كيف يبدو مسار الصراع بين الحوثيين وإسرائيل؟ (تقرير خاص)

مع استمرار الإبادة الجماعية التي يشنها العدوان الإسرائيلي في قطاع غزة، تتواصل المواجهة بين تل أبيب والحوثيين، وسط تهديدات متبادلة بمزيد من التصعيد.

ومنذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، يشن الحوثيون هجمات بصواريخ ومسيّرات على الاحتلال الإسرائيلي، ويشددون على أنها تأتي 'مساندة أخوية من اليمن لقطاع غزة في مواجهة العدوان الإسرائيلي'. بينما بدأت الغارات الإسرائيلية على اليمن في يوليو/تموز 2024، وتسببت بدمار هائل في مرافق حيوية، بينها موانئ الحديدة الثلاثة ومطار صنعاء الدولي.

وكان آخر الهجمات الإسرائيلية على اليمن يوم الثلاثاء الماضي ، إذ تم استهداف ميناء الحديدة الحيوي على البحر الأحمر بغارتين، بينما أعلنت حينها إسرائيل قصفها ميناء الحديدة من سفن حربية لأول مرة.

ويأتي استخدام إسرائيل السفن الحربية بدلًا من الطائرات بعد نحو أسبوع من تصريح رئيس المجلس السياسي الأعلى للحوثيين، مهدي المشاط، للمرة الأولى بأن قوات الجماعة 'ستتمكن من التعامل مع الطائرات الإسرائيلية المعادية بدون أي ضرر في الملاحة الجوية والبحرية'.

وقال المشاط في تصريح مؤخرًا: 'ستأتيكم قريبًا إن شاء الله أخبارًا سارة عن طائرات العدو الصهيوني المستخدمة في العدوان على بلدنا، ودفاعاتنا الجوية ستجعل فخر طائرات العدو الصهيوني في الأيام القادمة مصدرًا للسخرية'.

ومساء الثلاثاء، توعّد المشاط بالرد على إسرائيل بضربات فعالة وحيوية من اتجاهات مختلفة.

وأضاف في تصريح نشرته وكالة أنباء (سبأ) التابعة للجماعة أن 'ضرباتنا ستكون مدروسة تبقي لقواتنا الأفضلية والسيطرة على مسرح المواجهة'.

وأردف المسؤول الحوثي محذرًا: 'لسلامة سفارات الدول القريبة من أهداف مشروعة لقواتنا في يافا المحتلة، عليها إلزام حكومة العدو بإبعادها مسافة كافية لأمنها، وإذا لم تستجب حكومة العدو لأي سفارة بهذا الطلب ننصحها بالإغلاق والمغادرة حتى لا يعرضها العدو للخطر'، وهو موقف لافت لم يعلن سابقًا من الجماعة.

ومع هذه التكتيكات العسكرية الجديدة، ثمة تكهنات تثار حول مدى وجود تحول في مسار المواجهة بين إسرائيل وجماعة الحوثي ومستقبل هذا التصعيد.

خيار عسكري متاح

الباحث في الشؤون العسكرية علي الذهب، يقرأ هذا التحول معتقدا أن إسرائيل لجأت إلى استخدام القوة البحرية على الموانئ اليمنية في الحديدة كخيار عسكري متاح، مفضلة إياه على الضربات الجوية.

وفي تصريح للمهرية نت، أوضح الذهب أن 'هذا الخيار يحقق لإسرائيل بعض المزايا التكتيكية، وهو في الوقت نفسه تكتيك هجومي جديد في المواجهة المتبادلة مع الحوثيين'.

وفي تقييمه لإمكانات الحوثيين 'لا يتصور الذهب أن لديهم القدرة على مجاراة إسرائيل'، مشيرًا في الوقت ذاته إلى محدودية تأثير هجمات الجماعة على إسرائيل سواء بالصواريخ أو الطائرات المسيرة'.

