عندما لا تعمل الدموع بشكل صحيح. ويؤدي هذا إلى شعور غير مريح في العينين، مع العديد من الأعراض المزعجة التي قد تتراوح من الحكة والاحمرار إلى مشاكل أكبر تتعلق بالرؤية.

يحدث جفاف العيون نتيجة لعدة أسباب محتملة تتراوح من العوامل البيئية إلى الحالات الطبية. أحد الأسباب الرئيسية هو عدم كفاية إنتاج الدموع. تتكون الدموع من مكونات متعددة مثل الماء والزيوت والمخاط والبروتينات، وكل منها له دور حيوي في الحفاظ على رطوبة العين وحمايتها. عندما يكون هناك نقص في أحد هذه المكونات أو عندما تصبح الغدد المسؤولة عن إنتاج الدموع غير فعالة، يظهر جفاف العين. كما أن الدموع قد لا تستمر لفترة كافية على سطح العين بسبب تبخرها السريع، مما يؤدي إلى جفاف العين.

العوامل البيئية مثل الهواء الجاف، التلوث، والرياح يمكن أن تساهم أيضًا في جفاف العيون. بالإضافة إلى ذلك، فإن استخدام الشاشات الإلكترونية لفترات طويلة، مثل الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر، يقلل من معدل رمش العين وبالتالي يتسبب بجفاف العين بسبب نقص الرطوبة. كما أن التقدم في العمر، وبخاصة بعد سن الأربعين، يمكن أن يؤدي إلى تقليل إنتاج الدموع لدى بعض الأفراد.

هذا وتتراوح تداعيات جفاف العيون من أعراض بسيطة إلى تأثيرات مزمنة قد تضر بالصحة البصرية. بدايةً، يعاني المصابون بجفاف العين من إحساس مزعج مثل الحرقان، الحكة، أو الشعور بوجود جسم غريب في العين. وقد يصاحب ذلك احمرار العين وزيادة الإفرازات المخاطية. في الحالات الأكثر تطوراً، قد يتسبب جفاف العين بتشويش الرؤية أو الشعور بالتعب البصري بسرعة بعد استخدام الشاشات لفترات طويلة.

إذا تركت الحالة دون علاج، يمكن أن تتطور إلى مضاعفات أكثر خطورة مثل التهابات العين أو تقرحات القرنية. وتعد القرنية من الأجزاء الحساسة في العين، وإذا أصابها التلف بسبب جفاف العين المزمن، قد يؤدي ذلك إلى فقدان دائم للرؤية في الحالات الشديدة. وبالتالي، يصبح جفاف العيون مشكلة صحية قد تؤثر في الحياة اليومية للفرد بشكل كبير، خاصةً في الأنشطة التي تتطلب تركيزاً بصرياً مثل القيادة أو القراءة.

هناك عدة فئات من الأشخاص الذين يكونون أكثر عرضة للإصابة بجفاف العيون، وتتضمن هذه الفئات أولئك الذين يعانون من ظروف صحية معينة أو أولئك الذين يتعرضون لعوامل بيئية تؤثر سلبًا في عيونهم. على سبيل المثال، النساء بعد سن اليأس يكونون أكثر عرضة للإصابة بجفاف العيون بسبب التغيرات الهرمونية التي تؤثر في إنتاج الدموع. كما أن الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة مثل السكري أو التهاب المفاصل الروماتويدي هم أيضًا أكثر عرضة لهذه الحالة بسبب تأثير هذه الأمراض في الغدد المسؤولة عن إنتاج الدموع.

أيضًا، الأشخاص الذين يقضون فترات طويلة في بيئات تحتوي على هواء جاف أو ملوث، مثل العمل في المكاتب المكيفة أو في المناطق الجافة، هم أكثر عرضة للإصابة. كما أن استخدام العدسات اللاصقة لفترات طويلة يزيد من خطر جفاف العين، حيث إنها يمكن أن تحد من كمية الأوكسجين التي تصل إلى سطح العين وتسبب تهيجًا.

لحسن الحظ، يمكن الوقاية من جفاف العيون أو تخفيف أعراضه بشكل كبير إذا تم تشخيصه في الوقت المناسب. من أبرز طرق الوقاية استخدام مرطبات العيون بشكل منتظم، خاصةً إذا كان الشخص يعيش في بيئة جافة أو يعمل لفترات طويلة أمام الشاشات. من المهم أيضًا أخذ فترات راحة منتظمة عند استخدام الأجهزة الإلكترونية والقيام بحركات رمش العين بانتظام لتوزيع الدموع على سطح العين.

بالنسبة للعلاج، يمكن أن يتراوح من استخدام القطرات المرطبة التي تعيد الرطوبة للعين، إلى العلاجات الأكثر تطوراً مثل الأدوية التي تحفز إنتاج الدموع أو إجراءات طبية مثل سد القنوات الدمعية لمنع الدموع من التبخر بسرعة. في الحالات المتقدمة، قد يحتاج المصاب إلى علاج أو جراحة لتحسين حالة العين.