اخبار لبنان
موقع كل يوم -هنا لبنان
نشر بتاريخ: ٢٦ أب ٢٠٢٥
كما في كلّ مرة، يُطلق الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم، مواقف تصطدم بمرتكزات الدولة وسيادتها، وتُقابَل بردود فعل فورية ومتوقّعة، رافضةً لتجاهل القوانين ومحاولات فرض معادلات خارج إطار الشرعية.
خطابه الأخير لم يخرج عن هذا السياق، بل جاء بنبرةٍ تصعيديةٍ واضحةٍ، وصف فيها قرار الحكومة بحصر السلاح بيد الدولة بأنّه 'خطيئة'، متوعّدًا برفض تسليم سلاح الحزب، ومُهدّدًا ضمنًا بأن 'أكثر من نصف الشعب اللبناني' يقف خلف هذا الخيار.
'مثير للشفقة'
وفي الردّ الأبرز اليوم، أعلنت نائبة المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس بعد انتهاء اللقاء مع رئيس مجلس النواب نبيه بري وردًّا على سؤال 'هنا لبنان' عن خطاب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم يوم أمس: 'هو مثير للشفقة'.
شكوى ضدّ نعيم قاسم غدًا
في سياقٍ متصلٍ، استقبل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في الديمان، وفدًا من 'حركة التغيير' برئاسة المحامي إيلي محفوض وعضوية بسام خضر آغا، ورشا أحمد صادق، وكلود الحايك، وشفيق بدر، وشربل غصوب، وميشال محفوض. وتمّ عرض للأوضاع العامّة في لبنان.
وأشار محفوض إلى أنّ 'غدًا الأربعاء سنحضر مع بعض النواب وبعض الشخصيات الحزبية والسياسية، أمام النيابة العامة التمييزية في بيروت لتقديم شكوى ضد الأمين العام لميليشيا 'حزب الله' الشيخ نعيم قاسم كما وعدنا اللبنانيين الأسبوع الفائت، ونأمل انطلاقًا من هذه الشكوى أن يكون القضاء هو الفيصل ليحكم بالعدل وبالإنصاف'.
'القوات' لقاسم: بسبب حزبك دخلت إسرائيل إلى لبنان
كما صدر عن الدائرة الإعلامية في حزب 'القوات اللبنانية' بيان، أشار إلى أنّ 'الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم قدّم مطالعةً سياسيةً تتناقض جذريًا مع الدستور اللبناني والمفاهيم الوطنية والسيادية البديهية، ومن الضروري التوقّف أمام بعض مواقفه لدحضها من أساسها'.
أضاف البيان: 'فقد دعا الشيخ نعيم الحكومة إلى عقد جلساتٍ لمناقشة كيفيّة استعادة السيادة، فيما القرارات التي اتخذتها الحكومة في 5 و7 آب فتحت بالفعل الطريق أمام استعادة السيادة المنتهكة من سلاح 'حزب الله' الذي صادر قرار الدولة الاستراتيجي، ومنع قيام دولة فعلية، وجرّ لبنان إلى الحروب انطلاقًا من مصالحه ومصالح إيران'.
ويظنّ الشيخ نعيم أنّه بتركيزه على شعار 'السيادة' قادر على تحوير المعاني وإيهام اللبنانيين بأنّ حزبه يدافع عن السيادة، فيما مفهوم السيادة واضح وبديهي وهو أنّ الدولة تحتكر وحدها القوة والقرار، وبالتالي من ينتهك السيادة اللبنانية هو 'حزب الله'، وبسببه دخلت إسرائيل إلى لبنان وانتهكت سيادته، وما قررته الحكومة في 5 و7 آب هو الخطوة الأولى على طريق استعادة السيادة'.
