اخبار لبنان
موقع كل يوم -جريدة الأخبار
نشر بتاريخ: ٨ نيسان ٢٠٢٥
كشفت شركة Colossal Biosciences المتخصصة في الهندسة الوراثية، أمس الإثنين، عن نجاحها في إعادة إحياء نوع منقرض من الذئاب الضخمة، يُعرف باسم «الذئب الرهيب» (Dire Wolf)، بعد نحو 12,500 عام من انقراضه.
ويشكّل هذا الإعلان نقطة تحوّل غير مسبوقة في مشاريع «إحياء الأنواع المنقرضة»، عبر استخدام الحمض النووي القديم وتقنيات التعديل الجيني والاستنساخ.
وأعلنت الشركة، التي تتخذ من دالاس الأميركية مقرّاً لها، عن ولادة ثلاثة جراء من نوع «الذئاب الرهيبة»، أطلقت عليهم أسماء «رومولوس» و«ريموس» و«خاليسي»، وهم يعيشون حالياً في محمية طبيعية تبلغ مساحتها عشرين كيلومتراً مربعاً، في موقع لم يُكشف عنه، ويخضع لحراسة مشددة ومراقبة دائمة من كاميرات وطائرات مسيرة.
وتلفت الشركة إلى أن الذئاب الجديدة تحمل الصفات الجينية والسلوكية الأساسية لنوع «الذئب الرهيب»، الذي كان من أشرس الحيوانات المفترسة في أميركا الشمالية قبل آلاف السنين. ويُعرف هذا النوع بجسمه الأكبر من الذئب الرمادي، وفكه الأقوى، وفرائه الكثيف.
استند المشروع إلى استخراج الحمض النووي من جمجمة تعود إلى 72 ألف عام وسِنّ عمرها 13 ألف عام، بعد أن عُثر عليهما في مواقع متفرقة في أميركا الشمالية. ثم أُعيد بناء الجينات الكاملة لنوع Aenocyon Dirus، وهو الاسم العلمي للذئاب الرهيبة، ومقارنته بجينات «الذئاب الرمادية» والثعالب و«الذئاب الذهبية».
اعتمد العلماء بعد ذلك على تعديل 14 جيناً رئيسياً في خلايا «ذئب رمادي»، مستخدمين تقنية «كريسبر» لتعديل الحمض النووي، ثم استنسخوا الخلايا الأكثر وعداً وحقنوها في بويضات زُرِعت داخل كلاب محلية كبيرة الحجم تعمل كأمهات بديلة. وأسفرت العملية عن ولادة جروين ذكرين في 1 تشرين الأول (أكتوبر) 2024، وجرو أنثى في 30 كانون الثاني (يناير) 2025.
اعتبر الرئيس التنفيذي للشركة، بن لام، أنّ هذا الإنجاز يمثل لحظة تاريخية في علوم الأحياء، ويمهد الطريق لإحياء أنواع أخرى منقرضة، مضيفاً أنّ العمل على المشروع بقي بصمت على مدى سنوات، إلا أنّ الكشف عنه الآن حصل لأنّه تحوّل إلى «حقيقة».
واقتبس لام مقولة آرثر كلارك الشهيرة: «أي تكنولوجيا متقدمة بما فيه الكفاية لا يمكن تمييزها عن السحر»، في إشارة إلى ما وصفه بـ«السحر العلمي» الذي تعمل عليه الشركة.
من جانبه، أبدى الكاتب جورج مارتن، مؤلف سلسلة «أغنية الجليد والنار» التي اقتُبست منها سلسلة «صراع العروش» الشهيرة، إعجابه بالمشروع، مشيراً إلى أن «الذئاب الرهيبة» كانت جزءاً حقيقياً من التاريخ الطبيعي لأميركا، وليست مجرد مخلوقات أسطورية.
جمعت شركة «كولوسال»، التي أسسها لام بالتعاون مع عالم الوراثة الشهير جورج تشرش في عام 2021، تمويلاً تجاوز 435 مليون دولار، علماً أنّها تعمل على مشاريع أخرى لإعادة «الماموث الصوفي» و«طائر الدودو» و«نمر تسمانيا»، لكن مشروع الذئاب يُعد أول تجربة ناجحة كاملة، بحسب بيان الشركة.
وتأمل «كولوسال» أن تسهم هذه التقنيات في دعم جهود الحفاظ على الأنواع المهددة بالانقراض، كما إنّها كشفت عن استخدامها لنفس الأساليب في استنساخ نوعين من «الذئاب الحمراء»، وهي من أكثر الأنواع المهددة حالياً.
رغم الإشادة العلمية الواسعة، أثار المشروع تساؤلات أخلاقية حول استخدام الكلاب كأمهات بديلة، وجدوى إنفاق ملايين الدولارات في إحياء كائنات منقرضة، في حين تواجه البيئة الحالية أزمات حادة تهدد الأنواع الحية.
في هذا السياق، أشار أستاذ الفلسفة البيئية في جامعة مونتانا، كريستوفر بريستون، إلى أن الشركة أبدت التزاماً برعاية الحيوان عبر استخدام منشآت واسعة ومراقبة دقيقة، لكنه تساءل عن إمكانية دمج هذه الذئاب في النظم البيئية الطبيعية، مستغرباً كيفية إعادة دمج «الذئاب الرهيبة»، في حين أنّهم يكافحون للحفاظ على «الذئب الرمادي» في ظلّ المعارضة السياسية.
يرى بعض العلماء أن المشروع لا يمثل إعادة إحياء كاملة «للذئب الرهيب»، بل هو أقرب إلى استعادة «الصفات الظاهرية» لهذا النوع، وليس تطابق جينات مطابقاً بنسبة 100%. ومع ذلك، يشير الباحثون إلى أن هذه الجراء الثلاثة تشبه بشكل كبير نظيراتها المنقرضة، في شكل الجسم والفراء وحتى السلوك.
وبينما تستمر الأسئلة الفلسفية والأخلاقية والعلمية حول ما إذا كانت هذه الكائنات تُعد بالفعل «ذئاباً رهيبة» أو مجرد نسخ هجينة، فإن المؤكد أن العلم بدأ يقترب من إعادة كتابة فصول الطبيعة المنقرضة، ليس فقط في المختبر، بل ربما في البراري يوماً ما.