اخبار لبنان
موقع كل يوم -نداء الوطن
نشر بتاريخ: ٢٥ نيسان ٢٠٢٥
تقدم ملف التعويضات لجرحى الحرب المدنيين واجهة الأحداث، إذ لم يتم التعويض عليهم من أحد بعد، لا من الدولة ولا من الأحزاب نفسها، وكأن ما حصل قبل سنوات يتكرر، حيث تُرك جرحى الحرب المدنيون لمصير مجهول، يتخبطون في واقعهم المؤلم، ويجدون صعوبة في توفير الطبابة، فبطاقة «معوق» لا تصرف في أي من المستشفيات.
مرّ عمار سرحان بصعوبات كثيرة، وجد نفسه وحيداً يصارع واقعه القاسي.
كان صغيراً حين انفجر به لغم من مخلفات الاحتلال الإسرائيلي بعيد التحرير عام 2000، بترت ساقه اليسرى، ومعه بترت كل أحلامه.
لم يكن جريحاً محظوظاً، فلم يحظَ بالدعم المالي والمعنوي، ولم توفر له الطبابة المجانية. «غير المحزب»، بحسب تعبير سرحان، فـ «لا يحظى بشيء، بل يترك لوحده يقارع مصيره».
خلف بسطته الصغيرة لبيع البطاطا، يجلس عمار على كرسيه، يضع قربه عصاه التي يتوكأ عليها، وينشغل في تحضير البطاطا، علّ حظه يسعفه فيبيع القليل، ليفرح قلب أولاده الخمسة.
يتحدث سرحان، ابن بلدة كفرتبنيت، عن واقعه الصعب، ومعاناته في تأمين فرصة عمل له، تقلّب كثيراً بين تربية الدجاج، الذي خسره في الحرب، وبين بيع الفشار، حتى رسى به الأمر عند عربة البطاطا، أو كما يسميها «مشروعي الصغير، فأسعى من خلاله ليكبر ويصبح محلاً أوفر عبره كل متطلبات الحياة».
يحمل حبة بطاطا يدوّرها كمن يدوّر حياته الصعبة، ويقول: «لم أجد يوماً دعماً، أنا كجريح حرب فقدت ساقي، لم أحظَ براتب وبطبابة، حتى الطرف الاصطناعي كنت أجد صعوبة في تبديله، في كل مرة كنت أصل إلى حد اليأس، ثم استجمع قواي وأقرر مواجهة الحياة».
يجسد سرحان صورة عن كثير من جرحى الحرب المدنيين، وجدوا أنفسهم بلا شيء.
قبل شهر تقريباً، قرر سرحان أن يفتح بسطته في سوق النبطية، علّه يوفر أبسط مقومات الحياة، ويمضي قائلاً: «بسطة البطاطا المقرمشة غير متوفرة وجديدة على المنطقة، لذا، ظننت أنها ستكون ملاذي الآمن للحياة، غير أن آثار الحرب وتداعياتها ما زالت ماثلة في كل مكان».
يتحدى إعاقته، يحمل غالونات الزيت، يأتي بالبطاطا وكل عدته المطلوبة، يجهز كل شيء، حتى أنه يلتقط الصور لعمله وينشرها على صفحته الافتراضية علّه يحظى بالدعم، غير أنه يقول: «الدعم لا يكون إلا للمدعومين، أما المعوق الذي يكافح ليعيش، فيتمّ تجاهله».
يواصل عمار كفاحه في هذه الحياة، يبذل قصارى جهده لينجح، ليعمل ويوفر الطعام والتعليم لأولاده، لا يفكر بشيء آخر. يعز عليه أن يهمش في بلده، وأن يهمش غير المحزب، «شو صعب أنك ما تحصل على شي».
يفرح بما يقوم به رغم كل صعوبته، غير أنه يبكي حين يعود للمنزل ولا يملك قرشاً واحداً، ما يريد تحقيقه هو نمو عمله وحصوله على الدعم، أضاف: «أريد أن أحصّل قوت يومي لا أكثر، هذا ما اريده، خسرت دعم الدولة وأطمح إلى دعم الناس».