وتابع: 'وزعم الشيخ نعيم 'أنّه لولا المقاومة لوصلت إسرائيل إلى العاصمة بيروت'، بينما الحقيقة أنّه لولا 'حزب الله' لما دخلت إسرائيل إلى لبنان في تموز 2006، ولولاه لما عادت ودخلت إلى لبنان على إثر إعلانه حرب الإسناد، ولولاه لكانت اتفاقية الهدنة التي نصّ عليها اتفاق الطائف تحكم العلاقة بين البلدين، ولكانت إسرائيل وقفت عند الحدود الدولية المعترف بها في لبنان'.
وقال إنّ معركة 'فجر الجرود' هي النموذج عن العلاقة بين الجيش وما يسمّى المقاومة، فيما النموذج الحقيقي هو في فكّ ارتباط الذراع الإيرانية عن ظهر الجيش اللبناني، الذي يحظى بثقة جميع اللبنانيين، ويمتلك قدرات تفوق بأضعاف قدرات ما يسمّى بالمقاومة، التي لم تكن يومًا نصيرًا للجيش، بل كانت دومًا فصيلًا من الحرس الثوري الإيراني، ولا تريد للجيش اللبناني دورًا، ولا للدولة اللبنانية قيامة.
وتساءل الشيخ نعيم: 'ما هو البديل عندكم إنْ لم تستمر المقاومة، هل هو الاستسلام لإسرائيل؟'، والحقيقة أن من سلّم لبنان لإسرائيل هو هذه المقاومة بالذات التي أدخلتها مرارًا إلى لبنان، ومنحتها الحقّ بالسيطرة العسكرية واستهداف عناصر الحزب ومواقعه متى شاءت، ومن سلّم لبنان لإسرائيل هو من ادّعى ويدّعي قدرته على مواجهتها، فيما الواقع يثبت عكس ذلك، لأنه هو الذي دمّر لبنان وهجّر شعبه'.
واتهم قاسم الحكومة 'باتخاذها القرار الخطيئة بتجريد المقاومة من سلاحها، فيما الحقيقة أنّ أوضح وأشرف قرار اتخذته الحكومة هو بنزع السلاح غير الشرعي، الذي أبقى لبنان في السنوات الثلاثين الأخيرة ساحة فوضى وحروب وموت ودمار وخراب'.
وادّعى قاسم أنّ 'القرار الحكومي غير ميثاقي، واتُّخذ تحت الإملاءات الأميركية والإسرائيلية'، ويبدو من الثابت أن الشيخ نعيم يجهل معنى الميثاقية التي هي بين المسيحيين والمسلمين، والحكومة اتخذت قرارها بتوافق أكثرية وزارية من المسيحيين والمسلمين. أمّا ما يسميه إملاءات فليس سوى تطبيق صريح للدستور الذي انقلب عليه 'حزب الله' منذ 35 عامًا'.
وتحدّى الشيخ نعيم الحكومة بقوله: 'السلاح الذي أعزّنا لن نتخلّى عنه، ومن يريد أن ينزع السلاح سيرى بأسنا'. لكن الحكومة اتخذت قرارها، والقرار سينفّذ، وتنفيذه يشكّل مصلحةً للبنان وجميع اللبنانيين، وعندما تحضر الدولة ينتفي ويسقط أي بأس آخر.
وأعلن رفضه مبدأ الخطوة مقابل خطوة، وكأنّه هو الدولة وصاحب القرار، فيما الحكومة وحدها هي صاحبة الحق في الموافقة أو الرفض.
وهذا غيض من فيض مواقفه المتناقضة جذريًا مع مصلحة لبنان العليا وتشكل استمرارًا للاعتداء الإيراني على السيادة اللبنانية، ولا تكفّ مرجعيته الإيرانية عن التدخل في شؤون لبنان، وآخرها ما صدر عن مسؤول التنسيق في فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني(أيرج مسجدي بأنّ ما يسمى 'المقاومة وسلاحها خط أحمر لن يُمسّ'، لكنّ الخط الأحمر الحقيقي هو لبنان، والممنوع هو أن تمسّ إيران هذا الخط. عليها أن تهتم بشؤونها، فيما لبنان أدرى بشؤونه'.