اخبار لبنان
موقع كل يوم -الهديل
نشر بتاريخ: ٢٥ أب ٢٠٢٥
خاص الهديل….
مع الحديث عن الزيارة المرتقبة لوفد سوري رفيع المستوى إلى لبنان، يبدو أن ملف الموقوفين السوريين في السجون اللبنانية سيحتل سلم الأولويات بين بيروت ودمشق. فزيارة وفد دار الفتوى الأخيرة إلى دمشق وطلب الرئيس السوري أحمد الشرع منهم الضغط على السلطات اللبنانية للإفراج عن السجناء أعادت هذا الملف إلى واجهة المشهد، قبل أن تأتي وفاة أحد الموقوفين السوريين المصاب بمرض عضال لتضاعف منسوب التوتر وتسلط الضوء على التعقيدات القانونية والسياسية التي تحيط بالقضية.
المصادر المطلعة تكشف أنّ عدد هؤلاء السجناء يقارب الألفي شخص، بينهم نحو 800 مدان في ملفات مرتبطة بالإرهاب، ما يجعل أي تسوية لهذا الملف أمراً بالغ الحساسية؛ إذ يرتبط بشكل وثيق بقضية الموقوفين الإسلاميين اللبنانيين منذ أحداث الضنية ونهر البارد، كما أنّ الاتفاقيات القضائية بين لبنان وسوريا تمنع عملياً تسليم من ارتكب جرائم على الأراضي اللبنانية.
وعلى الرغم من هذه التعقيدات، لا تتراجع دمشق عن موقفها؛ فاستعادة السجناء جزء من معركة تثبيت شرعية النظام الجديد داخلياً، خصوصاً أن بعضهم كان عناصر قيادية في تنظيمات إسلامية. إضافة إلى ذلك، تطالب سوريا بتسليم شخصيات مقربة من النظام السابق لجأت إلى مناطق لبنانية محسوبة على نفوذ 'حزب الله'، بزعم تورطها في شبكات فساد وأنشطة معادية للدولة.
في المقابل، يضع لبنان ملف النازحين السوريين في مقدمة أولوياته، في ظل أزمة اقتصادية واجتماعية خانقة. وتصر بيروت على ربط أي علاقات مع دمشق بآلية واضحة لعودة النازحين، مع الاستعانة بالضغط الدولي والسعودي لإقناع الحكومة السورية بالالتزام بجدول زمني محدد.
وتبرز السعودية كلاعب إقليمي يسعى لإدارة مقايضة متوازنة بين الملفات، عبر رعاية معالجة ملف السجناء السوريين من جهة، ودفع مسار عودة النازحين وتهيئة الظروف لإعادة الإعمار داخل سوريا من جهة أخرى. وقد بدأت مؤشرات هذه المقاربة بالظهور عملياً، من خلال نقل مكاتب بعض المنظمات الدولية من لبنان إلى الداخل السوري، في خطوة تؤكد انتهاء مرحلة الطوارئ للنازحين وتركيز الجهود على الاستثمار وإعادة الإعمار.
في المحصلة، لا يقتصر ملف الموقوفين السوريين على كونه قضية إنسانية أو قضائية فحسب، بل يمثل عقدة سياسية وأمنية تتقاطع عندها مصالح لبنان، حسابات سوريا، وأدوار القوى الإقليمية. وما بين ضغط دمشق واستعجال بيروت ورعاية الرياض، يبقى الطريق إلى حل هذه المعضلة صعباً، وربما مرهوناً بتسويات أكبر تُرسم للمنطقة. فهل ستُحل هذه المعضلة مع الزيارة المرتقبة للوفد السوري إلى لبنان نهاية هذا الأسبوع؟