اخبار لبنان
موقع كل يوم -نداء الوطن
نشر بتاريخ: ٢١ شباط ٢٠٢٥
جلستان يتيمتان عقدهما مجلس الوزراء حتى اليوم، على الرغم من تشكيل الحكومة منذ الثامن من الشهر الجاري. كانت العادة تجري على انعقاد اجتماعات الحكومة مرة كل أسبوع، وغالباً يوم الأربعاء. أي أنّ الحكومة فوّتت جلسة من أصل 3 أيّام أربعاء مرّت منذ التشكيل إلى اليوم.
تكشف أوساط مجلس الوزراء لـ 'نداء الوطن' أنّ الحكومة تنتظر نيلها الثقة من البرلمان الأسبوع المقبل، لتنطلق بعد ذلك في عملها الجدّي المتواصل. رئيس الحكومة نواف سلام يتأبّط الدستور أينما ذَهَب. ينهل منه الأفكار ويحاجج بمواده وفقراته جميع محاوريه. الرئيس سلام يعمل كأي قاضٍ By the book..
وعليه، ننتظر موعد نيل الحكومة الثقة من البرلمان، لمعرفة أين ستعقد حكومة سلام اجتماعاتها: هل سيلتزم الرئيس سلام بالدستور، فيطالب بتطبيق الفقرة الخامسة من المادة 65 من 'الطائف'، أم يسير على منوال الحكومات السابقة، فيعقد جلسات حكومته مرة في السراي، ومرة في القصر الرئاسي في بعبدا؟
تتحدث المادة 65 في فقرتها الخامسة عن مكان اجتماع مجلس الوزراء، فتقول: 'يجتمع مجلس الوزراء دورياً في مقر خاص ويترأس رئيس الجمهورية جلساته عندما يحضر'. هذا المقرّ الخاص الذي كان يقع في منطقة المتحف (خلف مبنى المتحف الوطني) جرى التخلّي عنه قبل سنوات، إذ حوّلته حكومة الرئيس نجيب ميقاتي إلى مقرّ لمديرية الجريدة الرسمية.
ولمن يذكر، فإنّ الدرج في ذاك المقرّ، شَهد على الكثير من السجالات السياسية، وارتسمت عليه ملامح سياسية جمّة لرؤساء جمهورية وحكومات متعاقبة، عبّرت لصحافيين كُثُر عن أجواء الجلسات قبل الدخول وبعد الخروج.
آخر حكومة اجتمعت في هذا المقرّ كانت حكومة الرئيس رفيق الحريري قبل اغتياله في 14 شباط 2005 في ظلّ حكم الرئيس إميل لحود. انتهت ولاية لحود فأكملت حكومة الرئيس فؤاد السنيورة عقد جلساتها في السراي الحكومي، نتيجة الخوف من تنقّل الوزراء في ظلّ موجة الاغتيالات التي طالت أركان الحكومة، ثم بعد ذلك نتيجة حصار 'حزب اللّه' لها قبيل السابع من أيار 2008... ثم مذّاك لم تنعقد جلسات كل الحكومات التي تعاقبت في ذاك المقرّ الخاص.
اليوم زال هذا الخطر. تغيّرت الظروف السياسية وعاد لبنان إلى مرحلة ما قبل 'اتفاق الدوحة'. وعليه، يُفترض أن تعود الحكومة إلى الاجتماع في 'المقر الخاص' الذي لم يتحدّث عنه المشرّع في اتفاق الطائف عن عبث أو من باب التَرَف الجغرافي.
قد يسأل سائل: هل الوقت مناسب للتحدث عن تلك التفاصيل السخيفة؟ الجواب: نعم، قد يبدو الأمر سخيفاً في نظر البعض إلّا أنّ هذا المقرّ شديد الأهمية، وأهميّته تكمن في التالي:
1. المقرّ الخاص يحفظ حقّ رئيس الجمهورية في حضور أيّ جلسة من جلسات المجلس ساعة يشاء. هذه الميزة تمنحه صلاحية انتقاء الجلسات بعد الاطلاع على جدول الأعمال. وبذلك تسقط حسابات الشكوك حول تأجيل الملفات الدسمة والشائكة لجلسات السراي التي لا يحضرها الرئيس للضرورات البروتوكولية (لا يمكن للرئيس أن يحضر إلى السراي).
2. المقرّ الخاص يحفظ هيبة 'مجلس الوزراء' (مجتمعاً) الذي أناطه 'اتفاق الطائف' مسؤولية السلطة الإجرائية، باعتباره السلطة التي تخضع لها القوات المسلحة، وتضع السياسة العامة للدولة في جميع المجالات ومشاريع القوانين والمراسيم التنظيمية. وبناء على ذلك، فلا بدّ من الحفاظ على تلك الصلاحية التي تحفظ بدورها مكانة رئيس الحكومة وصلاحياته بوصفه المتكلم باسم الحكومة، والمسؤول عن تنفيذ السياسة العامة التي يضعها مجلس الوزراء.
3. المقرّ الخاص يقي من الكيد والمناكفات بين الرئاستين (رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة) خصوصاً إن كانتا غير متجانستين سياسياً. فالرئيس الحالي جوزاف عون مُتعاون ومُدرك لأهمية دور الرئيس بوصفه حكماً بين اللبنانيين. كما أنّ الرئيس نواف سلام يعتبر نفسه رئيس 'حكومة مَهمّة' وظيفتها الإصلاح وإعادة البلاد إلى سكة النمو والازدهار. لكن من الذي يضمن وصول رؤساء مقبلين متجانسين، وما الذي يمنع أن يكونا من 'قماشة' سياسية مختلفة؟
لعلّ هذا الافتراض هو تحديداً ما دفع بالمشرّع في 'الطائف' إلى التأكيد على ذكر مكان اجتماعات الحكومة في ذاك المقرّ الخاص. فهل يعيد سلام اجتماعات الحكومة إليه؟