ووصف ما يحدث حاليًا بأنه 'تبادل مهام بين صنفين من القوات أو الأسلحة، وهي الجوية والبحرية، في منطقة أعالي البحار بالبحر الأحمر'، لافتًا إلى أن هذا يخفف الأعباء عن القوات الجوية، ويحقق مزايا كبيرة من حيث الزمن والتكلفة، والمرونة في التموضع بالقرب من السواحل اليمنية، سواء بتموضع القوات البحرية الإسرائيلية في الجزر أو على القطع البحرية الإسرائيلية في أعالي البحار.

وأشار الذهب إلى أن هذه القوات البحرية تمتلك 'إمكانيات كبيرة للتخفي، وجمع المعلومات وتبادلها مع مختلف القوات ومع الأصدقاء، فضلًا عن أنظمة اتصالاتها القوية'.

ونبه إلى أن 'إسرائيل ليست وحيدة في مواجهة الحوثيين، بل تواجههم أيضًا دول أخرى، وقد يكون هناك دعم وتدريب، وربما عمل عسكري مشترك مع الولايات المتحدة الأمريكية'.

وحول مدى قدرة الحوثيين على إسقاط طائرات حربية إسرائيلية أو تطوير دفاعاتهم الجوية، اعتبر الذهب أن 'هذه الإمكانية، حتى لو امتلكوها، فإن هناك وسائل متعددة للتخلص من هذه الدفاعات أو التهرب منها، وقدرة إسرائيل في هذا المجال كبيرة'.

وأردف: 'نحن أمام حرب غير متكافئة، وهذا هو الواقع في كل الحروب، ومهما امتلكت أي دولة إمكانيات دفاعية كبيرة، فإن الطيران المهاجم، خاصة الإسرائيلي والأمريكي، متفوق في التضليل، والضرب من علو، والتأثير على وسائل الدفاع بأنظمة رادارية، وإسقاط وضرب الأهداف'.

وجود تغييرات استراتيجية في المسار

ويوضح الصحفي حمدان البكاري أن:' دخول القوات البحرية الإسرائيلية على خط الصراع لأول مرة، يشير إلى وجود تغييرات استراتيجية في مسار المواجهة، وفي طبيعة المناطق العسكرية المستهدفة، بما يعكس محاولة لفرض ضغوط قوية قد تؤثر على توازن القوى في المنطقة'.

وأضاف لـ'المهرية نت'. أن:' هذا التطور يضع المنطقة في حالة توتر دائم، و يعززه التواجد الإسرائيلي المتزايد في المياه الإقليمية'.

ولفت إلى أن' إسرائيل تسعى من خلال هجماتها البحرية إلى إيصال رسالة واضحة مفادها أن أي اعتداء عليها أو على مصالح حلفائها لن يمر دون رد'.

وأردف'كما أن إسرائيل تؤكد من خلال هذه الهجمات مدى استعدادها لاتخاذ خطوات حادة للتصدي لأي تهديد'.

وحول الرسائل التي يسعى الحوثيون إلى إيصالها من خلال استمرار تهديداتهم، يقول البكاري إنها تمثل 'تأكيداً على مدى جاهزيتهم لمواجهة أي عدوان خارجي، وأن لديهم القدرة على استخدام إمكانيات عسكرية متطورة مثل الطيران المسيّر والصواريخ الانشطارية المقدمة من إيران'.

وتابع 'كما قد يتجه الحوثيون نحو تصعيد الصراع باعتبارهم جبهة محورية تتبع محور المقاومة، بهدف الضغط على إسرائيل، من خلال استهداف مناطق في البحر الأحمر، وتوسيع نطاق الهجمات داخل الأراضي الإسرائيلية، خاصة مع استمرار استهداف إيران'.

ورجّح البكاري أن 'يتصاعد الصراع بين الطرفين، ما قد يؤدي إلى تغييرات استراتيجية في أساليب المواجهة، وقد ينعكس ذلك على استقرار المنطقة بأكملها، في حال غياب جهود دبلوماسية حقيقية للتهدئة'.