اخبار لبنان
موقع كل يوم -جريدة الأنباء
نشر بتاريخ: ٣٠ أيار ٢٠٢٥
بيروت ـ بولين فاضل
فكرة يلتقي حولها جميع المسؤولين اللبنانيين والخبراء الاقتصاديين، وهي استحالة نهوض لبنان اقتصاديا دون عودة الثقة بقطاعه المصرفي. وطريق العودة واحد وهو إعادة ما تبقى من الودائع المحتجزة في المصارف إلى أصحابها بعد مرور 5 سنوات على أكبر أزمة مالية عرفها لبنان في تاريخه.
ومقابل الإجماع على هذه الفكرة، ثمة إقرار من المسؤولين اللبنانيين الحاليين بأن هذا الملف شائك وصعب جدا، لكن الأمل غير مفقود بإمكان إيجاد حل لهذه الأزمة بدءا بصغار المودعين الذين تبين أنهم يشكلون 85 بالمئة من مجمل المودعين.
ويقول تصنيف وزارة المالية إن هذه الفئة تملك 100 ألف دولار وما دون، والأولوية هي لإعادة أموالها قبل الانتقال إلى الفئة الثانية التي تملك من 100 ألف حتى مليون دولار، وصولا إلى الفئة الثالثة التي تملك مليون دولار وما فوق.
ومن دون وضع أزمة الودائع على سكة الحل ومعرفة آلية حلها والوقت الذي ستستغرقه عملية إعادة الحقوق لأصحابها ستظل البيوت مخبأ الأموال طالما النهاية الصادمة لتجربة الثقة بالمصارف كانت تبدد جني العمر.
ورغم ذلك، ثمة رأي قائل بأن أزمة الودائع ستراوح مكانها لأن هذا الوضع يناسب المصارف، وهذا ما رد عليه الكاتب والخبير الاقتصادي أنطوان فرح في حديث إلى «الأنباء» بالقول إن «استمرار الوضع على ما هو عليه اليوم لا يناسب المصارف أبدا، بل على العكس الحل السريع هو ما يناسبها كي تعود إلى العمل الطبيعي والتوسع من جديد».
وأعطى مثالا على ذلك بأن «المصارف أمام فرصة العودة إلى السوق السورية والقيام باستثمارات واعدة في المرحلة المقبلة، وهي فرصة لا يمكن استغلالها والمصارف في وضعها الحالي بالرغم من وجود فروع لها أو مساهمات كبيرة لها في سورية».
وتابع فرح: «المصارف في السنوات الخمس الماضية افتقرت إلى المداخيل، وكل سنة كانت تمر من دون حل كانت تزداد فيها خسائرها، لذا هي أكثر قطاع متحمس لإيجاد حل، ويكفي أن كل القطاع الخاص قد تعافى جزئيا على الأقل ما عدا القطاع المصرفي».
في هذا الوقت يعكف حاكم مصرف لبنان كريم سعيد على وضع رؤية شاملة للأزمة المالية والنقدية تمهيدا لتقديمها إلى الحكومة، علما أن الحاكم ليس مسؤولا عن اقتراح القوانين وإنما يقدم المشورة إلى الحكومة ويلتزم تطبيق القوانين بعد إقرارها من قبل المجلس النيابي.
وفي هذا الإطار، كشف الخبير أنطوان فرح عن أن «رؤية الحاكم سعيد أو بالأحرى الحل الذي يعتبره عمليا يعتمد على تقليص حجم الفجوة المالية بحيث تصبح ربما 50 مليار دولار بدلا من 85 مليارا، لأنه في ضوء الدراسة التصنيفية التي أجريت للودائع يتبين مثلا أن هناك جزءا غير شرعي أو أن أصحاب ودائع استفادوا من دعم بطريقة غير شرعية أو من منصة صيرفة بطريقة ملتبسة».
وأضاف «هذا التصنيف للودائع سيقود إلى تقليصها وتخفيف ما هو مطلوب سواء من الدولة في اتجاه مصرف لبنان، أو من مصرف لبنان في اتجاه المصارف، أو من المصارف في اتجاه المودعين».
وعن طريقة تسديد الودائع، كشف فرح عن أن «الودائع التي هي ما دون 100 ألف دولار ستدفع سريعا، على أن تستكمل عملية الدفع عن طريق التعاميم التي قد يرتفع سقفها حتى ألف دولار في الشهر وربما أكثر بقليل. أما الودائع المتراوحة بين 100 الف ومليون دولار، فستدفع في مرحلة ثانية وبأسلوب مختلف عن أسلوب دفع الفئة الأولى، فيما الودائع التي تفوق المليون دولار سيكون لها تدبير خاص لتسديدها مثل الـ bail-in (كأسهم في المصرف) وأمور أخرى».
قبل العاشر من يونيو يفترض أن يكتمل المجلس المركزي لمصرف لبنان، لاسيما بتعيين نواب الحاكم الأربعة، قبل أن نشهد انعطافة إستراتيجية في السياسة النقدية. وإذا كان كل زوار الحاكم الجديد يخرجون متفائلين لحرصه على عدم التفريط بحقوق الناس وودائعهم، فإنه في المقابل ثمة من يستعير المثل الشعبي الشائع في لبنان ويردد: «لا تقول فول حتى يصير في المكيول».